يتجه بعض المواطنين إلى الزواج من الخارج ك"حل مؤقت" أحياناً لنزوات تسبق الوعي بمراحل، وأحياناً أخرى "حل دائم" دون أن تتوافر فيه شروط التكافؤ في العمر والفكر، وفي كلتا الحالتين نتوقع أن تكون النهاية (غالباً) الفشل، وليس ذلك فقط، وإنما ما يترتب على هذا الفشل من معاناة الأمهات والأطفال، وغيابهم عن وطنهم لسنوات طويلة. الأرقام تشير إلى أن هناك قرابة الثلاثة آلاف أسرة سعودية – تصل إلى خمسة في تقديرات أخرى غير مؤكدة- تعيش في الخارج، وهو رقم يصعد وينزل وفق تقديرات إحصائية، كما تشير هذه الأرقام أيضاً إلى أن السعوديين أنفقوا على الزواج من الخارج مبلغ(500 مليون ريال)؛ بواقع 30 ألف زواج، وهي نسبة كبيرة، كذلك الأرقام نفسها تقول إن 70% من السعوديين المقيمين في الخارج هم نتاج الزواج المختلط، وفي العام الماضي وحده هناك 5800 مواطن تقدموا رسمياً للحصول على تصريح رسمي بالزواج من غير سعوديات، ولكن الذين تزوجوا بلا تصريح يشكلون ضعف هذا الرقم. وللأسف فإن ما نورده هنا في أرقام هو في الحقيقة "خلاصة معاناة" نفوس وأرواح من لحم ودم يعيشون ويتنفسون ويحتاجون ويكرهون ويغضبون ويحقدون، وهي عميقة بتأثيراتها الاجتماعية والنفسية الناجمة عن اختلاف البيئات والعادات والتقاليد في كثير من الحالات، وهي مخيفة بنتائجها التي انسحبت على صورة السعودي في الخارج؛ خاصة أولئك الذين استهانوا بقدسية الزواج واعتبروه وسيلة متعة شخصية عابرة، متناسين أن كل مواطن هو سفير وصورة لبلاده، وأن سلوك شخص واحد في أي مجتمع خارجي يجير فوراً على شعب بأكمله؛ فلا يقال فلان أخطأ أو غدر أو نكث ونكص على عقبيه، وإنما يقال السعوديون يفعلون كذا والسعوديون لا يلتزمون بكذا!. في هذا "التحقيق الموحد" نطوف بكم في مختلف زوايا هذا الموضوع الشائك، نتابع معكم جهودا رسمية لاحتواء الأخطاء، وجهودا أهلية لترقيع الثوب البالي، ونسمعكم صوت بنات بعض السعوديين الذين لا يعرفون بلدهم، ونتعرف معكم على التبعات النفسية والاجتماعية للزواج بدون وعي للتداعيات المستقبلية، وكلنا أمل بإسراع الجهات التشريعية بوضع الأنظمة المنظمة لهذا الأمر؛ والتي سوف تحد كثيراً من استهتار بعض المغامرين من أبناء الوطن الذين لا يعنيهم صورة الوطن مقابل إرضاء شهواتهم!.