** سعدت كثيراً بحضور حفل التكريم الذي أقامه النادي الثقافي الأدبي بمكةالمكرمة مساء أمس الأول الأربعاء للاحتفاء بالمربي الفاضل والروائي المميز الأستاذ حامد دمنهوري يرحمه الله.. تحت رعاية وزير الثقافة والإعلام الدكتور عبدالعزيز خوجة.. وبحضور ومشاركة نخبة من الأدباء والمثقفين والروائيين بالمملكة.. وإن تغيب الكثيرون ممن توقعت حضورهم ومشاركتهم في هذه المناسبة التكريمية. ** لكنني لم أستغرب هذا الغياب.. لأن مجتمعنا عودنا مع كل أسف على ألا يتذكر رموزه.. وإذا هو تذكر أحدهم.. فإنه لا يعطيه كل ما يستحقه.. ** وواحد في قامة الأستاذ المرحوم الدمنهوري كان يستحق منا وبالذات من المؤسسات الأكاديمية والتربوية والأدبية والثقافية.. وحتى من أمانات المدن الرئيسة بالمملكة أكثر من شكل من أشكال الاهتمام والتخليد.. ** صحيح أن الأستاذ الدمنهوري لم يعط الثقافة غير روايتين فقط هما رواية (ثمن التضحية) الصادرة عام(1378ه) ورواية (ومرت الأيام) الصادرة عام (1383ه).. لكن القيمة الأدبية والثقافية التي تشكلها هاتان الروايتان ولا سيما في ذلك الوقت من تاريخ الحركة الثقافية في هذه البلاد تعتبر (فارقة) ومؤثرة.. وتحسب له باعتبارهما عملاً فنياً مكتمل الخصائص والمقومات للأعمال الكبيرة التي ترقى إلى المستوى الجدير بالتخليد.. ** كما أن الأستاذ الدمنهوري.. فوق أنه أعطانا هذين العملين المتميزين.. فإنه يعتبر من رجال التربية الأوائل.. وممن وضعوا بصمتهم العملية التربوية.. ويكفي أنه أحد الدعاة والمؤسسين لجامعة الملك عبدالعزيز بجدة منذ اللحظة الأولى التي نشأت فيها كجامعة أهلية قبل أن تصبح بعد ذلك جامعة حكومية.. فقد كان أحد أعضاء مجلس هذه الجامعة المؤسسين لها منذ مراحل تكونها الأولى.. ** ولو سألت شباب اليوم عن من يكون حامد دمنهوري لما وجدت إجابة عند أحد منهم؟! ** ولماذا أذهب بعيداً.. فقد لا أجد إجابة تشفي القلب حتى عند بعض من تخرجوا من جامعة الملك عبدالعزيز نفسها وأصبحوا في عداد أعضاء هيئة التدريس الآن.. ** وقد يكون معيباً أكثر أن يجهل هذا الإنسان الرمز حتى الشباب من المثقفين أو المتابعين للحركة الأدبية والسبب في كل هذا.. أنها تعدم ثقافة الاحتفاء برموزنا.. وتقدير ريادتهم.. والاحتفاء بهم في حياتهم.. ومن باب أولى أن نتذكرهم بعد وفاتهم.. ** ولو تلفتنا يمنة ويسرة.. فإننا سنجد أنه لا يوجد من حولنا من خلدنا ذكراهم.. لا في شوارعنا.. ولا في جامعاتنا.. ولا في مدارسنا.. ولا في كتبنا ووثائقنا.. ومكتباتنا.. ** وإذا وجد هناك من أحد مثل الباحثة الأستاذة (موضي الخلف) التي ناقشت الأسبوع الماضي رسالة ماجستير عن الأستاذ المرحوم حامد دمنهوري كرائد وشخصية متميزة.. وشاركت أيضاً في حفل التكريم الذي أقامه نادي مكة الثقافي الأدبي. ** أقول إذا وجد أحد من المهتمين بهؤلاء الرموز فإن ذلك يعتبر في حكم النادر.. ومن هنا اكتسبت - في نظري - رسالة هذه الباحثة أهمية تستحق عليها الشكر والثناء.. ** وكم أتمنى أن تتنبه الدولة إلى هذا الجانب وتعمل على إصدار نظام مستقل لتكريم الرواد في كل مجالات الحياة الثقافية.. والاقتصادية.. والعلمية.. والسياسية.. والأمنية.. والرياضية.. والإنسانية.. لأن غرس قيم الوفاء في نفوس الأجيال هو من باب تعزيز وتعظيم قيم الوطن عند الإنسان.. وما أحوجنا إلى ذلك.. وأجدرنا بالعناية به وتحقيقه. ضمير مستتر: ** (من لا يحترم رموزه.. فإنه لا يعرف قيمة وطنه.. ومن لا يعرف وطنه ورموزه.. فلا قيمة لوجوده)..