بين حين وآخر نرى هنا وهناك بعض الاجتهادات الفردية على مستوى المدارس لتعزيز ثقافة الانتخابات بين الطلبة؛ فهذه ابتدائية خالد بن الوليد في منطقة نجران شهدت نجاح ستة طلاب في انتزاع عضوية مجلس الأنشطة المدرسية؛ الذي سيتولى مشاركة مسؤولي المدرسة في اتخاذ القرارات التي تهم الطلاب بعد ثلاثة أشهر من المنافسة الانتخابية عبر حملات انتخابية جادة، الأمرالذي يطرح السؤال: لماذا لا يكون هذا النهج هو المطبق في جميع المدارس الحكومية أو الأهلية بمباركة فاعلة من وزارة التربية والتعليم؟. في هذا التحقيق يعلو صوت ضيوفنا طلاباً ومختصين، مطالبين بتعزيز ثقافة الانتخابات على مستوى المدارس، وتبريرهم في ذلك أن الانتخابات تعزز من إشراك الطلاب في اتخاذ القرار، ومنحهم فرصة التعبير عن آرائهم، وتعزيز روح العمل الجماعي لديهم، وتدريبهم على تحمل المسؤولية، واكتشاف عدد من القدرات القيادية لدى الطلاب، وتنمية ذواتهم من خلال تعزيز مهارة الحوار لديهم، وقبول الرأي الآخر. وكان طلاب المدارس السعودية في الخارج قد تفوقوا في إدراك تلك الثقافة؛ عبر ممارسات أصبحوا قادرين من خلالها على القيادة، واتخاذ القرارات الحاسمة بكل ثقة، حيث تحرص المدارس السعودية في الخارج على إقامة الانتخابات الطلابية لاختيار ممثلي الطلاب وممثلات الطالبات في مجلس النشاط والمجلس الطلابي؛ لتبدأ الحملات الانتخابية بعدد من الخطوات المدروسة التي يستطيع الطالب الاستفاده منها في حملته، كتوزيع أوراق حائطية فيها شعارات وعبارات خاصة به، وتوظيف الإذاعة المدرسية للترويج لحملته، وكذلك بالمرور على الفصول الدراسية والحديث عن نفسه وبرامجه الانتخابية، بعد ذلك يتم إيقاف الحملات الانتخابية وتبدأ عملية التصويت للناخبين والناخبات. طالب يمارس حقه الانتخابي في وقت مبكر داخل إحدى المدارس السعودية في الخارج أما في تجارب مدارس الداخل فقد طبقت مدارس الملك فيصل تلك التجربة، حيث تتم طريقة الانتخابات لديهم على مستوى الفصل بأن يختار طلاب كل فصل واحدا منهم لكي يمثلهم، ثم تبدأ المرحلة الثانية بين طلاب فصول الصف الدراسي من أجل اختيار طالب واحد فقط؛ ليكون عضواً في المجلس بواقع طالب من الصف السادس الابتدائي حتى الصف الثالث ثانوي. تجربة مفقودة «حمد المناع» -طالب في الصف الثالث ثانوي- أكد على أن الانتخابات الطلابية في المدارس السعودية تكاد أن تكون معدومة؛ لأن هذا النظام لم يسمح به حتى الآن في التعليم العام، مناشداً المؤيدين لعملية الانتخابات الطلابية في المدارس أن يكون ذلك تحت إشراف الجهات المعنية بإدارة الإشراف التربوي لكل منطقة، وذات الاختصاص والإلمام الكامل فيما يتعلق بالجوانب العديدة بالطالب؛ ولذلك من المفترض أن يتم تفعيل موضوع الانتخابات الطلابية بأسس سليمة مبنية على دراسات مسبقة. وقال:»في حالة ما إذا تم تطبيق انتخابات الطلاب في المدارس؛ فإننا نتمنى أن يتم الاستفادة من تجارب بعض دول الخليج في ذلك الأمر، والتي سبقتنا في تطبيق انتخابات طلاب مدارسها، حيث إنني حضرت مؤخراً أحد الملتقيات العلمية بإحدى دول الخليج، وكان أبرز مالفت نظري هو أن التنظيم والإعداد للقاء من أوله إلى آخره كان بواسطة طلاب الجامعات والمدارس، واثبتت الصورة الإبداعية لأولئك الطلاب وفي مجالات عديدة». جانب من انتخاب رؤساء اللجان الطلابية في متوسطة المتنبي الثقافة الديمقراطية حول هذا الموضوع تشاركنا الأخصائية الاجتماعية «منيرة عبدالله»، قائلة:»للأسف الشديد أن جميع المدارس الحكومية تفتقر للانتخابات الطلابية؛ فنحن جيدون في ممارسة سلطة العقاب وتطبيق القوانين الصارمة التي تصل أحيانا إلى الضرب، ولا أبالغ إن قلت إن الطالبات لدينا بحاجة لتلك الثقافة الديمقراطية؛ فهي تهدف إلى تدريب الطالبات على العمل في نظام مؤسسي وتربيتهن على المنافسة الشريفة، واختيار الأنسب واحترام مكانة الزميلة المنافسة، والعمل بروح الفريق الواحد، والمشاركة وتحمل المسؤولية نيابة عن الأخريات»، مشيرة إلى أن الانتخابات تمنح الطالبات زيادة الثقة بالنفس، وتبادل الخبرات، وتنمية الصفات القيادية لديهن، وتقدير الرأي المعارض واحترامه، داعية المسؤولين في وزارة التربية والتعليم تعميم التجربة؛ لتكون مدارسنا مفعمة بالحيوية والنشاط، إلى جانب تلقي العلم. مطالبات وأمنيات ويقول الطالب «فهد مساعد»:»أسمع كثيراً عن الانتخابات الطلابية التي تقام في مدارس الدول العربية الأخرى، وكم كنت أتمنى أن تطبق تلك التجربة في مدارسنا، خاصة أن أحد أقاربي الذي يدرس في إحدى المدارس السعودية بالخارج -بحكم عمل والده- اخبرني عن تجربته في خوض تلك الانتخابات، وكيف ساهم مع زملائه في دعم النشاط الطلابي، خاصة أن إدارة المدرسة لاتتدخل نهائيا في القرارات التي يتخذونها». طالب يفوز بمقعد رئيس اللجنة الإعلامية في المدرسة «إرشيف الرياض» أما الطالب بالمرحلة المتوسطة «حمود العنزي»، فيقول: أتابع باستمرارالأخبارالخاصة بمدارس الملك فيصل، وقد أعجبتني كثيراً فكرة جمعية الخريجين، ونحن كطلاب نريد انتخابات نزيهة نمارس من خلالها قدرتنا على تحمل المسؤولية، ونتمنى أن يمنحنا المسؤولون ذلك الحق؛ فنحن الأقدر على فهم ما يحتاج له زملاؤنا. وتتحدث «هيفاء بندر» -الطالبة في المرحلة الثانوية-، قائلة: «كنت أجهل معنى كلمة الانتخابات، ولكن بعد تجربة انتخابات المجالس البلدية أدركت مدى رغبتنا نحن الطالبات في ممارسة تلك الانتخابات في مدارسنا، وأن تكون هناك زيارات ميدانية بين المدارس لتطبيق الايجابيات وتجنب السلبيات التي نواجهها، مع التأكيد على إلزام المسؤولات في المدرسة بعدم التدخل؛ فنحن كطالبات لدينا القدرة على صنع القرار وتنفيذه.