قبل شهر تقريباً وخلال استضافتي في برنامج (جرايد) عبر قناة الدوري والكأس القطرية فاجأتني المذيعة المتميزة هدى محمد بسؤال حول ما إذا كنت متفائلاً أو متشائماً حيال مشاركة منتخبنا الوطني في كأس أمم آسيا، في وقت كنت أفند فيه - بحسب رؤيتي - أخطاء المدرب بيسيرو في (خليجي 20)، وشعرت لحظتها أنه قد أسقط في يدي، فجواب السؤال وإن بدا في ظاهره سهلاً؛ لكنه في واقعه في غاية الصعوبة؛ خصوصاً عند من يقوّمون للكلمة وزناً، ويعطون لمعناها قيمة. أجبت حتى قبل أن ألتقط أنفاسي وبصدقية متناهية بأنني لا أرهن قناعاتي لثنائية التفاؤل والتشاؤم، وإنما انطلق فيها من قراءات خاصة تستند على تحليل المعطيات وتقويم الأحداث، التي قد تصل بي في نهاية المطاف إلى مفترق طريق في مسار التفاؤل والتشاؤم. ثم أردفت قائلا: في معترك الدوحة أجد نفسي (متشائلاً)، فلمعت ابتسامة في عين المذيعة، وشعرت أنها ستعقب على حديثي، وقبل أن تبتدرني بسؤال جديد. أضفت: أما تفاؤلي فمصدره أن (الأخضر) عودنا على التفوق على نفسه، وقهر ظروفه، مهما كانت الصعوبات، وكيفما بلغت العراقيل، وليس أدل على ذلك من بلوغه نهائي بطولة العام 2007. في وقت لم يكن فيه مرشحاً، على الأقل من قبل أنصاره، أما تشاؤمي فمرده لتخبطات السيد بيسيرو!. حدث ذلك قبل شهر من الآن، وقبل أن يخوض المنتخب أي مباراة ودية من مبارياته الثلاث التي خاضها مع العراق والبحرين وأنغولا، التي بصم كثيرون على إثرها (بالعشرة) على أن بيسيرو يقود القطار السعودي خارج السكة، وهي المباريات التي بدلاً من أن تبدد القلق زادته عن حده، وبلغت بالتشاؤم مبلغاً بعيداً، فلا مستويات مقنعة، ولا نتائج مطمئنة، بل حتى هوية المنتخب كانت غائبة بسبب عدم الاستقرار على تشكيلة واضحة، وهو ما جعل غالبية السعوديين يضعون أياديهم على قلوبهم قبل دخول المحطة الأولى، التي سيلتقي فيها يوم غد نظيره السوري. وفي ظل هذا الواقع المخيف جداً على مصير (الأخضر) ليس لنا إلا أن نراهن على لاعبينا فقط، وأن نتفاءل بهم، وإلا فإن الترقب حتى يجود علينا بيسيرو بما لم يجد به من قبل هو ضرب من العبث، بل إن ذلك أشبه بمن ينتظر أن تجود سماء الرياض بالمطر في عز الصيف، فقد أعطي الرجل من الفرص ما يكفي؛ إذ إنه سيدخل عامه الثاني مع المنتخب بعد شهر من الآن، وهو حتى اللحظة لم يضع بصمته عليه، بل إن من شاهده في مبارياته الثلاث الودية الماضية يعتقد أنه للتو قد تسلم المهمة وليس قبل عامين؛ ولكن رغم كل ذلك، يجب أن نكون مع (الأخضر) قلباً وقالباً؛ وأن نشد من أزره بدعمنا ودعائنا، وألا نرتهن هذه الوقفة بمبدأ الرضا أو عدم الرضا، أو التشاؤم والتفاؤل، حتى نكحل أعيينا برؤية ياسر القحطاني وهو يحمل الكأس للمرة الرابعة كما حملها قبله صالح النعيمة ويوسف الثنيان في ثلاث مناسبات.