الأوامر الملكية التي صدرت بمناسبة عودة الملك عبدالله من رحلته العلاجية الاربعاء الفائت؛ والتي تهدف إلى تحسين الأوضاع المعيشية والاقتصادية للمواطنين كانت سخية فيما تم تخصيصه من مبالغ لرفع ميزانيات المرافق المختلفة لتصب في النهاية لرفع المخصصات والمرتبات وتسهيل الوصول إلى حلول للعديد من الصعوبات التي تواجه المواطن في تلبية احتياجاته اليومية للعيش الكريم من تعليم وعمل وسكن ومأكل وملبس. والمهم الآن أن لا تتأخر هذه الأوامر والعمل الجاد لتسخير هذه الإمكانات الضخمة لوضع الحلول الناجعة للأزمات المعيشية المختلفة. ومن بين الأوامر الملكية الكريمة العديدة أريد التركيز على الأمر الخاص بدعم ميزانية الهيئة العامة للإسكان بمبلغ مقداره 15 مليار ريال والتأكيد على الهيئة بالإسراع في ترسية مشاريع الإسكان ورفع تقرير شهري حول سير العمل للديوان الملكي للعرض على المقام السامي. فحسب آخر دراسات وإحصائيات الهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض فإن نصف المواطنين تقريباً مازالوا يسكنون بيوتاً بالإيجار حيث تبلغ نسبة تملك المسكن إلى حوالي 56% فقط من مجمل المواطنيين. وأن متوسط تكلفة الأراضي السكنية يقدر بنحو الف ريال لكل متر مربع، وتأثير ارتفاع تكلفة الأراضي السكنية في تكلفة الحصول على المسكن وامتلاكه، حيث أظهرت دراسات الهيئة أيضاً أن قيمة الأرض تشكل في المتوسط قرابة نصف تكلفة المسكن المستقل الصغير من نوع الفيلات. وأرجعت دراسات الهيئة أيضا أسباب تراجع الاستثمار في الإسكان إلى أن ارتفاع أسعار الأراضي، كان السبب الأول للحد من التوجه إلى الاستثمار في قطاع الإسكان، فيما تمثل السبب الثاني في ضعف القوة الشرائية لدى الأسر، وعدم توافر التمويل الميسر لشراء المساكن، وأتى ارتفاع أسعار مواد البناء في المرتبة الثالثة، فيما حلّت تنظيمات البناء واشتراطاته وعدم مرونتها في الترتيب الرابع، أما السبب الخامس فيرجع إلى التأخر في إقرار مشروع الرهن العقاري وتطبيقه. كما تمَّ اعتبار نقص العمالة المدرَّبة وارتفاع أجورها في الخانة السادسة للترتيب، فيما جاء نقص قطع الأراضي السكنية المخدومة في المرتبة السابعة، أما صعوبة تحصيل الإيجارات السكنية فقد حلَّت في المرتبة الثامنة بوصفها سببا للإحجام عن الاستثمار في قطاع الإسكان، وجاءت تأثيرات الأزمة الاقتصادية العالمية وصعوبة توفير السيولة المالية أو الحصول على التمويل لتقع في الترتيب التاسع للأسباب، وحلت إغراءات الاستثمار في القطاعات الأخرى في آخر القائمة. وأشارت نتائج الدراسة نفسها إلى أن متوسط تكلفة تنفيذ المباني السكنية في الرياض، يصل إلى نحو 1,120 ريالا للمتر المربع. يتضح من هذه الدراسة أننا نعاني من أزمة سكنية ثقيلة، وبعد هذا الدعم السخي بالأمر الملكي لم يعد للهيئة العامة للإسكان أي عذر في تأخير ترسية المشاريع السكنية والحل النهائي لهذه الأزمة!!