يوم الجمعة الماضي هطلت أمطار غزيرة على محافظة جدة سالت على اثرها الشوارع والأزقة وغرقت الأحياء في شبر ماء؛ ما أدى إلى تعطل الحياة وتوقف الدراسة في المدارس، وأصبحت جدة وسط بحيرة من مياه الأمطار بشكل منع سكان بعض الأحياء من مغادرة بيوتهم. الحكاية بالطبع ليست جديدة وهذا هو الحال في جدة كلما هطلت الأمطار، وفي كل عام تعد أمانة جدة أن الوضع هذا لن يتكرر، وأن جدة لن تتأثر بالأمطار في السنة المقبلة، ولن تغرق شوارعها وأحياؤها، ولكن تظل تلك التصريحات مجرد كلام في الهواء.. وقد أضيف لها هذا العام أن أمانة جدة التي تستعين بوايتات لشفط مياه الأمطار من الشوارع لم تتحرك هذا العام بالشكل المطلوب، ولم تسارع في نشر هذه الوايتات في جميع الأحياء لإنقاذها من تجمع المياه، وإنما اكتفت فقط بمحاولة تخفيف تراكم المياه من الشوارع الرئيسة، وتركت الشوارع الداخلية التي لا زالت حتى اليوم رغم مرور أربعة أيام على هطول الأمطار تغرق في بحيرات وتعوم سيارات المواطنين في المياه في الكثير من أحياء جدة خاصة الشمالية منها. نفق تقاطع شارع ولي العهد مع طريق المدينة «عدسة- محسن سالم» البنية التحتية غير صالحة الخلل الذي تعاني منه جدة كبير، وينسحب على عناصر بنيتها التحتية التي لا زالت تعاني من سوء التنفيذ، وعدم الجودة على -حد قول د.علي عشقي- الذي يؤكد على أن المشكلة كبيرة وتحتاج إلى إصلاح جذري، وهذا مع الأسف مالم يتحقق حتى الآن؛ فأمطار الجمعة التي هطلت على جدة لم تكن غزيرة ولم يزد معدلها عن 40 ملم في بعض أنحاء جدة، ومع هذا غرقت شوارعها في بحيرات من المياه ولا زالت حتى اليوم تسبح الشوارع داخل الأحياء في تلك المياه؛ نتيجة سوء تصميم الشوارع، وهذا بالتالي سيؤدي إلى تآكل طبقة الإسفلت في معظم شوارع جدة وجرفها وفتح الكثير من الحفر الوعائية فيها، وحاجتها إلى اعتمادات مالية أخرى لإصلاحها. ويضيف "د.عشقي" أن الشيء العجيب الذي نجده في شوارعنا ولا يمكن أن تراه في أي بلد من العالم هو أن حفر شبكة الصرف الصحي وتصريف مياه الأمطار موجودة في وسط الشوارع، سواء رئيسة أو فرعية، والمفروض هندسياً أن تكون على جانبي الشوارع أو وسط الأرصفة حتى تتسرب إليها المياه بشكل سريع من خلال ميول الشارع، وإذا احتاجت صيانة في المستقبل لا يؤثر ذلك على انسيابية الحركة في الشارع أو يعيقها كما هو حاصل في شوارع مدننا. متى ينتهي العمل؟ يتساءل سكان مدينة جدة حتى اليوم عن الوقت الذي سيتم فيه إنجاز مشروع شبكة الصرف الصحي؛ والذي بدأ العمل فيه منذ ثماني سنوات ولا زال حتى اليوم مجرد حفر مفتوحة وأخرى يتم حفرها، ولا تمضي شهور على ذلك حتى يعاد فتحها وحفرها من جديد رغم التأكيد عاما بعد عام منذ سنتين أن عام 1431ه سيكون بداية انتهاء مشكلة الصرف الصحي في جدة وبدء تمديد شبكة المنازل، ولكن يبدو أن مشكلة جدة مع الصرف الصحي تحتاج إلى وقت طويل لاكتمالها فقد مضى عام 1431ه وتخليص جدة من معاناتها من مياه البيارات التي ملأت شوارعها بالتلوث والمرض. "م.يوسف صعيدي" يقول: إن شبكة الصرف الصحي لو أنجزت ستساهم في إنقاذ شوارع جدة وأحيائها من الغرق في مياه الأمطار، وستكون مساعدة في تصريف المياه، بشرط أن تنفذ وفق المعايير الهندسية المطلوبة في شبكات الصرف الصحي المعمول بها في العالم. لم يتغير شيء! العام الماضي تحول نفق شارع ولي العهد مع طريق المدينةالمنورة إلى مسبح كبير بعد أن غمرته مياه الأمطار وملأته، وأدى ذلك إلى غرق الكثير من السيارات وغمرها بالمياه، وقد خرج المسؤولون في أمانة جدة آنذاك ليعترفوا بأن سبب ذلك هو سوء تنفيذ شبكة التصريف في النفق، ووعدوا بأن يتم إصلاح ذلك الخطأ، وتدارك عدم تكراره في مشروعات الأنفاق الأخرى التي كان يجري تنفيذها في عدد من تقاطعات شوارع جدة، وما أن هطلت أمطار الجمعة الماضية على جدة حتى وجدنا جميع أنفاق جدة تغرق مرة أخرى بمياه الأمطار وتتحول إلى مسابح للسيارات، بما فيها مشروع نفق شارع الأمير ماجد (ميدان الطائرة) سابقاً والذي لم يمض على افتتاحه أكثر من يوم قبل المطر؛ مما يؤكد أن تنفيذ مشروعات جدة لم يتغير فيه شيء، ومازالت معظم المشروعات تنفذ بطريقة تفتقد الجودة ويتم استلامها دون مراجعة أو متابعة لكيفية تنفيذها، وهذا فيه هدر وتبذير للمال العام وعدم حرص على أن يأتي تنفيذ مشروعات البنية التحتية بالصورة السليمة التي تعالج المشاكل التي تعاني منها مدننا، وتساهم في تنميتها وهذا ما يستدعي وضع آلية تحمي مشروعات البنية التحتية من التلاعب وعدم الجودة.