مع تزايد وتيرة الحياة وتسارع دوران حركتها اليومية، حيث قلل التقدم السريع للمجتمعات واستخدام التقنيات الحديثة الجهد الذي يبذله الإنسان في الحركة، والتسلية والترويح عن النفس بكل ما هو ثري ومفيد، في الوقت الذي أصبحت فيه الروابط الاجتماعية ضعيفة وهشة، بفضل تغير النمط المعيشي في حياة الفرد، ومن ثم بات الحديث حاليا منصبا على كيفية إخراج الإنسان من بين فكي هذه الحياة السريعة الإيقاع، وضخ المزيد من الإحساس بالراحة والتسلية الهادفة، حتى لا يفقد آخر ورقة اجتماعية إنسانية يمسكها بها. وما ضاعف من الحديث عن الترويح والترفيه الآمن والتسلية الهادفة، هو افتقاد غالبية الفئات العمرية والشرائح الاجتماعية إلى ممارسة العديد من الأنشطة المهمة التي تعوض عن العلاقات الاجتماعية الإنسانية المفقودة مثل النشاط الرياضي الذي يكسب الفرد الصحة البدنية، والنفسية والاجتماعية، إضافة إلى تطوير ذكائه والارتقاء بجوانبه المعرفية، باعتباره حالة عقلية ووجدانية واجتماعية ونفسية وخلقية في أهدافه وعلاقته. والحقيقة أن مفردتي التسلية والترفيه كانتا حتى وقت قريب تعتبران مرادفتين لكل من اللعب واللهو ومضيعة الوقت، وهذا المفهوم التقليدي النمطي تغير كثيرا، وغدا مصطلح التسلية يعني إدخال البهجة والسرور إلى النفس، والتخفيف من حدة وقسوة المشاكل والأوجاع التي يواجهها الإنسان في سعيه نحو كسب لقمة عيشه، فالمهموم أو من ضاقت نفسه بما يقاسيه من متاعب حياتية يبحث عن ما يخفف عنه هذه المتاعب ويضخ في قلبه وروحة معاني السعادة والراحة النفسية وينمي في الوقت ذاته قدراته الذهنية والعقلية ليغدو أكثر إقبالا على الحياة وأوفر حظا على مجابهة ما يتراءى له من أمور تبدو مجهدة وعصية على النفس البشرية. وليس الغاية من التسلية والترفيه هو الإضحاك، أو إضاعة الوقت في ما لا ينفع أو يفيد، إنما هما عملية مركبة الغرض منها المساعدة على التخفيف من المتاعب والآلام والمعاناة ودفع الشعور بالضجر والسأم، مع تنمية مدروسة للقدرات الفكرية والمعرفية. إن عدم شيوع التسلية والترفيه أسهم إلى جانب أسباب أخرى في انتشار مجموعة من الأمراض تعرف بأمراض العصر وعلى رأسها السمنة، والسكري، والشرايين والسرطانات، وغيرها من الأمراض، ولا شك أن التسلية من السبل الوقائية للحيلولة دون التعرض لمثل تلك المشاكل. ولهذا علينا العمل على نشر ثقافة التسلية الهادفة والترفيه الآمن على نطاق واسع بين الجميع، فهذه نقطة مهمة للغاية وعلينا الالتفات إليها ودعمهما من أجل مستوى معيشي متقدم وحياة أكثر رفاهية وإنتاجية أفضل من ذي قبل. وتحتضن المملكة في ربوعها الكثير من المدن الترفيهية التي تضم أحدث ما توصل إليه العالم من آلات ومعدات وألعاب للتسلية والترويح عن النفس وهي تناسب جميع الأعمار وقضاء وقت بسيط كل فترة شيء ضروري للإنسان. وأخيرا علينا الاهتمام بالتسلية والترفيه وتوفير كافة الشروط من اجل نشر هذه الثقافة، مع التأكيد عبر وسائل الإعلام والمؤسسات التربوية على الدور الإيجابي للتسلية والترفيه في منح الحيوية والنشاط للأبدان والعقول. *مساعد مدير مدينة الحكير لاند الترفيهية