رغم مضي ربع قرن على أول ظهور لآفة "سوسة النخيل الحمراء" في المملكة، إلا أن وزارة الزراعة لم تتمكن من القضاء أو حتى الحد من انتشار هذه الحشرة الفتاكة، برغم استعانتها بمهندسين من الجنسيات العربية، ومعهم خبراء آخرون من "الفاو"، إلى جانب آلاف الأطنان من المبيدات الحشرية السامة التي صبت في أجوائنا وتربتنا وعلى نخيلنا، إلا أنها لم تستطع القضاء على هذه الآفة، لضراوتها وشراستها وانتشارها الواسع، الأمر الذي تكبدت معه المملكة خسائر اقتصادية كبيرة جداً، إلا أن استعانة وزارة الزراعة بالكوادر الشابة المحلية من المهندسين الزراعيين كانت خطوة أصابت الهدف، حيث يقال: "ما يحك جلدك مثل ظفرك"، فاستطاعت السواعد الشابة والمخلصة من الحد من انتشار السوسة. ووفقاً لتقرير حديث من قبل الزراعة، فقد انخفضت الإصابة ب"السوسة" في محافظة الأحساء كواحدة من أكثر مناطق المملكة إصابةً بها بنسبة (20%)، وهو رقم لم تسجله الوزارة طوال نحو ربع قرن من حربها على هذه الآفة!. ومع هذا الجهد الجميل إلا أن هؤلاء الشباب يعانون أشد المعاناة؛ جراء حرمانهم الكثير من الحقوق التي يتمتع بها جميع الموظفين، حتى وصفوا البند الذي يعملون فيه ب"بند الضياع"، حيث ينتظرون صباح كل يوم أملا جديدا في خبر سعيد يزف إليهم، وهو "الترسيم" وهو الحلم لطالما انتظروه. "الرياض" تفتح عبر تحقيقها هذا، ملف موظفي برنامج مكافحة سوسة النخيل الحمراء، والمعروف ب"بند السوسة". الزراعة تجاهلت المطالب وتناست الجهود وتركت «البسطاء» أمام النخيل يتألمون رواتب ثابتة يشتكي العاملون على بند سوسة النخيل والذين يبلغ عددهم على مستوى المملكة نحو 900 موظف، بين مهندس وعامل وفني وسائق، من أن مرتباتهم الشهرية لا تتجاوز 3500 ريال، وهي ثابتة غير قابلة للزيادة، بل لا يحق لهم العلاوة السنوية أسوة ببقية الموظفين في جميع القطاعات الحكومية والأهلية، بالإضافة إلى أنهم محرومون من الإجازة الاضطرارية وكذلك البدلات، رغم تعرضهم إلى مخاطر المبيدات الحشرية الضارة والسامة، كما أن البنوك ترفض التعامل معهم، وكذا بنك التسليف، إلى جانب أن بدل غلاء المعيشة لا يتجاوز 176 ريالا فقط، وهو ما لا يتناسب مع الغلاء والتضخم الكبير، يضاف إلى ذلك كله عدم شعورهم ب"الأمان الوظيفي" وهو العنصر الأهم، والذي يشكل عنصرا ضاغطا على نفسيتهم، رغم التحاق بعضهم بالعمل منذ 11 عاماً، ويشيرون إلى أن الشاب بعد تخرجه من الجامعة يطمح في تأمين مستقبله عبر الالتحاق بوظيفة آمنة، وهو ما لا يشعرون به. خدمة غير محسوبة وأوضح "سلمان" أن وزارة الخدمة المدنية في حالة تقدمهم على وظيفة لا يحتسب لهم من عملهم في بند سوسة النخيل سوى ثلاث سنوات فقط، مؤكدين أن هذا حرمان واضح وإجحاف ضد أي موظف، متسائلاً: لماذا يتم التعامل معهم بهذه الكيفية؟، حيث سلبت منهم الكثير من الحقوق التي يتمتع بها جميع موظفي الدولة مدنيين كانوا أم عسكريين، مطالباً الديوان بمساواتهم ببقية الموظفين، وأن جميع الفئات الأخرى كموظفي الفاو والبيطريين تم ترسيمهم. م.