تتداول وسائل الإعلام العربية بشتى أطيافها إبان الفترة الراهنة والمصاحبة لأحداث مصر التاريخية مصطلحاً لغوياً شعبياً عامياً درج استعمالاته في اللهجة المصرية ولطالما ألفناه كثيرا في سينما مصر وعبر قنواتها الفضائية حيث لفت انتباهي خلال مرافقتي لزوجي الخميس المنصرم في رحلة سفر خارج المملكة ومنذ أن كنا في بيتنا وفي السيارة والمطعم وفي مقهى المطار تردد مصطلح «البلطجة» و «البلطجية» أكثر من عشر مرات مابين التلفاز وراديو السيارة وصحف المطار مما أثار حفيظتي لأن أتناقش وزوجي كاتب القصص والمهووس في معرفة ما وراء المفردات حول ذلك المصطلح وعن دور الشعوب في تسيس بعض الألفاظ العربية وتوظيفها مع الأيام في الأدب والإعلام ونتاجات المؤلفين. صرنا نبحث وبشغف عن معنى «البلطجة» عبر محرك البحث العنكبوتي العالمي وتعددت المعاني وما يتعلق بها من مترادفات ومشتقات الأصل، حيث أشار البعض إلى أن «البلطجة» معناها في الاستخدام الشائع: فرض الرأي بالقوة والسيطرة على الآخرين، وإرهابهم والتنكيل بهم. وهي لفظ دارج في العامية وليس له أصل في العربية، ويعود أصله إلى اللغة التركية، ويتكون من مقطعين: «بلطة» و «جي»؛ أي حامل البلطة، و «البلطة» كما هو معروف أداة للقطع والذبح.والبلطجة في الاصطلاح هي استعمال القوة لاستغلال موارد الآخرين بهدف تحقيق مصلحة خاصة؛ وهي نابعة من احتياج صاحب القوة -فردا أو مجتمعا أو دولة- لموارد ومواهب وقدرات الآخرين لتوظيفها بطريقة نفعية. وهنا يتضح وبصورة فاعلة دور الشُّعوب وشرائح الأمة في إشاعة ثقافة المجتمعات المحلية عبر تصدير اللغة المحلية أو اللهجة المحكية الدارجة.ومنها شطحت بنا الذاكرة على مفردة «العلوج» قبل سنوات والتي ارتبطت بوزير الإعلام العراقي السابق «محمد سعيد الصحاف» مما حدا بالبعض إلى البحث عن معنى اللفظة وعن أصلها وتاريخها وتوظيفها أدبيا ودراميا. وهنا يتضح وبصورة فاعلة دور الشُّعوب وشرائح الأمة في إشاعة ثقافة المجتمعات المحلية عبر تصدير اللغة المحلية أو اللهجة المحكية الدارجة من دون استشعار بحقيقة ذلك. ومن ذلك على طبقة المثقفين ومعاشر الكتاب الالتفاتة إلى تلك الظاهرة اللغوية الفاعلة والانتباه إلى ضرورة توظيفها فيما يخدم اللغة وآدابها بمختلف الألسن وتعدد اللهجات.