مازالت مساهمة القطاع النفطي في إجمالي الناتج المحلي تتجاوز 52% في 2010، بينما مساهمة جميع القطاعات غير النفطية 48% من إجمالي الناتج المحلي، ما يشير إلى أهمية تنويع مصادر الدخل الاقتصادية في ظل محدودية الموارد الأخرى كما جاء في الخطط الخمسية والاستراتيجيات الاقتصادية طويلة الأجل، هنا تبرز أهمية إنتاجية الموارد البشرية وزيادة استثماراتها وتعزيز المعرفة الاقتصادية التي تحول اقتصاد الندرة إلى اقتصاد الوفرة وبشكل مستدام. إذا كيف ننمي مهارات شبابنا السعودي بعد أن أصبح من الواضح ان التعليم الجامعي في الماضي وفي الوقت الحالي ولعدة عقود لم يستطع توفير العمالة المتوافقة مع متطلبات سوق العمل وما تبحث عنه المنشآت الخاصة؟ فإن الطريقة المثلى أن يتحول التعليم الجامعي إلى تعليم تقني ومهني بناء على احتياجات القطاعات الاقتصادية من اجل رفع مهارات الشباب ورفع مستوى الأداء والإنتاجية لكل ساعة عمل كمقياس تطبقه المنشآت لقياس إنتاجية العامل وتقدير أداءه ما يؤدي إلى زيادة أجره كلما زادت إنتاجيته، مما يرفع من مستوى المعيشة في المجتمع. للأسف ان تقرير صندوق تنمية الموارد البشرية (هدف) للعام المالي (29/1430) جاء مخيبا للآمال، بعد أن أوضح ان المخصصات التقديرية لبرنامج التدريب والتوظيف بلغت أكثر من مليار ريال من إيرادات تجاوزت 2.13 مليار ريال، لم يتم إلا إنفاق أقل من 620 مليون ريال، ما يعني أن نسبة الإنفاق الفعلي لم تتجاوز %29 من إجمالي الإيرادات و62% من المخصصات التقديرية (الرياض 2 نوفمبر 2011). فهذا الإنفاق لن يدعم رفع إنتاجية العامل السعودي من خلال التدريب والتعليم الفني والمهني لكي يتم قبوله في القطاع الخاص ويحسن من دخله. إن زيادة إنتاجية القوى العاملة يدعم مستوى الدخل ونمو إجمالي الناتج المحلي من خلال خلق فرص وظيفية جديدة والحد من معدل البطالة. إذا الإنتاجية العمالية واحدة من أهم عوامل الإنتاج والمحددة لدخل الفرد على المدى الطويل، حيث ان البلدان المبتكرة والقادرة على التكيف مع التقلبات الاقتصادية العالمية تتمتع بإنتاجية عالية ومستوى معيشة أعلى، حيث ان الإنتاجية تقيس مدى فعالية إنتاج السلع والخدمات في فترة معينة من الوقت في بلد ما. إن إنتاجية اليد العاملة تعطي مؤشرا على الكفاءة والقدرة التنافسية للاقتصاد السعودي، وتتفاوت تلك الإنتاجية تفاوتا كبيرا بين دول العالم ففي الولاياتالمتحدة توجد أعلى إنتاجية للعامل في العالم بقيمة مضافة قدرها 63885 دولارا في 2007 مقارنة ب 55986 دولارا في أيرلندا و3508 دولارات في فرنسا وفقا لمكتب العمل الدولي للأمم المتحدة. أما متوسط الإنتاجية في الأسواق الناشئة فقد ارتفعت من 10882 دولارا لكل شخص يعمل في 2004 إلى 16804 دولارات في 2009، بينما في بلدان مثل فيتنام والهند وإندونيسيا والصين، أقل من 10000 دولار في 2009 طبقا ليورومونيتور الدولية، فكم قيمة إنتاجية العامل السعودي في الساعة؟ علما ان متوسط معدل مشاركة القوى العاملة (النسبة المئوية للسكان بين أعمار 15 و 64 سنة للعاملين والعاطلين الباحثين عن عمل) بلغ 65.6% في الأسواق الناشئة في 2009، أي تراوحت بين أعلى نسبة 78.6% في الصين وأدنى نسبة 45.1% في تركيا. أما معدل مشاركة اليد العاملة في السعودية بلغت 49.6% في 2009 ويعود تدني تلك النسبة إلى ضعف مشاركة النساء، حيث تمثل مشاركة الإناث 16.2% من إجمالي القوى العاملة السعودية. وهذا يضعف المنافسة في سوق العمل مما يترتب عليه ضعف في الإنتاجية لكل عامل. فمازال هناك خلط كبير بين مفهوم كثافة العمل وتحسين الإنتاجية من خلال إيجاد طرق أكثر كفاءة وفعالية لإنتاج السلع والخدمات، حيث أنه يمكن أن تنتج أكثر بنفس القدر من الجهد وبقيمة مضافة أعلى وقيمة سوقية اكبر. هذه الإنتاجية لا تقتصر على القطاع الخاص بل حتى القطاع العام من خلال القضاء على البطالة المقنعة وخفض التكاليف. فإن معرفة العمال بالتحديد النتائج المتوقعة منهم وكيف يتم قياس عملهم وما هو نوع السلوك والانضباط المطلوب منهم للقيام بأداء عملهم على نحو فعال يحسن من إنتاجيتهم ويشجع الغير على الانخراط في سوق العمل. * عضو جمعية اقتصاديات الطاقة الدولية عضو الجمعية المالية الأمريكية