جربت في مرحلة من حياتي ممارسة (الصمت) الطويل.. أو (السكوت الذي يقولون إنه (من ذهب)..! الواقع أنني لم أجد فيه ذهباً ولا فضة.! ما أضاف السكوت إلى إنسانيتي وحريتي في التعبير عن مشاعري ميدالية ذهبية ولا فضية.. ولا حتى غطاء من أغطية المشروبات الغازية المعدنية، التي كانوا يضحكون بها من طفولتنا البريئة لتنظيف جيوبنا أولاً بأول..! إنها لعبة قديمة اسمها (شختك بختك).. طورها العالمون ببواطن الأمور وظهورها إلى ماسجات، ومساهمات، تلتهم المدخرات، وتحلِّي بعد ذلك بما تيسر - أو تعسر - من المرتبات! ما لنا ولهؤلاء وأولئك؟! فهيهات أن يصلح (العطار ما أفسده (الشطار) يا صاحبي.! عودوا بنا إلى (الفضفضة) وتوسيع الصدر وخلافه، فما أضر بنا في هذا الزمان إلاّ المسكوت عنه.! الكلمة كائن حي يموت من فمه كالسمكة.. والسكوت، حينما تحتدم الرغبة في البوح، قهر وأسر.. والأسر أقسى ما يمكن أن يواجهه الإنسان.! * * * ما أجمل أن تتفاعل مع الآخر. تبحر إليه بسلاسة وانسيابية.. كما زورق على صفحة الماء.. تعبر عن أحاسيسك ببساطة وتلقائية.. إنها الكلمات.. ذلك الجدول الرقيق الذي ينساب ببريق.. يداعب العشب ويلاعبه.. «يهدهد» ولا يهدد.. يغسل أقدام الأشجار ولا يقتلعها.. يصقل وجه الحياة ولا يغير ملامحها..! ما أقسى أن يعتقل (سياج الأسنان) لسان الإنسان في لحظة احتياجه للبوح..! لو وجد النرجس جماله في عيوننا ما انشغل عنا بالمرآة، ولأصغى حينها لحديث الروح والوجدان.. ومن حق النرجس أن يعيد ويزيد.. ويلف الشريط مرات ومرات.. ليستعيد (بحياد) قوافل الكلمات.. ويضع لحروفها النقاط والفواصل.. يقرأ ما بين السطور.. ويعرب ما تحته خط.. يستخرج جملاً مفيدة..! إن كانت هذه قاعدة في (دفعة الكلام) على عمومه فما بالنا بلغة المشاعر؟! وتفعل العاطفة الصادقة فعلها لتغير كل موازين القوى وتقلبها رأساً على عقب.. * * * إذا كانت «الابتسامة جميلة حين تؤخذ، فهي أجمل حين تعطى».! جملة مفيدة ، قرأتها تعبر بصدق عن العلاقة الإنسانية المثالية.. وتضع قاعدة ذهبية مهمة في فن التواصل.. ليكون (العطاء) هو سبيلنا إلى (الأخد بسخاء).