على مدى نصف قرن، ظل نظام الضمان الاجتماعي هو المشروع الأكبر للدولة في مواجهة الفقر، وتضييق حالات «العوز» لدى المواطنين، حيث سجلت آخر إحصائية لوزارة الشؤون الاجتماعية لعدد مستفيدي الضمان (703.471) حالة، وهنا يبرز السؤال: هل ظواهر الفقر في مجتمعنا تعبّر عن حقيقتها في الواقع؟، أم بسبب عجز مؤسسات الضمان والمؤسسات الخيرية والتعاونية الرديفة عن القيام بإنجاز برامج جادة وفاعلة في تضييق دائرة الفقر؟، وهل هناك في الأصل معايير اقتصادية خاصة لتصنيف درجات خط الفقر ضمن تعريف واضح في ذلك النظام؟، وكيف يمكن تحديد فعالية الضمان الاجتماعي وتفعيل القدرات الإنتاجية لدى الفقراء؟، وهل ما يعيق نجاح واطراد برامج الضمان يتم بفعل ثقافة وتقاليد تتساهل في التوصيف الدقيق والصارم لأصحاب الاستحقاق؟، أم أن البطالة المقنعة واتساع الهوة بين مخرجات التعليم وسوق العمل هي التي تحد من فعالية برامج الضمان؟. في هذا الملف الصحفي نرصد رؤية شاملة لطريقة النسبة والتناسب بين الإمكانات الحقيقة لبرامج الضمان الاجتماعي والجمعيات الخيرية الأخرى، وبين واقع العجز عن التنسيق وابتكار حلول خلاقة للاستفادة من تلك الإمكانات، فثمة شكاوى بنسب عالية لدى بعض جمعيات الحقوق في عدد المواطنين غير القادرين على الاستفادة من استحقاقات الضمان الاجتماعي التي تشملهم، وهي شكاوى قد تكون ناتجة عن غياب دراسات إحصائية بخصوص تلك الشرائح، أو دراسات استراتيجية متعلقة بكيفية استثمار الزكاة في تحويل الفقراء إلى منتجين، وبين الحاجة إلى ضرورة فرز حالات التحايل والتزوير في قوائم المستفيدين، وتشابه الأسماء لدى فئات الاستحقاق بحسب المراحل العمرية، وجدوى التحديد الموضوعي لبعض المستحقين ممن يندرجون في مختلف تلك المراحل، يكمن ترشيد برامج الضمان لتحقيق فعالية في العديد من المجالات، فبحسب مكاتب الضمان الاجتماعي ال(94) في أنحاء المملكة، مضافاً إليها المئات من الجمعيات والهيئات الخيرية والتعاونية المندرجة في مجال العمل العام مع الضمان -كما يأتي في هذا التحقيق-، ربما كان الإشكال المتصل بعجز الفعالية، والذي ينطوي على غياب التنسيق والعمل المتكامل في الفضاء المشترك لتلك المؤسسات.