تشرئب أعناق كثير من سكان البلدان العربية والإفريقية والإسلامية وتسيل لعابهم ويدفعون العالي والنفيس بل يصل الأمر بكثير منهم ولا سيما في السنوات الأخيرة عندما تم تشديد المراقبة على حدود هذه الدول وصعوبة الحصول على سمات الدخول إليها وإلى الولاياتالمتحدةالأمريكية، أنهم يجازفون بحياتهم وكرامتهم للوصول إلى هذه البلدان حيث يعتقدون أنهم سوف يجنون فيها ومنها العسل واللبن كما جناه بعض السابقين منهم نتيجة كدهم وكدحهم وصبرهم على الاغتراب وما فيه من مشاق. ونجد أن عشرات الآلاف من الذين وفدوا من بلدان العالم الثالث إلى بلدان العالم الأول وتيسر لهم طيب العيش وجمعوا من الثروات ما شاء الله لهم أن يجنوها واكتسبوا من المعارف والعلوم وكذلك اكتسب أبناؤهم وربما أحفادهم واستفادت أسرهم في بلدانهم من الأموال التي يحولونها لهم لتتحسن أحوالهم المعيشية ويعمروا منها مساكن صحية جديدة وتتطور أنماط معيشتهم. حقيقة لا تخفى على ذي لب أن الولاياتالمتحدةالأمريكية ودول أوروبا الغربية ترحب بالمهاجرين من البلدان النامية خاصة إذا كانوا من الفئات التي بلغت شأواً رفيعاً من التعليم والتدريب والخبرة، ولا سيما في الحقول العلمية والتكنولوجيا بل وتمنحهم المميزات وتسهل ظروف معيشتهم وإقامتهم وتضفي عليهم جنسيتها لتستفيد من هذه العقول النيرة والجاهزة في جامعاتها ومعاهدها العليا ومستشفياتها ومختبراتها العلمية والتكنولوجية، وليس منا وادي السليكون في أمريكا ببعيد حيث يعمل فيه أكثر من عشرة آلاف هندي قدمت لهم الإغراءات والحوافز للقدوم من الهند.. يد عاملة متعلمة مدربة ومتطورة ورخيصة مقارنة بمثيلتها الأمريكية أو الأوروبية الغربية، وقبل ذلك تمت الاستفادة من العقول الألمانية بعد الحرب العالمية الثانية وأخذوا علماء ذرة وصواريخ وفي ميادين صناعية ومخترعات متطورة قامت عليها كثير من الصناعات ولا سيما الحربية وأسس التقدم في ميادين الصناعات العسكرية وغزو الفضاء في كل من الولاياتالمتحدةالأمريكية خاصة والاتحاد السوفيتي سابقاً، بل إنهم فككوا مصانع كثيرة وكبيرة ومعامل ومختبرات تم نقله للولايات المتحدةالأمريكية والاتحاد السوفيتي. الجيل الأول من المهاجرين عرباً كانوا أو أفارقة أو آسيويين، مسلمين ومسيحيين عاشوا في بلاد المهجر عيشة أكثر متعة وربما سعادة من الأيام والسنوات التي خبروها في بلادهم، ففي بلاد المهجر وجدوا أبواب الارتزاق تكاد تكون مفتوحة لهم حيث إنهم أياد خام رخيصة واكتسبوا من الخبرات والتدريب والعلوم ما شاء الله لهم، وحبوا تلك البلدان والبعض استطاب العيش فيها وتزوج من أهلها وخلف صبيان وصبيات ولم يفكر في عض اليد التي كانت سبباً بعد الله لمصدر عيشه وعيش أسرته الصغيرة في بلاد المقر الجديدة ومساعدة عائلته الأم في بلاد الأولى وتحسين ظروفها المعيشية. ثم بدأنا نشهد في السنوات الأخيرة هجرات من البلدان النامية المذكورة آنفاً تحمل أفكاراً شاذة لا تمت إلى سماحة الدين الإسلامي وتشريعاته وتعاليمه بصلة أساءت بتصرفاتهم الشاذة والمخجلة إلى ديننا الإسلامي وإلينا كعرب ومسلمين تحت أسماء وذرائع وحجج واهية لا تُمت إلى الدين والعقل السليم بصلة، ما جعل الإنسان يخجل من نفسه حين تطأ قدماه أرض تلك البلدان ويعاني أشد المعاناة من الإذلال والشك فيه وفي توجهاته ونياته أن يقول إنه عربي ومسلم، نتيجة لما قامت به وتقوم به قلة من ذوي العقول غير السوية والفطرة غير السليمة ثم التغرير بهم والزج بهم في أتون صراعات سياسية عقيمة لا ناقة لكثيرين منا فيها ولا جمل، وذهب ضحيتها أبرياء وأناس عزل فقط لكونهم كانوا في المكان الخطأ، وفي اللحظة الخطأ، من قلة فقدوا رشدهم وتم تضليلهم لأهداف وأغراض لا تخدم مصالح بلدانهم.