لا يستطيع «محمد» رئيس قسم المبيعات والتسويق في إحدى الشركات أن يتجاهل سكرتيره «محمود» الموظف الذي التحق بالعمل منذ ثلاثة أشهر؛ لتلحق به «معاناة» «محمد» الذي يعاني كثيراً من إهماله وتأخره، وكذلك إضاعته للكثير من الأوراق الهامة والملفات في المكتب وقلة خبرته في مجال التسويق والدعاية، حيث اعتاد «محمد» على سكرتيره السابق الذي كان ينظم له كل شيء، وبعد انتظار طويل جاء «محمود» الموظف الذي يجمع في شخصيته نقيضين «الطيبة والبلادة في العمل مع القليل من الكسل وصعوبة الاستيعاب».. فمحمد رئيس القسم لا يستطيع حينما يطلب من سكرتيره «البليد محمود» أن يزوده ببعض التقارير أن يتجاوز ملامح وجه «محمود» البليدة جداً والطيبة جداً حينما يفتح فمه «ببلادة ويسأل» أي ملف وأي موعد يا أستاذ.. لا أتذكر!.. ليستشيط غضب «محمد» ويشعر برغبة في تقديم خطاب سريع وعاجل لرئيس الشركة بأن يستغنى عن خدماته.. ولكنه ما أن يدخل في دائرة الغضب تلك حتى يتقدم «السكرتير» محمود» ويطل في وجه رئيسه «محمد» بعفوية ليقول مستدركا «آآآه.. تقصد الملف الأزرق الخاص بالمعاملات.. مازال في درج مكتبي نسيت أن اتصل بالعملاء أمس لأحدد لهم موعد الاجتماع.. الآن سأذهب لأتصل.. يقولها وهو يعبث بأذنه اليمنى فيما تلاعب يده اليسرى قلم «محمد» الذي رماه على مكتبه بعد لحظات من الغضب التي لا تكفي لأن يتخذ موقفا جادا حيال «محمود»؛ لأنه يخشى أن يشتكيه فيقطع رزقه!. ليس «محمد» رئيس قسم المبيعات والتسويق الوحيد الذي لا يستطيع أن يتجاوز «طيبة قلبه» حيال موظفه البليد «محمود» الذي يخشى حينما يقدّم فيه تقريرا أن يقطع رزقه، بل إن هناك الكثير من المدراء والمسؤولين؛ ممن يخشون أن يشتكوا موظفيهم فيتسببوا بقطع رزقهم من منطلق «قطع الأعناق ولا قطع الأرزاق»، فهل تلك المقولة مجدية ونافعة لتكون المبدأ في التعامل مع الموظفين الذين لا يقومون بمهام عملهم كما يجب؟، أم أنه لابد من استخدام الحلول المجدية والجذرية نحو موظف «لا يقوم بمهام عمله كما يجب» بدلا من استخدام مقولة «أخشى أن أقطع رزقه»، أم أنها «الطيبة» و»التسامح» التي يجبل عليها المرء منذ الصغر؛ ليشب كبيراً وحتى حينما يكون في موقع المسؤولية يخشى من أن يلحق الضرر بشخص حتى إن كان هذا الشخص مخطئاً.. أو غير مسؤول في موقع المسؤولية.. نموذج المئات! «صالح عبدالرحمن» نموذج لموظف حاول كثيراً مسؤوله في العمل أن يحتوي أخطاءه بالإنذارات المستمرة دون جدوى.. ف»صالح» موظف سجلات في إحدى المحاكم على المرتبة الرابعة، حيث تنطلق مهمته بالإشراف على تلك السجلات التي تمثل أرشيفاً للقضايا والصكوك التي يرجع إليها القاضي ويحتاجها للنظر فيها، إلاّ أن إهمال «صالح» ومحاولته الدائمة للتهرب من مسؤوليته في العمل بتأخره الدائم وربما غيابه، وبخروجه المستمر في أوقات الدوام الرسمي لقضاء أموره الشخصية في أوقات الدوام وعدم انتظامه على الأوقات الرسمية المحددة في العمل كموعد الدخول والخروج ساهم في تأخير الكثير من القضايا، وقد وجه له رئيس السجلات أكثر من إنذار حتى ينبهه إلى سوء سلوكياته الوظيفية، وقد كان ذلك بمثابة