قبل سنوات هاتفت مسؤولة كبيرة في قطاع التعليم لأخذ رأيها في موضوع يتعلق بعملها ووظيفتها القيادية؛ فاستمهلتني حتى تأخذ الإذن من زوجها.. كان الأمر مفاجئاً ومدهشاً؛ فأنا لم أطلب منها أن تفضي لي بأسرارها الشخصية مثلا!.. موقف هذه المسؤولة يتكرر كل يوم بأشكال وصور مختلفة متجاهلاً كل ما وصلت له المرأة وما حققته وما أثبتت أنها قادرة على انجازه دون أن تفرط في مسؤولياتها الأسرية والمجتمعية.. كل من تعامل مع مسؤولة يستطيع بسهولة أن يكتشف محدودية صلاحياتها على الرغم من منصبها، وقد يكون السبب في تحكم رؤسائها في قراراتها، أو قد يكون زوجها أو ولي أمرها وقد يكون أمراً نابعاً من ذاتها.. تردد كبير يسكن جوانحها خوفاً من الخطأ، وموروث كبير تغلل في أعماقها يخبرها أنها ضعيفة وغير قادرة على الانجاز.. وهي بحاجة طوال الوقت أن تثبت براءتها وأن تقدم دليلاً على أنها لا تنوي تحرراً و تحللاً وخروج عن المألوف.. رأي عام موحد قاده المتشددون قلصوا بموجبه مساحات التنفس والقدرة على اتخاذ القرار في حياة المرأة، وبالتالي همشوا دورها كثيراً في الحياة بكل معطياتها؛ فأصبحت المرأة السعودية هي الأقل عطاءً في التنمية الوطنية على مستوى العالم؛ تشعرنا بذلك الإحصائيات السنوية التي تحصر عطاءها في 14% معظمها في مجال التعليم.. في هذا «التحقيق الموحد» نقترب من المناطق الأكثر خطورة في المشهد العام للمرأة السعودية، ونسأل عن باب سد الذرائع، ونناقش مستوى عطائها الاقتصادي، ونحلل شعارات الخوف على المرأة وما فعلته فيها خلال عقود طويلة، ونقترب من هموم الطبيبة وأحلام المعلمة وفكر الطالبة في ملف صحفي ندعو النساء قبل الرجال لقراءته.. ونؤكد دائماً أننا أمام «مرحلة تغيير» علينا أن نستثمرها في الوعي، وتغيير المفاهيم نحو الأفضل، متمسكين بثوابتنا الإسلامية والوطنية، ومنطلقين نحو «الانفتاح المسؤول» لتجاوز كل العقبات..