الحميدي: رفعنا أوراقهم إلى «الخدمة المدنية» ومهمتنا انتهت! ديوان المظالم ويقول المهندس "إبراهيم المرزوق" -يعمل على بند السوسة منذ 11 عاماً-: إنهم وبعدما طرقوا جميع الأبواب ومنها الخطابات التي وجهوها إلى الجهات المعنية، اضطروا إلى اللجوء إلى ديوان المظالم عله يكون المخرج وفيه الفرج، فبدؤوا بمعاملة مضى عليها حتى الآن أكثر من سنتين ونصف ولا تزال تراوح بين أروقة الديوان. المشاركون في برنامج مكافحة حشرة سوسة النخيل الحمراء خسروا من رواتبهم المهندسون "سلمان المهدي" و"إبراهيم المرزوق" و"نبيل الصالح" و"يعقوب الوسمي" و"علي الشهاب" و"أحمد العامر" ومثلهم أكثر من 900 مهندس وعامل وفني وسائق، يشكون الأوضاع المعيشية الصعبة في ظل غلاء المعيشة، ف"سلمان" يسكن شقة بالإيجار ومعه أسرة مكونة من سبعة أفراد يحتاجون إلى تأمين لقمة العيش الكريم، ومثله "إبراهيم" و"يعقوب" الذي قال: إن مرتبه 2900 ريال، وهو متزوج ويسكن في شقة بالإيجار، ولديه الكثير من الالتزامات المادية، جميعها بسبب ضعف المرتب، متسائلين: ماذا عسانا أن نعمل بمرتب ضعيف لا يوفر الحد الأدنى من العيش الكريم؟، حيث يشير المهندس "نبيل" إلى أن حبهم لوطنهم وإخلاصهم في عملهم، جعلهم يخسرون مبالغ لصالح العمل، ومن ذلك إجراء اتصالاتهم بأجهزتهم الخاصة. دعم البرنامج "علي السعيد" و"حبيب البري" و"أحمد الحسين" و"فهد الصالح" و"حسين الشريط"، جميعهم يعملون كعمال على بند السوسة، تحدثوا بمرارة ومعاناة، وأكدوا أن مرتباتهم لا تتجاوز 1800ريال بعد إضافة بدل غلاء المعيشة. م.إبراهيم المرزوق يتحدث ل»الرياض» ولفت المهندسان "إبراهيم المرزوق" و"نبيل الصالح" إلى أن هناك جانباً يُعد في غاية الأهمية، وهو أن خادم الحرمين الشريفين -سلمه الله- وجه وزارة المالية لأكثر من مرة بدعم برنامج مكافحة السوسة الحمراء بمبالغ ضخمة وكبيرة، لكنها صُرفت للآليات والتجهيزات، فيما حرم الإنسان وهو العنصر الأهم من عملية المكافحة برمتها، دون أن يجد من هذا الدعم قرشا واحدا!. ويوضح "علي الشهاب" وزميله "يعقوب الوسمي" أنهم لم يجدوا أي تشجيع برغم أنهم خط الدفاع الأول لمكافحة أخطر عدو مر في تاريخ الزراعة، بل إنهم محبطون بسبب حرمانهم مكاتب خاصة يجلسون عليها، متمنين إنصافهم وترسيمهم. رفعنا أوراقهم "الرياض" توجهت إلى "م.صالح الحميدي" -مدير الزراعة بالأحساء- للاستفسار عن سبب عدم ترسيم العاملين ضمن برنامج مكافحة حشرة سوسة النخيل الحمراء -المعروف ببند السوسة-، فأشار إلى أنهم رفعوا للوزارة بجميع أسماء وأوراق وشهادات العاملين على هذا البند لأكثر من مرة، بل وشكلت لجان لهذا الموضوع من قبل الوزارة، والتي بدورها رفعت أوراقهم إلى وزارة الخدمة المدنية ولم يأت أي رد حتى هذه اللحظة، مؤكداً أنهم في وزارة الزراعة يأملون في إيجاد حل لهذه الفئة التي انتظرت طويلاً، متمنياً أن يتم ترسيمهم في أسرع وقت، مبيناً أن الأحساء يوجد فيها نحو 400 عامل يعملون على هذا البند، يضاف لهم 210 موظفين آخرين على بند مُلحق ببند السوسة، ليتجاوز عددهم 600 موظف. مهندسو بند السوسة يتحدثون ل«الرياض» عن معاناتهم عمال يعالجون نخلة مصابة خروج مركبات الرش أسطول ضخم وجهود كبيرة تبذل ولكن الموظف يحتاج إلى الأمان الوظيفي م.سلمان المهدي