جرس الإنذار الذي حرك «صالح»؛ لأن يبحث عن قريب يتوسط له لدى رئيس السجلات حتى لا يرفع أوراقه بالفصل.. وقد تطوع أحد أقاربه ليدخل بالسماح عن «صالح»؛ فأبدي رئيس السجلات تفصيلاً؛ لما يحدث في العمل من ذلك الموظف، حيث حاول كثيراً تنبيه «صالح»؛ لأنه لا يريد أن «يقطع رزقه» دون جدوى.. فهل تكون قصة الموظف «صالح» بداية التساهل الذي لا نهاية له والذي خلق منه موظفا غير مبال؛ بسبب استغلاله لخوف رئيسه من قطع رزقه!. تغيير النظرة وتشير مديرة مركز التعليم الخاص بالخبر "د.سحر القصيبي" إلى تجارب مماثلة صادفتها في مجال عملها حيث إن الكثير من الموظفات اللواتي يعملن تحت إدارتها يخشين تقديم الشكوى أو الملاحظات التي تتعلق ببعض زميلاتهن في العمل واللواتي يصدر منهن تقاعس أو إهمال لواجباتهن الوظيفية خشية "قطع رزقها"، وهذا أمر خاطئ لابد من تغير النظرة إليه، فلابد أن يكون هناك ثقة متبادلة بين الرئيس وبين الموظفين حتى تحصل مكاشفة تتسم بالشفافية دون تردد من البعض فلابد أن يشعر أي موظف أو موظفة ينتمي لجهة عمل بالثقة الكاملة بأنه سيتم التعامل مع من يسيء إلى عمله أو يتخاذل بالطريقة المثلى وبما يلزم فليس هناك عقاب أكبر من مستوى الفعل الذي وجد ذلك العقاب بسببه. وقوع الأخطاء وأوضحت بأن كل إنسان معرض للخطأ وليس هناك من يتنزه عن إحداث الأخطاء وذلك ماينطبق على الموظف والموظفة الذين يهملون في أعمالهم الوظيفية فليس هناك من يتسم ب" بالمثالية" داخل العمل، ولذلك لابد أن يتعامل مع تلك الأخطاء بتنوع فهناك من الأخطاء يتغاضى عنها، وهناك التنبيه عليها، وهناك من يؤخذ فيها موقف صارم خاصة الأخطاء التي تؤثر على سير العمل، محملة "المدير" في أي قطاع عمل مسؤولية تقييم تلك الأخطاء من حيث التنبيه عليها بالتوبيخ فقط أو العقاب الصارم وفي النهاية الثقة هي أساس التعامل الوظيفي ، مشددة على ضرورة اتخاذ الموقف الواضح تجاه الموظفة التي تتسم بالإهمال أو التقاعس عن أداء واجبها الوظيفي، فمقولة "أخشى أن أشتكيه فأقطع رزقه" مقوله غير صحيحة. الأمانة وأشارت إلى أنّ المسؤول في أي جهة عمل مساءل عن الأمانة التي يتولاها في العمل ولابد أن يتعامل مع مايديره بأمانة ومسؤولية كبيرة، فتلك أمانة لذلك إذا وجدت الموظفة التي تقوم بعملها كما يجب ولديها هدر لقيمة الوقت في العمل وإهدار لممتلكات المؤسسة ذاتها وكذلك سلوكها الاجتماعي والتنظيمي والإداري غير مناسب فهذه جميعا تقيم عليه من خلال التقييم الإداري المهني المتبع في العمل والتي لاتخضع لاعتبارات شخصية، مضيفة بأن هناك من الموظفين من يحتاجون إلى تدريب على القيام بالعمل فالبعض لايعرفن كيف يؤدين العمل فيحتجن هنا إلى التدريب لإتقان المهارات الوظيفية في العمل. تقديم النصح وتتفق معها المحاضرة في جامعة الدمام "مي الجامع" التي ترى بأنه ليس هناك مايسمى ب" قطع الأرزاق" فلابد من التسلسل في تقديم النصح والملاحظات لأي موظف لايقوم بواجباته الوظيفية على أكمل وجه فهناك الإنذار الأول ثم الثاني ثم الثالث ثم بعد ذلك اتخاذ إجراءات بحق ذلك الموظف أو الموظفة في حالة عدم انضباطه في عمله