* كنت أتمنى حضور حفل تكريم الأستاذ حامد دمنهوري في نادي مكة الثقافي الأدبي لاعتبارات عدة إلا أن سفري إلى المدينةالمنورة، على ساكنها أفضل الصلاة وأتم السلام، لم يمكنني من ذلك وهو عذر أرجو لمكانة الأستاذ الدمنهوري في نفسي أن يقلل عتب بعض الإخوة والزملاء الأحبة. * الاحتفاء من نادي مكةالمكرمة الثقافي الأدبي مقدر جدًا لما له من دلالات على اهتمام القائمين عليه بالرموز الثقافية السعودية. وللتاريخ فالصديق معالي الدكتور سهيل قاضي رئيس النادي عُرف عنه منذ أن كان مديرًا لجامعة أم القرى اهتمامه بالرموز الثقافية والإبداعية السعودية سواءً بنشر إنتاجهم المعرفي أو الاحتفاء بهم وهكذا توجه ليس سوى دلالة وعي أتمنى أن يمتد إلى كل مؤسساتنا التعليمية العامة والعليا والثقافية والأدبية والإعلامية فنحن في هذا الوطن لسنا بئر بترول كما يصورنا الآخرون بما فيهم أحبائنا العرب بل منا المبدعون والهامات الوطنية التي يُفتخر بها في كل مجالات الحياة. * وحين يحتفي نادي مكة الثقافي الأدبي بالأستاذ حامد دمنهوري يرحمه الله فهو إنما يقدم لكثير من أبناء الوطن ولعالمنا العربي واحدًا من أوائل المبدعين السعوديين في المجال الأدبي، فكثيرون من أبناء المملكة لا يعرفون الأستاذ الدمنهوري وهو في هذا مثله مثل غيره من الرواد والرموز الأدبية والفكرية التي لا يعرفها معظم السعوديين وذلك لعدم اهتمام المؤسسات الثقافية والتعليمية والإعلامية بهكذا رواد. * وريادة الأستاذ حامد في واحدة من أصعب الفنون الأدبية وهو مجال الرواية ومع ذلك أبدع وأجاد في روايته “ثمن التضحية” و“ومرت الأيام” وإن كنت لست ناقدًا أدبيًا أو متخصصًا في هذا الفن إلا أن قراءاتي منذ فترة مبكرة من حياتي لروايات عالمية وعربية تجعلني أقول إن روايتي الأستاذ الدمنهوري عبقة بالبيئة المحلية وأخَّاذة في شد القارئ إلى فضاءات مجتمعية يعيش بعضها حتى يومنا هذا. وبحسب معرفتي المتواضعة فالمحلية التي ينتهجها بعض الروائيين أصبحت من أسباب انتشار رواياتهم بل نيلهم جوائز عالمية ولعل في نجيب محفوظ وجابريل ماركيز خير مثال حين نالا جائزة نوبل للأدب لعمق وترسخ رواياتهم في المحلية لمكنونات مجتمعاتهم. * أحسن نادي مكة الثقافي الأدبي أيضاً في طباعة روايتي الأستاذ الدمنهوري طباعة حديثة أنيقة لتكون قريبة من يد القراء المهتمين بالرواية السعودية المحلية ولتكون أيضًا شاهدًا على إبداعات وريادة واحد من الرموز الأدبية السعودية المميزة. وهذا يدفعني إلى التأكيد على أهمية بل وحتمية أن تجعل مؤسساتنا التعليمية وبخاصة الجامعية والثقافية والإعلامية من إحدى أهم مهامها المساهمة الجادة في طباعة ونشر الإنتاج الفكري السعودي وتسهيل وتيسير خطوات ذلك على كل المبدعين فنصف قرن من الزمان ومعظم أبناء المملكة لا يعرفون “ثمن التضحية” و“ومرت الأيام” للأستاذ حامد دمنهوري شيء مؤسف بحق أديب وروائي رائد يستحق التكريم والاحتفاء.