كثيرة هي المخالفات والجرائم التي لم يرد حيالها نص ملزم بمقدار العقوبة المقررة بحق مرتكبها بل تركها المشرع لسلطة القاضي التقديرية وذلك باب واسع وهو (باب العقوبات التعزيرية وتلك سلطة عامة تخول للقاضي تقدير العقوبة التي يراها من خلال ما يعتري الفعل المرتكب من دوافع وأحداث وظروف مخففة وأخرى مشددة، يتكون من خلال ما يعتري الفعل المرتكب من دوافع وأحداث وظروف مخففة وأخرى مشددة، يتكون من خلالها قناعة لدى القاضي بإصدار الحكم وفقاً لما يراه الأنسب وبما يتواءم مع الفعل المرتكب.. ولكون القاضي يمتلك هذه الحرية الواسعة في تقدير العقاب.. فلماذا دائماً ما نرى الأحكام تصدر بعقوبة الفرد بالسجن أياً كان الجرم المقترف قل أو كبر ومهما كان الجنس ذكراً أو أنثى وسواء كانت المرة الأولى أو أكثر.. الذي يختلف فقط هو «المدة التي تقضى في السجن» تطول أو تقصر، فكأن السجن هو العقوبة الوحيدة التي لا مناص منها.. لقد اكتظت السجون وأصبح من يدخل السجن لارتكابه مخالفة يسيرة يخرج منه بخبرة عالية في السلوك الاجرامي وعلاقات عامة واسعة مع أرباب السوابق، مع أنه بالامكان معاقبة المخالف بعقوبات بديلة غير عقوبة السجن كالزامه بالالتحاق ببرامج تثقيفية توعوية أو تكليفه بتقديم خدمات اجتماعية إنسانية تعود بالنفع عليه وعلى المجتمع، ويكون من شأن هذه العقوبات البديلة ردع وزجر المخالف وتهذيبه في الوقت نفسه.. إن العقوبات البديلة أصبحت مطلباً في مسيرة الاصلاح فهي تنمي الاحساس الاجتماعي والوعي الحضاري، وبالمقابل تحد من نظرة المجتمع السلبية للسجين والتي لا تقتصر عليه وحده بل غالباً ما تمتد إلى أسرته، فبدلاً من ان يشكل هذا المخالف عبئاً على الدولة والمجتمع ببقائه خلف قضبان السجن.. يكون بتنفيذه العقوبة البديلة عنصراً فاعلاً في مجتمعه، وبذلك يتم الحد من الجهود التي تبذل في سبيل إعادة اندماج السجين في المجتمع وتقبل الآخر له.. فالهدف الأساس من تلك العقوبات البديلة هو اصلاح الفرد المخالف عن طريق دفعه للمشاركة المجتمعية الفاعلة والأخذ بيده لما فيه الأصلح، وقد سهل توفر وسائل التقنية الحديثة في هذا العصر إمكانية متابعة من تصدر بحقه عقوبات بديلة ومدى تنفيذه لها والأمثلة على ذلك كثيرة. تركي بن عبدالله التميمي * مستشار قانوني