أكد مختصون في قطاع العمل والتوظيف أن ضعف السعودة في محلات البيع بالتجزئة وخدمات السيارات والانشطة التجارية الصغيرة يعود الى غياب استراتيجية وطنية لمعالجة البطالة بشكل يتناسب مع القطاعات المختلفة وانواعها بدلاً من تحديد نسب السعودة في القطاع الخاص دون مراعاة للاحتياجات الحقيقية للقطاع والفرد. وذهب المختصون الى أبعد من ذلك ان بعض الشركات والمؤسسات مارست السعودة الوهمية لوجود تعارض كبير بين نظام السعودة وحاجات القطاع الخاص على الواقع . فيما قال عاطلون إن مشاكل التمويل وطول فترة العمل وضعف الرواتب أبرز الاسباب التي تمنعهم من الانخراط في العمل ببعض المهن . من جهته حمّل مدير الشؤون القانونية في وزارة العمل سابقاً محمد سليمان الدويش نظام السعودة الحالي مسؤولية غياب السعوديين عن محلات البيع بالتجزئة وخدمات السيارات بالاضافة الى غياب استراتيجية وطنية واضحة تدعم توظيف المواطنين في الكثير من القطاعات. واوضح الدويش أن رفع نسب السعودة في بعض القطاعات مقابل قلتها في قطاعات اخرى ساهم في استمرار ارتفاع اعداد العاطلين عن العمل. مؤكداً في الوقت ذاته ان فرض نسب السعودة على القطاع الخاص حور وظائف السعوديين على تلك النسب الى اعمال ادارية بمسميات مختلفة مما خلق توظيفا وهميا في بعض القطاعات. وعن اقتصار السعودة الى حد كبير في أسواق الخضار والحراسات الامنية دون سواهما قال الدويش لايجب أن يتوقف الامر عند هذه القطاعات بل يجب اعادة النظر في التوظيف الحقيقي لقطاعات كثيرة منها المصارف والتأمين والمحلات التجارية الصغيرة والخدمات. مشيراً الى أن افضل الطرق لعمل المواطن في هذه المهن هو دعمه كمالك وليس كموظف من خلال برامج دعم حكومي مثل تمكين الشباب بقروض ميسرة من تملك بقالة او محلات سباكة أو كهرباء وبناشر ومغاسل سيارات وغيرها لوجود تكدس اجنبي مهول في هذه المهن. ولفت الدويش إلى أن تنفيذ مثل تلك البرامج سيحل الكثير من مشكلات البطالة وسيخفف من اعباء استقدام العمالة التي تعج بها الاسواق . وبين الدويش ان فتح المجال بالبرامج الداعمة لتملك السعوديين المرتبط بدراسات الجدوى سيغري الكثير من الشباب بالاستمرار في العمل التجاري لارتفاع الدخل مقارنة بالوظيفة داخل المنشآت برواتب متدنية. مقترحاً وضع استراتيجية وطنية عاجلة من وزارات العمل والتجارة والمالية والجهات ذات العلاقة لدراسة السوق وأعداد العاطلين وتمليك الشباب مشاريع خاصة بهم في مختلف القطاعات. محمد سليمان الدويش من جهته قال خبير في شؤون التوظيف فهد العتيبي ان الشواهد كثيرة على نجاح الشباب في العمل مثل ماحدث مع شركة ارامكو قبل عشرات السنين عندما وظفت الكثير من غير المتعلمين ودربتهم وعلمتهم حتى اصبحوا يقودون الادارات فالاغلبية في تأسيس الشركة تلقوا تعليمهم في جامعات كبرى بعد التوظيف . مشدداً على أن وجود الراتب المناسب والامتيازات الاخرى مثل السكن والعلاج والبدلات ستجبر الموظف أيا كان على الاستمرار في العمل . وأكد العتيبي ان غياب السعودة في الكثير من القطاعات بسبب الرواتب الضعيفة والمخجلة في احيان كثيرة على حد وصفه متسائلا كيف لشاب ان يتزوج ويكوّن أسرة ويعيش بالحد الادنى براتب 4000 ريال فأقل؟! فالحياة اصحبت ذات متطلبات اكبر . لافتاً الى ان الانظمة قبل 20 او 30 عاما لاتتناسب مع الحاجة الفعلية اليوم خاصة فيما يتعلق بالرواتب . وفي السياق ذاته انتقد الشاب سالم بن محمد "عاطل عن العمل" سعودة اسواق الخضار رافضاً تسميتها سعودة لان الشباب بادروا بالعمل في اسواق الخضار دون دعم مؤكداً ان العمل في الخضار لايتعدى كونه تسويقا غير احترافي مشيراً الى ان سطوة الاجانب على السوق مستمرة خاصة من الجنسيات الاسيوية. وعن سعودة التأمين قال ابن محمد ان العمل في شركات التامين براتب 1500 ريال للموظف الجديد لايمكن بهذا المبلغ ان تتحقق الطموحات . وعن غياب التوظيف في محلات السباكة والكهرباء والخدمات يعود الى الراتب وساعات العمل فالمواطن المرتبط بأسرة لايمكن ان يعمل 18 ساعة كالاجنبي لظروف اسرية, الاجنبي مغترب يملك هذا الفارق ويقبل بالف والف وخمس مائة لانها تعني الكثير في بلاده. وقال عاطل آخر عبدالله سالم ان المخططين للتوظيف لايراعون الواقع الفعلي لاحتياجات الشباب والوظائف. مؤكداً ان الكثير من الشركات لديها موظفون اجانب برواتب عالية على وظائف ادارية رغم وجود سعوديين يملكون نفس الخبرات والمؤهلات . مشيراً الى ان مقولة الشباب لايرغبون بالعمل ليست صحيحة مطالباً بوظائف للسعوديين على درجة تراعي الواجبات الاسرية وبرواتب جيدة تساهم في حياة كريمة للشاب السعودي.