لأنه يكون بعد تلك الإنذارات من "جنا على نفسه"، وهنا يأتي فن التعامل مع الموظفين من قبل المدير أو الرئيس في قطاع العمل، موضحة بأن على من يلاحظ أي خلل في موظف سواء كان زميله في العمل أو موظفاً يرأسه أو حتى رئيسه فعليه أن يتقدم بالملاحظات التي تذكر أوجه الخلل على أدائه. تدرج في الحلول وأكدت على أن تقويم تلك الأخطاء لايعني "قطع رزقه" فهناك تدرج في الحلول والإجراءات المتبعة معه بل أن السكوت عنه هو الخطأ ، مشددة على ضرورة عدم التزام الصمت مع مثل هؤلاء الموظفين لأنه قد يكون لدى الموظف مشكلة تحتاج لتدخل من خلال رئيسه في العمل وربما احتاج إلى رعاية نفسية أو توجيهه للمكان المناسب لإمكانياته الوظيفية وفي النهاية لابد من التذكير على أن مصلحة العمل فوق كل اعتبار فهي أمانة مساءل عليها صاحبها. إمهال الموظف أما مدير عام الزكاة سابقا المستشار "عبدالعزيز جمجوم" فيرى بأنه لابد من إمهال الموظف الذي لايقوم بواجباته الوظيفية كما يجب بشكل كبير فلابد من تقديم النصح له عدة مرات فإذا لم ينجح المسؤول في تقويم سلوك ذلك الموظف غير الجيد؛ فعليه أن يساعده على إيجاد بديل لعمل آخر قبل الاستغناء عن خدماته أما أن تصل تلك الملاحظات والشكاوي على ذلك الموظف في قطع "رزقه"، فذلك أمر مرفوض إن كانت الملاحظات تلك ستتسبب في قطع رزقه، متحدثا عن الأسلوب النافع في حل مثل ذلك الخلل لدى بعض الموظفين وهو باستخدام النصيحة المثلى مع ذلك الموظف والتنبيه له فإذا لم يجد البحث عن أصدقاء له في العمل يقدمون له النصح بالتنبه لعمله والقيام به كما يجب فإذا لم يُجدِ ذلك الأسلوب فمن الممكن الاستعانة بأسرته بالاتصال بزوجته مثلا وشرح وضع زوجها لها وطلب المساعدة منها بأن تقدم النصح لزوجها بالانضباط في العمل. اسلوب الترغيب ودعا الى استخدام أسلوب الترغيب من قبل المدير لذلك الموظف وذلك بإخباره بأنه إذا قام بعمله كما يجب فإنه قد يمنح ترقية أو زيادة أو دورات تدريبية تساعده على تحسين أوضاعه الوظيفية ودرجة مستواه المهني وتذكيره بأن تقاعسه في العمل قد يسبب له " التخلي عن خدماته في العمل " وبأن هذا سيؤثر على أسرته وأولاده وبيته وغيرها من الأساليب التي قد تجدي في تقويم سلوك الموظف بعيدا عن اتخاذ إجراء التخلي عنه في العمل. التعامل مع المشكلة وشدد على ضرورة وجود قسم أو لجنة في أي قطاع عمل تجيد التعامل مع تلك المشاكل الوظيفية، وتتصف بالعمق في حل المشكلات ولديها الأسلوب المقنع الجيد لنقاش الموظف في أهم الأخطاء التي تنتج عنه في العمل والتحدث معه بأسلوب علمي وعميق للتأثير عليه وتحسين وضعه الوظيفي بدل الاستغناء عنه خاصة حينما يعرف "المدير" بأنه لايملك الأسلوب الإقناعي المؤثر والجيد على الموظف فيستعين بمساعدين لمثل تلك المشكلات لحلها فربما احتاج ذلك الموظف لاستدعاء شقيقه الأكبر أو والده للتأثير عليه أو الحديث معهما عن أسباب تلك المشكلة الموجودة في شخصيته فقد يعاني ذلك الموظف من مشاكل نفسية لابد من حلها، فلابد من استنفاد جميع الوسائل لإصلاحه مع إعطائه الأمل له بأنه قد يكون شيئاً كبيراً في مجال عمله يوما ما.