شاهدنا مساء الجمعة 13 من ذي الحجة الجاري حلقة استثنائية على قناة العربية من برنامج (واجه الصحافة) عن حقوق الإنسان منظماتها في المملكة ما لها وما عليها. أدوارها وحدود تلك الأدوار. الحلقة قدمت شيئا للمشاهد وتميزت بما طرحه الحاضرون واتسمت بتقديم التساؤلات الفاحصة والناقدة سوف أبدأ بالتعليق على موضوع القضايا التي يوجد اختلافات حولها بيننا وبين شعوب وأمم أخرى هي الأخرى بحاجة إلى إيضاح واستيضاح واستجلاء وبيان، ولابد من الإقرار أننا بحاجة إلى فتح حوار مع المجتمعات الأخرى حول المفاهيم والثوابت التي لا نقبل الحيود عنها ونود أن يفهم الآخرون فهمنا لها. فحقوق الإنسان في الإسلام مرتبطة بكل قيم العدالة والمساواة والتسامح والإنصاف وحفظ الكرامة لبني البشر. وبالعودة إلى ما يتعلق بالموضوع الرئيسي للحلقة نجدُ أن الأمثلة التي ضُرِبتْ كانت في غاية الأهمية والحساسية، وكانت كاشفة لإمكانيات الدور الذي تقوم به الجهات المعنية بحقوق الإنسان سواء الأهلية منها أو الحكومية، سواء كان الدور المنوط بالهيئة والجمعية بشأنها مباشرا أو غير مباشر وبالرغم من اختلاف وجهات النظر حول بعض الموضوعات ومدى ارتباطها المباشر بمجال حقوق الإنسان. ما رأيك عزيزي القارئ في حق الزواج للفتاة على وجه الخصوص في مدى سنّي معين إذا تجاوزه سن الفتاة يمكننا القول بأن حقاً من حقوقها قد انتهك. وقد ضاع وأن هناك من هو مسؤول أو مسؤولون عن ذلك. وتعليقا على أحد المحاور المهمة في الحلقة والذي سلط الضوء على عمودين رئيسيين في العمل الحقوقي هما (مباشرة التعامل مع القضايا المطروحة , والعمل على سنّ التشريعات ثم الضغط من أجل تفعيلها وتطبيقها، بودي التأكيد على وجهة نظر تشير إلى أن مجتمعنا "بكل ما تحويه كلمة مجتمع" بحاجة إلى عمل متوازي متسارع في ما يخص التشريعات والتعامل مع القضايا الدائرة لكن دون "القفز على المراحل" ما نحتاجه هو العمل الدائب المتبصر. فالقوانين واللوائح والتشريعات مهمة جداً وفي نفس الوقت فإن ضرورة مواكبة الأحداث والقضايا الحقوقية التي تقع كل يوم لا تتيح لنا فرصة الانتظار فلابد من العمل المتزامن على المسارين، علاوة على أن الحياة الاجتماعية المستمرة تمدّنا بمادة خام تحمل لنا الجديد والمستجد باستمرار فتساعدنا على العمل المهني المتكامل فيما يتعلق "بمسائل التشريع المستمدة من وحي الشريعة السمحة مع الاستفادة مما يوجد من حولنا وما تلتزم به المملكة من اتفاقات وإعلانات دون تجاوز الثوابت" وهذا ما سوف يخدم في التقليل من الثغرات التي قد تظهر في مجال حقوق الإنسان بعد تخطيط نظام مكتوب وواضح, ومن ثم الضغط لجهة تطبيق القوانين والتشريعات بعد دراستها وإقرارها، أتوقع أنه لا يمكن فصل هذين المحورين لأن المجتمع يتحرك وليس ساكنا. مسألة مهمة تحدث عنها الحاضرون واتفقوا عليها تقريبا تتلخص في فكرة أنَّ (ضعف الوعي بحقوق الإنسان أدّى إلى انتهاكها) بمعنى أننا بحاجة إلى التوعية بحقوق الإنسان على كافة الأصعدة. وهذا ما هدفت إليه موافقة خادم الحرمين الشريفين على برنامج نشر ثقافة حقوق الإنسان. فمن المعتقد أنه سوف يكون لوجود معرفة ووعي بالحقوق المتعلقة بالقضايا المطروحة دورٌ حاسمٌ في رسم وضعية مختلفة على الأقل في الحدِّ من بعض مظاهر انتهاكات حقوق الإنسان الموجودة في المجتمع السعودي، هذا مع الإقرار بوجود قصور في إيجاد تشريعات معينة واضحة ومفصلة تعالج الكثير من المشكلات الاجتماعية مثل حقوق المرأة وحقوق الطفل. وفي هذا الإطار يمكننا تصور أن مفهوم الحقوق مرتبط بالجميع فكلٌّ من الأب والأم والابن والزوج والزوجة والموظف والعامل وصاحب العمل والمواطن... جميعهم لهم وعليهم حقوق، بل إن الإنسان الواحد قد يرتبط بعشرات الأبعاد الحقوقية عطفاً على أدواره وعلاقاته داخل النسيج الاجتماعي. عملية نشر ثقافة حقوق الإنسان يُفترَض أنْ تتمّ عبر عِدّة قنوات (فلا يمكن لجهة واحدة أن تحرز نجاحا) ولعل التربية بمؤسساتها المختلفة يناسب أن تعتبر من أهم الأوعية التي يمكن من خلالها نشر ثقافة حقوق الإنسان وذلك في كافة دول العالم فلقد أكد المؤتمر العالمي لحقوق الإنسان " أن الواجب يحتم على الدول.. أن تضْمنَ أن يكون التعليم مستهدِفاً تقوية احترام حقوق الإنسان.. وينبغي إدراج ذلك في السياسات التعليمية على كلا المستويين الوطني والدولي" وفي مجتمعنا السعودي قد تكون التربية واحدة من الوسائط المهمة لبرنامج نشر ثقافة حقوق الإنسان، والتعليم العام والتعليم الثانوي على وجه الخصوص لابد أن يضطلع بدور كبير في ذلك؛ لاسيما وأنَّ احترام الحقوق العامة التي كفلها الإسلام وشرع حمايتها يعتبر من الأسس الواردة في وثيقة سياسة التعليم في المملكة العربية السعودية. * باحث في موضوع "دور التربية في نشر ثقافة حقوق الإنسان"