أخيرا أثمر الجدل الطويل حول المدرب بيسيرو عن تنحيته عن منصبه، ليست تنحية بسبب اقتناع بعدم قدرته على قيادة المنتخب الأول، ثم ولدت القناعة نتيجة طبيعية لرأي الخبراء والنقاد، بل جاءت بسبب خسارة حدثت، وهي العادة التي تحدث مع المدربين الذين يعملون هنا، مع المنتخب والأندية على حد سواء. رحل بيسيرو لأنه لم يفلح بقيادة المنتخب الأول إلى الفوز على سوريا في افتتاحية مبارياته في البطولة الآسيوية في الدوحة، ليس لأن المنتخب أخفق فحسب، بل لأن الأداء كان سيئا، وكانت النتيجة الطبيعة لذلك المستوى خسارة مفاجئة أدت بالتالي إلى إبعاده. التغيير الذي حدث عملية جراحية عاجلة تهدف إلى تغيير ثوب المنتخب المهترئ بثوب آخر جديد لعله يكون زاهيا ليقدم "الأخضر" بصورة أفضل في مشواره القادم، مباراتاه المتبقيتان في الدور التمهيدي أمام الأردن واليابان، ثم بقية المباريات في الأدوار الأخرى إن نجح في تصحيح المسار. كان المدرب الاحتياطي الجاهز كالعادة الوطني ناصر الجوهر، وهو مدرب كما يعرف الجميع صاحب قدرات متوسطة ينجح أحيانا، ولا ينجح أحيانا، وظل بحكم منصبه مستشارا فنيا في الاتحاد السعودي لكرة القدم، وبالذات في المنتخب الأول جاهزا لمثل هذه المهمات المستعجلة، لكنها تكون ممكنة أحيانا، وصعبة أحيانا، لكنه لا يملك سوى الاستجابة لطلب (الفزعة) لسببين، الأول وطني، والثاني وظيفي. يأمل صانع القرار أن تتكرر الصورة التي حدثت في نهائيات كأس آسيا 2000 في لبنان، وهي صورة كما يعرفها الجميع، خسارة المنتخب في افتتاحية مبارياته أمام اليابان 4-1 ليقال المدرب ماتشالا، ثم يتولى الجوهر المهمة مكانه ليقود المنتخب بالتالي إلى النهائي ويخسره مع اليابان 1-صفر، كان التغيير نفسيا، وكان اللاعبون في ذلك الوقت مهيئين لتحقيق انتصارات متتابعة، أيضا كانت الخسارة من منتخب اليابان، ذلك المنتخب الذي بدأ يبسط سيطرته على كرة القدم الآسيوية، ولا غرابة حينما يخسر منه أي منتخب، أما الخسارة الأخيرة فإنها حدثت على يد منتخب لا حضور له في مثل هذه البطولات، ولذا فإن الخلل يرد في مثل هذه الحالة إلى وضع المنتخب السعودي، لا إلى حالة المنتخب المقابل، هل هو مهيأ للفوز أم لا، وبصورة أخرى فإن المباراة الافتتاحية للمنتخب السعودي لو كانت أمام اليابان لربما اختلف القرار! لنأخذ المنتخب الياباني نموذجا حيا على غموض كرة القدم، فقد خسر لقاءه الافتتاحي أمام الأردن يوم الأحد، قبل لقاء منتخبنا بساعة من منتخب مغمور آسيويا هو منتخب الأردن حتى الوقت بدل الضائع الذي تمكن فيه اليابان من اللحاق به بهدف التعادل، أي أن المشكلة هي نفسها تقريبا التي حدثت للمنتخب السعودي، منتخبان قويان يتعثران أمام منتخبين ضعيفين، هذا أمر طبيعي. لنعد إلى المنتخب السعودي ومدربه ناصر الجوهر، فهو مدرب وضع في مأزق التدريب في وقت حرج، وهو الذي ابتعد عن تدريبه في التصفيات المؤهلة إلى نهائيات كأس العالم الماضية بعد نتائج غير جيدة، فهو مدرب بعيد عن اللاعبين في الوقت الحاضر، وعن التدريب أيضا، وتوليه هذا المسؤولية مغامرة قد تنجح، وربما تفشل، لكن التغيير من أجل التغيير بحد ذاته يؤدي نتائج جيدة أحيانا. حضور الجوهر مدربا منقذا في هذا الوقت هو إجراء اضطراري كان لا بد منه، وهو لا يملك من الأمر شيئا في هذا الوقت بالذات، ولذا فإن نجاحه مرهون بصنع حماس يبسط نفوذه على جميع لاعبي المنتخب ليعوضوا النقص الفني الذي حدث مع بيسيرو، ومتوقع أن يحدث مع الجوهر، تعاون الجميع معه من أجل إنقاذ المنتخب هو السلاح الذي يمكن أن ينجح بدءا من لقاء المنتخب مع الأردن! على كل حال فإن تحميل الجوهر أي مسؤولية في حالة لم ينجح في إعادة التوازن إلى صفوف المنتخب هو ظلم له، ولذا فإن أهم ما يمكن مساعدته فيه تشجيع جماعي له ليتولى مهمته بحماس وثقة. الخسارة من سوريا عجلت برحيل بيسيرو