انباؤكم - د . سعد بن عبد القادر القويعي تعاقب على أمانة مدينة جدة أكثر من خمسة أمناء - في الثلاثين سنة الماضية - , لم يتمكنوا خلالها من حل أكبر مشكلة تواجهها مدينة جدة , عندما يتحول سقوط الأمطار إلى كارثة إنسانية , أزهقت الأرواح , وألحقت الضرر بكثير من الممتلكات , وبنسبة كبيرة من السكان , وكبدت اقتصاد جدة خسائر كبيرة , وكشفت عن أزمة حقيقة تحتاج إلى وضع النقاط على الحروف . كل ذلك , نتيجة ضعف البنية التحتية والخدمات الأساسية للمدينة , وانعدام التخطيط المدروس لها - منذ أكثر من ثلاثة عقود - , والتي كان من المفترض توفيرها للمواطن . كان يوما غير عادي , حينما هطلت الأمطار لمدة تسع ساعات على مدينة جدة , فغيرت وجهها , وغرقت في مشهد حزين . والصور التي رأيناها تغني عن كل شرح , فلم نر إلا انهيارات , وطرقا سريعة تحولت إلى منظر بشع , أدت إلى شلل شبه تام في بعض الطرقات الرئيسية , بسبب حوادث جماعية أثرت بشكل بالغ في الحركة المرورية . كما رأينا بحيرات طافحة بالصرف الصحي , وتلوثا بيئيا وحفريات في كل مكان . لا زلت أذكر تصريحا - للمشرف العام على مديرية المياه بمنطقة مكةالمكرمة - , نشر في صحيفة " الشرق الأوسط " , في : 4/ 5/ 1425ه , أكد فيه : " أن وضع الصرف الصحي في مدينة جدة يزداد سوءا , وأن الأحياء العشوائية يلزمها أسلوب عمل مختلف , مما استلزم الدفع بتعجيل تنفيذ عدة مشاريع في وقت واحد تتكلف سبعة مليارات ريال " . هذه السبعة مليارات ريال , أين ذهبت ؟ . وهذه الوعود لا تزال حبرا على ورق , يتردد نشره كل عام , وحتى يومنا هذا . فلم نر مشروع الصرف الصحي وتصريف مياه السيول , بل إن الواقع يؤكد : أن الشوارع صممت بشكل غير مدروس , لعدم اشتمالها على شبكات تصريف مياه الأمطار . إضافة إلى قيام أمانة مدينة جدة - قبل ثلاثة عقود – على غلق بحيرة الأربعين , ودفن مجرى السيول المؤدية إلى البحر , مما زاد من مخاوف كبيرة , كحدوث انهيار لبحيرة الصرف الصحي , - وبالتالي - من الممكن أن تداهم مياهها مدينة جدة , وتغرقها في أي لحظة , - وبخاصة - أثناء هطول الأمطار الغزيرة . كذلك , يخشى من تسربها إلى المياه الجوفية , لأن تلك البحيرة تحوي كميات هائلة من مياه الصرف الصحي , وتتسع بشكل يومي لتتفاقم المشكلة معها , بحيث يصعب السيطرة عليها ، ويمكن ملاحظة ذلك من ارتفاع منسوب المياه الجوفية , في أحياء الربيع والسامر والمروة القريبة من المطار , ما قد يؤدي إلى انهيارات في التربة والمباني - لا سمح الله - . أسئلة كثيرة طرحتها على نفسي , وبالتحديد لأولئك الذين عطلوا رؤى - خادم الحرمين الشريفين - التطويرية والإصلاحية , فجذور المأساة تستلزم محاسبة المقصرين , وأمطار جدة تستدعي فتح ملف " الاستراتيجية الوطنية لحماية النزاهة ومكافحة الفساد " , لتفعيل المسائلة , وتنويع مصادر الرقابة , لنعلم أين مكمن الخلل , وسبب المشكلة ؟ . وأين ذهبت المليارات السبعة التي رصدت لتلك المشاريع ؟ . [email protected]