قبل سنتين من الآن كان المنتخب السعودي بقيادة المدرب السعودي ناصر الجوهر يعاني في التصفيات المؤهلة لنهائيات كأس العالم التي اقيمت فعالياتها عام 2010 بجنوب افريقيا إذ لعب أربع مباريات اثنتان منها على أرضه ولم يدخل رصيده من النقاط سوى أربع، فتعادل مع إيران في جدة ثم خسر من كوريا الجنوبية في الرياض وذهب إلى الامارات ليحقق الفوز الاول له وبعد ذلك حدث ما لم يكن في الحسبان حينما ذهب السعوديون على كوريا الشمالية بأمل تعديل المسار وجلب النقاط الأهم في المسيرة المونديالية وهو الامر الذي لم يكن ليحدث أمام المنتخب الكوري الشمالي القوي وفور الخسارة في بيونغ يانغ صدر القرار في الرياض بإقالة المدرب ناصر الجوهر والتعاقد مع المدرب البرتغالي بوسيرو. انتعاشة التغيير جاء اللقاء الخامس والذي كان يمثل نقطة الحسم بين الخروج مبكراً من سباق التنافس لخطف البطاقة المونديالية أو المضي قدماً حتى الخطوة الأخيرة وشاء الله أن تكون المباراة التي تلي قرار تغيير المدرب في ايران وأمام المنتخب الايراني المدجج بالنجوم وفي ملعب فاض بالجماهير الايرانية وبحضور رسمي على أعلى المستويات كان ان فاز الأخضر من دون أن يعرف السبب الحقيقي، هل هو المدرب أم انتعاشة التغيير، وارتفعت الحصيلة النقطية الخضراء إلى سبع نقاط وحل منتخب الامارات ضيفاً في الرياض وتقدم بالنتيجة ولكن اللاعبون السعوديون أبوا إلا أن تنهي فرحة الفوز السابق بتلك الطريقة، وقفزوا على كل المعوقات ليعادلوا النتيجة ثم يتقدموا ويطيروا بالنقاط الثلاث، بعد ان اضافوها للسبع الماضيات إلى سيؤول العاصمة الكورية الجنوبية التي شهدت إضافة النقطة العاشرة بعد التعادل مع المنتخب الذي ضمن بطاقة التأهل الأولى. بوادر فقدان الثقة بعد عشر نقاط وضعها المنتخب السعودي في سلته من سبع مباريات بات عليهم التفكير بالانتصار من دون غيره في موقعة الإياب التي ستجمعه بالمنتخب الكوري الشمالي في الرياض وبعد معاناة سعودية جماعية شملت اللاعبين والجماهير وطوال تسعين دقيقة بات خلالها الهدف كالغول والعنقاء والخل الوفي وهو "الهدف" الأمر الأهم نظراً لكون التعادل ينقل المنتخب الكوري الشمالي مع أخيه في الاسم للمونديال ويرمي بالمنتخب السعودي إلى هاوية الملحق فكان الخيار الثاني هو المفضل لبيسيرو الذي وقف متفرجاً أمام دفاع اللاعبين الكوريين وضياع اللاعبين السعوديين. بيسيرو يستسلم وامام الفرص المتتالية للتعويض أمام بيسيرو التي اصبحت تضيع منه كما تضيع الاهداف المحققة من مهاجم بليد واجه السعوديون ضيوفهم في الملحق البحريني على ملعبهم المفضل استاد الملك فهد الدولي من دون أن يلحظ اللاعبون والنقاد والجماهير أي تغيير في طريقة الأداء حيث الدفاع المكثف رغم مزايا الضيافة من ملعب وجماهير والاكتفاء بالهجمات المرتدة والاعتماد على اخطاء الخصم التي لم تحدث ومع انتهاء الوقت الأصلي للمباراة وفور رمي بيسيرو للمنديل الأبيض معلناً استسلامه لقرار ابعاده المتوقع وبعد ان مل اللاعبين من ترك مدربهم لهم تائهين بادر ياسر القحطاني للحاق بكرة ميتة ولعبها من خط الآوت للمدافع المتقدم حتى القائم الثاني للمرمى البحريني حمد المنتشري الذي سددها برأسه هدفاً بل ورقة حظ قدمها لمدربه بيسيرو الذي لم يحفل بها فلم تكد الدقيقة تمر على تسجيل هدف التقدم حتى عادل البحرينيون النتيجة وسط فرجة البرتغالي الذي كان يعلم جيداً ان التعادل الإيجابي سيجعله يبدأ إجازته مبكراً بعد ان خرج من مباراة الذهاب في المنامة من دون أن يسجل فريقه كالعادة، وفور نهاية حلم المونديال توقع الجميع قرار الإقالة لكون الوقت حينها كان الأنسب إلا أن شيئاً من ذلك لم يحدث فكتبت المعاناة مجدداً للجماهير السعودية. كذبة التفوق الخليجي وفي كأس الخليج ذهب المنتخب السعودي بأسماء معظمها إما غير معروف على الساحة الدولية او عائد من الإصابة للتو وبدا وكأن الحظ ابتسم لبيسيرو بعد فوز أول أمام المنتخب اليمني ثم تعادل غير مقنع أمام المنتخب الكويتي وبعدها فوز على المنتخب القطري بهدف لم يسجله لاعب سعودي ليحقق الأخضر المركز الثاني في مجموعته ووسط خوف من ملاقاة أحد المنتخبين القويين العراق وعمان حدث أن تعادلا ليخرجا من البطولة ويهطل الحظ بغزارة على البرتغالي بوسيرو بتصدر المنتخب الامارتي الرديف لمجموعته ومن ثم يتقابل الفريقان ويتكرر سيناريو مباراة قطر ثم تأتي مرحلة الحسم التي يهابها بيسيرو فيخسر السعوديون كأس الخليج أمام منافسهم بالاسم من دون المستوى الكويت وبمباركة من المدرب البرتغالي الذي يبدو أنه لا يستفيد من أخطائه أبداً. أن تصل متأخراً خير من أن لا تصل أبداً وجاءت البطولة التي تعشق السعوديون ويحبونها وتحب كأسها دواليبهم التي عايشها شبانها منذ كانوا يتعلمون المشي كأس أمم آسيا وبدأت الآمال والأفكار والخيالات تلعب في عقولهم وتلهب مشاعرهم وتعيد لهم شغف الكرة ومتابعة منتخب الوطن بأمل تعويض الانكسارات التي ارهقت عواطفهم خلال العامين الماضيين وزحف العاشقون متيمين بحب الأخضر داعمين له خارج البلاد وهم يغضون الطرف عن كل ما مضى من جراح أياً كان من تسبب بها ليكتب لهم مشاهدة نهاية نهاية الروايتين الأكبر رياضياً في تاريخ السعوديين بل "المأساة والملهاة" للكرة السعودية بأعينهم حينما تعثر الأخضر في خطوته الآسيوية الأولى أمام السوريين الذين حققوا فوزهم الاول في البطولة بل وخلال 35 سنة لم يتذوقوا فيها الفوز على المنتخب السعودي ويأتي الفرج أخيراً بإقالة بيسيرو وتعيين المدرب الوطني ناصر الجوهر بديلاً له. وهنا نقول: "أن تأتي متأخراً خير من أن لا تأتي أبداً" هذه هي قصة بيسيرو مع المنتخب السعودي لمن أرادها.