هذه الأيام أراقب وابنتي حركة السحب من نوافذ البيت كلما سنحت الفرصة, باحثين عن اتجاهها بعد أن غمر حينا المطر بشكل عنيف منذ قريب, وتعبير (عنيف) لمدينة جدة يبدو مخففا بالطبع لأن أي كمية أمطار تعني لأهلها أزمة فورية كما هو معروف، فقد علق الناس في مركباتهم في الطريق كالعادة وتجمعت برك المياه في بحيرات طينية في بعض الأحياء وعادت الفتاة من مشوار بالبلد بعد أن قضت ساعتين ونصف هي زمن رحلة العودة للمنزل تواصلنا من خلالها بدردشة الهاتف الذكي ومع ذلك سألتني" ألم يكن هناك وقت كاف للبلدية لأن تصلح أخطاء مشاكل المطر والطرقات ؟" لم أعرف كيف أفسر الظاهرة المستمرة لأنني بالفعل لا أعرف فمسببات همومها البيئية متعددة والجميع الآن يركز على مطر جدة ومدينة جدة ومشاكلها، هذا عدا ما تبثة تصاريح المسؤولين والتحقيقات بالصحف وكلها تتطرق إلى مواقيت زمنية وخرائط ميدانية بتنا نخشى معها أن تغمر المشاريع المنتظرة كل أحياء المدينة فيصعب الانتقال من مكان لآخر. الخبر الإيجابي هذا العام هو الاستعداد المسبق بتوعية الناس في الصحف كما أن الدفاع المدني بات يرسل التحذيرات على الهواتف، وهذه بوادر تساعد الجميع لاشك بما فيهم ساكني الأحياء المنخفضة والمعرضة للسيول غير أن حلولاً عملية لإنقاذ المدينة من همومها هي التي تتطلع إليها المدينة. ومع ذلك فقد اعتدنا محبة المطر، رغم ما يصاحب هذه المحبة من استنكار جماعي أحيانا على اعتبار أن كثرته تجلب الضرر البيئي للمدينة و المستنقعات التي بدورها تجلب البعوض المسؤول عن نشر حمى الضنك. والحق أن هناك سيارات رش لمكافحة البعوض تجوب الأحياء كل يوم. وهذه إن لم تؤد إلى الوقاية الكاملة فقد تذكر الناس على الاقل بأهمية الوعي بمشكلة الضنك التي تستوطن مناطق عديدة من مدينة جدة، فيأخذون حذرهم من البعوض وتجمعات المياه خاصة لدى الأطفال الذين يتركون بالساعات في الشوارع للعب. *** فتيات في محيطي العائلي أصبحن يتابعن أخبار المطر وبشغف , ربما لأنه يعتبر حدثا يأتي قليلا فيبهج الأشجار والاطفال وينظف الأجواء كما كانت تقول طبيبة صديقة, فالأتربة تختفي وألوان البيوت تعود لرونقها وكأنها جديدة، والتراب يختفي من الشرفات والجدران والأسوار. المشكلة بالطبع أن كل هذا يتجمع على الارض ثم تترك آثاره على السيارات. اما المتابعة الميدانية فآخر ملامحها هو أن تأتيني ابنتي بنشرة الطقس من البي بي سي بعد ان تكون أرسلتها ابنة خالتها، وتسأل عما قالت به مصلحة الأرصاد عندنا. ونقارن . وفي نشرة يومين، وجدنا أن ما تبثه مصلحة الأرصاد في المملكة أكثر دقة، فعندما تقول أمطار خفيفة بإذن الله تأتي خفيفة بينما نشرة خارجية تحدثت عن برد يصيب مدينة جدة ولم يحدث. عموما ما زلنا في أجواء الأيام الممطرة ونأمل أن يعود موسم الشتاء المقبل ومدينة جدة وطرقاتها مستعدة للمطر دون هموم إن شاء الله.