"خادمة براتبي" قد يبدو للوهلة الأولى أنه عنوان لقصة مسلسل تليفزيوني اجتماعي قصير، ولكنه في الحقيقة عبارة عن "مطب" مالي خانق تجد الزوجة نفسها فيه مضطرة، وأحياناً مغلوبة على أمرها؛ فتستنجد بمساعدة الأهل والصديقات لدفع راتبها أوتحاول إدارج هذا البند الطارئ في ورقة التخطيط المالي للميزانية الشهرية الخاصة بها، وذلك بهدف الخروج من نفق هذا المطب الضيق بأقل الخسائر المالية أو المعنوية في حال غادرت "الخادمة" البيت دون رجعة بعد أن يكون الزوج قد أشعرها بعدم الرغبة في الدفع لعدة أسباب بعضها يتعلق بمسؤولياتها الكاملة من وجهة نظره عن هذا البند والرأي الآخر ربما لشعوره بأنّ هذه الخادمة تقيد حريته الشخصية داخل حدود بيته. ضرورة الاتفاق المسبق بين الزوجين لتحديد مسؤولية من يدفع! "الرياض" جمعت القصص من البيوت التي تحن لعودة "الخادمة" بعد أن غادرتها وبيوت أخرى تئن تعبا من غيابها وبيوت تزورها "الخادمة" لفترة زمنية قصيرة ثم تغادرها مع مغيب الشمس. مشاكل زوجية اضطرت السيدة "أفنان العمري" للاعتماد على نفسها والقيام بشؤون بيتها المكون من سبع غرف وملحقاته ورعاية ستة من الأبناء تستعين بهم أحياناً؛ لمساعدتها عندما تشعر بالإرهاق، وذلك بسبب رفض زوجها الميسور الحال دفع راتب "الخادمة" نهاية الشهر دون توضيح أسباب ذلك؛ مما تسبب في حدوث مشادات كلامية مع كل خادمة يحين موعد استلامها لراتبها وتخرج من البيت على أمل إرسال راتبها في أقرب وقت تحولت فيه المناقشات بينهم في بعض الأحيان إلى عراك بالأيادي وحدوث بعض التلفيات في أثاث الشقة، مشيرة إلى أنه رغم التعب الذي تشعر به مع نهاية كل يوم يبدأ مع شروق الشمس وينتهي مع مغيبها؛ إلا أنها تجد ذلك أرحم بكثير من الحرج الذي يسببه لها زوجها عندما قرر عدم دفع راتب الشغالة مما دفعها لطلب المساعدة من أهلها أو صديقاتها والذين أصبحوا يتمللون من هذا الطلب المادي لأنها لم تستطع الوفاء في إرجاع ما استدانته. مساعدة الزوج وترفض السيدة "ود بوقري" مساعدة المرأة لزوجها في دفع راتب الشغالة مهما كلف الأمر، معتبرةً هذا البند من أولويات بنود الميزانية الشهرية، والتي يجب أن يلتزم بها الزوج، مشيرة في سياق حديثها إلى أنها تركت بيتها في إحدى المرات عندما رفض زوجها عودة الشغالة إلى البيت بعد انتهاء إجازتها الأسبوعية؛ بسبب عدم قدرته على دفع راتبها، لتعرضه لأزمة مالية، فاقترحت عليه تقسيم العمل بينهما بعد عودته من دوامه مما جعله يعجل بعودة الشغالة بعد ثلاثة أيام من اتفاقية التعاون بينهما. مسؤولية الزوجة وتعتقد السيدة "فايزة الغامدي" بأنّ ربات البيوت أوفر حظاً من الزوجات العاملات اللواتي يلتزمن بأعباء مالية تتضمن دفع راتب الشغالة والسائق وإصلاح أعطال السيارة، مشيرة في حديثها إلى أن راتب "الخادمة" أصبح في الوقت الحالي من مسؤوليات الزوجة وإلا فإن الخروج النهائي ينتظر "الخادمة" دون سابق إنذار وفي أسرع وقت، مضيفةً بأنها دوماً تردد على مسامع زوجها بأنها سئمت من هذه الأعباء المالية الخانقة، والتي هي من واجبات القوامة وتستنزف راتبها فيجيبها بأن ما يدفعه قيمة الوقت الذي تترك فيه البيت. أجر رمزي وتستعين السيدة "أمل الحفني" بخادمة أهلها أو إحدى صديقاتها المقربات مقابل أجر رمزي؛ لمساعدتها في تنظيف البيت المكون من غرفتين وصالة وغسيل وكي الملابس وإعداد الخضروات لحفظها بالفريزر؛ لأن زوجها يعتبر وجود الخادمة في البيت تقييد لحريته واستنزاف لدخله المتواضع، قائلة: "دوماً أتظاهر لزوجي بأنني أشكو من آلام الظهر، والتي قد تكون سبباً لعدم مقدرتي على الإنجاب لعله يفاجئني بخادمة عن طريق مكاتب الاستقدام ومازلت أعيش على هذا الأمل"، موضحة بأنها قد تضطر لوضعه بين خيارين إما الخادمة والحمل الذي يتمناه وإما تأجيل هذا الحلم حتى إشعار آخر. مصروف الزوجة تحول إلى رواتب للخادمة راتب شهري عدنان: لا أجد سبباً مقنعاً يدفع الزوجة لمشاركة زوجها أعباء الحياة المالية أما السيدة "أفراح الغالبي" فبرغم تعرضها للإجهاض مرتين إلا أنّ زوجها يرى أنّ خادمة والدته والتي تسكن في الشقة المجاورة لهما بإمكانها معاونة زوجته الطالبة الجامعية وقت حاجتها لذلك، وأن مشروع