يبدو أن أمطار الخير والبركة كشفت عورة الكثير من المشاريع الخاصة والعامة بدءاً من البنية التحتية من صرف صحي وتصريف سيول وسفلتة وانتهاء بمشاريع المساكن والعمائر والمحلات التجارية وبقي كشف المتسببين فيها. زحام جدة هذه الأيام لا يطاق فبعد سيول الأربعاء قبل الماضي فانك تحتاج إلى أكثر من ساعة ونصف لكي تعبر طريق المدينة النازل إلى وسط البلد رغم إجازة المدارس فالعديد من الشوارع تضررت والكثير من المنازل والمحلات التجارية والعمائر اجتاحتها السيول وهي بالمناسبة ليست سيولا قادمة من الجبال بل هي أمطار هطلت على وسط جدة، سبب الزحام وتوقف حركة السير هو تضرر الشوارع وبالذات المنطقة من شارع فلسطين وحتى وسط البلد لأنها أصبحت حفرا ومستنقعات وبقايا نفايات جرفتها السيول وتجمعت أمام المباني. أكبر الخسائر كانت في الأرواح وهناك خسائر مادية كبيرة تقدر بالمليارات منازل وسيارات ومحلات وغيرها تسبب فيها زمرة من المتنفذين والفاسدين لم يراعوا الأمانة التي أوكلت لهم. وهذه الكارثة ولدت الخوف لدى السكان من هطول المطر فالجميع يتلافى الخروج والمدارس تتوقف وتتعطل الأعمال، السياحة في جدة تأثرت هذا الأسبوع فكثيرون عزفوا عن جدة بسبب الكارثة. هناك من يفكر جديا في هجر جدة بسبب مشاكلها التي لا تنتهي من سوء تصريف وشح المياه وتلوث وزحام وحفر ومطبات ليس فقط في الجنوب والوسط والشرق التي تعاني إهمالا دائما، أفضل الشوارع لم تسلم من أيدي الفاسدين ومن فساد الشركات المتفردة بالمشاريع ومنها شارع الأمير سلطان وطريق الملك فهد الستين وطريق المدينة وطريق الحرمين وطريق الملك عبد الله وطريق الملك عبد العزيز فهي مليئة بالحفر. لماذا يدفع الوطن والمواطن والمقيم ثمن فساد ثلة تلطخت أيديهم بدماء أبرياء ذهبوا ضحية هذه الأمطار وتسببوا في خسائر بشرية ومادية تقدر بالمليارات ومعاناة نفسية أصابت المتضررين بشكل مباشر أو غير مباشر لذا لابد من محاكمة من تسبب فيها وإدانتهم ومصادرة أموالهم وممتلكاتهم والتشهير بهم. هل أصبح لزاما على من يفكر في شراء أرض أو منزل في جدة أن يكون في الشمال حيث الخدمات أو فوق قمة جبل أو تلة وان يكون بعيدا عن مرمى مجاري السيل. لا أعتقد أن المشكلة في الموقع بل في الأمانة والإخلاص في التنفيذ. يبقى الأمل والنظرة التفاؤلية واستشراف المستقبل بأن يكون أكثر إشراقا ودافعا لإعلان الحرب على الفساد بأشكاله وفي كافة المجالات وفي جميع المناطق وزيادة الرقابة على مشاريع البنية التحتية والضرب بيد من حديد على كل من يخون الأمانة.