استقدام خادمة خاصة بهم لا يمكن تنفيذه على أرض الواقع وبدون إبداء الأسباب لذلك مما جعلها تطلب المساعدة الفورية من والدها والذي خصص لها راتب شهري لخادمة تعمل لديهم منذ ثلاثة شهور رغم اعتراض الزوج على هذا التصرف على اعتبار أن الصرف المادي على البيت من مسؤولياته الشخصية. وتنازلت السيدة "هبة الحربي" عن مصروفها الشهري 1000 ريال والذي بالكاد تحصلت عليه بعد زواج دام سبعة عشرة من أجل أن تدفعه "للخادمة" بعد أن أخبره زوجها أن المصروف الذي أضطر لدفعه لها أربك ميزانيته مما يعني أنه يفضل إحضار "خادمة" لمدة ثلاثة أيام في الأسبوع وتتقاضي راتبا متواضع لا يتجاوز ال 500 ريال تاركا لها حرية القرار في دفع راتبها إذا كانت بحاجة لوجود الخادمة بشكل دائم معها مما يعني انتقال مصروف الزوجة من يدها اليمنى إلى اليد اليسري للخادمة كراتب شهري. رأي الأزواج "الأزواج" الطرف الثاني في هذا التحقيق كان لهم رأيهم والذي حمل التأييد أو الرفض وأحيانا أخرى الحيادية أو الالتزام بضرورة دفع راتب الخادمة، الموظف "إسماعيل قوته" يعتبر وجود الخادمة في البيت "ضرورة" إذا دعت الحاجة لذلك كأن تكون الزوجة مريضة أو لديها طفل يستدعي الرعاية الصحية الدائمة، معتبراً عمل المرأة في بيته من أهم الأولويات في حياتها وإذا رغبت الخروج للعمل فراتب "الخادمة" من مسؤولياته ولا يجب أن تعتبر ذلك تنصل من الزوج لمسؤوليته فالحياة الزوجية مشاركة بين الطرفين. الاتفاق في المسؤوليات وأكد الأستاذ "علاء النهدي" على أن المسؤوليات بين الزوجين يجب أن يتم الاتفاق عليها قبل الوصول إلى منتصف الطريق في حياتهم الزوجية فلا تتعقد الحياة وتكون سبب لانفصالهم إضافة لعدم شعورالزوجة بطمع الزوج في راتبها حينما يقترح عليها أن تقوم بدفعه خاصة إذا كان راتبها لن يتأثر، وقال: "رغم أنني أقوم بدفع راتب السائق والخادمة إلا أنني أشعر بأنني أظلم نفسي فزوجتي المعنية بخدماتهم ويجب أن تبادر بدفع رواتبهم بناء مما أسمعه من نصائح اصدقائي". المشاركة في الراتب وذكر الأستاذ "ماجد العصيمي" بأنه قام بتهديد زوجته ببيع السيارة وإيقاف السائق والخادمة عن العمل إذا لم تقم بمشاركته في دفع رواتبهم بعد أن عينت في إحدى الوظائف المرموقة، معتبراً ذلك من باب المساواة في ظل التزامه بدفع رواتبهم قبل أن تصبح موظفة ولتنتهي الأمور بينهم إلى بر الأمان عندما رضخت لرغبته وتكفلت بدفع راتب الخادمة. الخادمة ضرورة ويرفض الأستاذ "عدنان الديب" المتزوج من زوجتين إحداهما تعمل معلمة والأخرى ربة بيت مشاركة الزوجة في دفع راتب الخادمة أو مشتريات للبيت مهما كلف الأمر لدرجة أنه يقوم بسداد أي مصروفات دفعت من المصروف الشهري المخصص للزوجتين خلال سفره خارج البلاد على أبنائها؛ لأنه يعتبرها من مسؤولياته المحاسب عليها أمام الله، مضيفاً لا أجد سببا مقنع يدفع الزوجة لمشاركة زوجها أعباء الحياة المالية والتي يجب أن تكون وفق استطاعته المالية حتي يستطيع الإيفاء بها دون مساعدة من طرف أخر، فالخادمة ضرورة يحتمها واقع الحياة الحالية فالزوجة من وجهة نظري ليس مطلوب منها القيام بخدمة البيت بل مجرد الإشراف عليه والإشراف على تربية الأبناء ورعايتهم. ضرورة الاتفاق من جانبها أكدت "منال الصومالي" أخصائية الطب الاجتماعي بمستشفي الملك فهد على ضرورة الاتفاق المسبق بين الزوجين لتحديد مسؤولية من يدفع لمن يقوم بتأدية الخدمة بالبيت سواء أكانت "الخادمة أو السائق" والاتفاق يجب أن يشمل ظروف هذه الأسرة المادية والاقتصادية والدور الذي سيقدمه مقدم الخدمة على أن يكون النقاش بشكل واضح وصريح وتوضيح الأسباب التي تدفع بالاستعانة بالخادمة في حال كانت الزوجة امرأة عاملة أو ربة بيت مؤكدة في سياق حديثها بأنه يحق لكل امرأة الحصول على من يقوم بخدمتها أو مساعدتها. وأضافت: أن ما يحدث أحيانا بين الأزواج والضغط على الزوجة للرضوخ بأمر ما مثل إلزامها بدفع راتب الخادمة يعتبر من أنواع الضغوط النفسية والتي لها تأثير اجتماعي سلبي من حيث الأمان الاقتصادي والمادي والذي تحتاجه المرأة بالدرجة الأولى في حياتها وعدم القبول قد يؤدي للانهيار الكامل لهذه الأسرة، مما يكشف عن مستوى تقدير الزوج لزوجته.