رفض 54 % من المواطنين والمقيمين المشاركة في دراسة أعدتها الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان لقياس مدى الصورة الذهنية لحقوق الإنسان في المملكة، واعتبروا الحديث عن الحقوق منافيا للأعراف والدين، وهناك من اعتبره حديثا سياسيا غير لائق. وأوضح التقرير الذي أعده مركز دراسات متعاون مع الجمعية «حصلت شمس على نسخة منه» أن قضايا العنف الأسري والسجناء والعمالة هي أكثر أنواع القضايا معرفة في المجتمع، وأن نسبة متابعتها بلغت 41 %، مشيرا إلى أن 20 % ممن تعرضوا لانتهاكات حقوق الإنسان لجؤوا لجهات غير معنية بشؤون حقوق الإنسان، وهو ما يؤكد نقص الوعي. وأكد التقرير أن 40 % ممن اتجهوا لجهات حقوق الإنسان لا يثقون بها، وأكثرهم يقطنون في المنطقة الشرقية. وأشار التقرير إلى أن 57 % على استعداد لنشر ثقافة حقوق الإنسان، ويرى المجتمع السعودي أن التليفزيون هو الأنسب لنشر وسائل تعزيز ثقافة حقوق الإنسان، يليه الصحف والإنترنت، والأقل بالنسبة إليه هي المحاضرات والندوات. وأضاف أن هناك شرائح بالمجتمع لتكثيف التوعية بثقافة حقوق الإنسان وعلى رأسها الإناث وأصحاب الفئات العمرية الأقل، وأصحاب الحالة الاجتماعية «أعزب» وأصحاب المستويات التعليمية الأقل، مشيرا إلى أن المشاركة في المدونات المتخصصة تمثل 14 %، والمنتديات على الإنترنت 9 % والمقالات 22 %، وهي تساهم في تعزيز حقوق الإنسان. واعتبر نائب رئيس الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان الدكتور صالح الخثلان النسب التي تضمنها التقرير ليست دقيقة 100 %، فقد أجريت على عينات مختلفة في المجتمع، وهناك الكثير من المواطنين والمقيمين يعرفون «حقوق الإنسان» وتواصلوا مع الجمعية لحل قضاياهم ومشاكلهم، مضيفا أن عمر الجمعية القصير مقارنة بجمعيات في دول أخرى، عامل مؤثر في عدم معرفة بعضهم بدورها ونشاطها، موضحا أن «هناك أشخاصا لا يثقون بأي جمعية حقوقية، وهذا شأنها، لكن المطلوب منا الوصول إلى الجميع والتأكيد على أن دورنا إيجابي، ونعمل على حل المشكلات والعقبات التي تواجههم، وإعادة حقوقهم». وأكد رئيس الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان الدكتور مفلح القحطاني على ضرورة تعريف المجتمع بدور «حقوق الإنسان» ونشر الثقافة الحقوقية «موضوع ثقافة حقوق الإنسان سيظل أحد المواضيع الأساسية التي تحتاج إلى مزيد من الجهد والفكر والعمل والبحث عن الأساليب المناسبة لنشرها وتعزيزها، ليس على مستوى النخب الثقافية والفكرية فحسب، بل على مستوى المواطن العادي، وذلك من خلال الجامعات والمدارس والمعاهد والأجهزة والمصالح الحكومية والخاصة، بحيث تغدو هذه الثقافة في متناول الجميع وبذلك يمكن حماية حقوق الإنسان وتعزيز حرياته الأساسية والدفاع عنها من أي انتهاك أو تجاوز». وكشف القحطاني عن إصدار ما يقارب 30 مطبوعة من الكتيبات والدراسات التي تهدف إلى نشر ثقافة حقوق الإنسان، ونبذ الظلم والعنف وعدم التسامح، احتوت على بعض المواثيق الدولية لحقوق الإنسان التي انضمت لها المملكة والأنظمة، وكذلك كتيبات يسهل حملها وتوزيعها تتحدث عن حقوق المتهم في مرحلة القبض والتحقيق والمحاكمة، وعن حقوق السجناء وواجباتهم وحقوق الطفل المعوق، مشيرا إلى أن هذه سلسلة تحت عنوان «اعرف حقوقك» وهي تهدف إلى نشر الثقافة الحقوقية من خلال المعرفة بالقوانين والأنظمة المطبقة أو الاتفاقيات التي انضمت إليها المملكة ولا تتعارض مع قواعد الشريعة الإسلامية. وقال «تنفذ الجمعية العديد من الندوات والدورات التدريبية، وفي مقدمة ذلك مساهمتها في تدريب أفراد وضباط الأمن العام». وأكد القحطاني حرص الجمعية على الدعوة إلى ورشة عمل شاركت فيها الجامعات السعودية وبعض مؤسسات التعليم العالي الأخرى، وذلك بهدف العمل على إدخال «تعليم حقوق الإنسان في مؤسسات التعليم العالي» وقد نتج عن هذه الورشة العديد من التوصيات، منها ضرورة إفراد منهج باسم «حقوق الإنسان» يدرس لجميع طلاب وطالبات مؤسسات التعليم العالي الحكومية والأهلية وفي جميع التخصصات مع التعمق والشمول في التخصصات ذات العلاقة بحقوق الإنسان، وعلى وجه الخصوص تلك التخصصات المعنية بإنفاذ الأنظمة والقوانين، مثل القضاء والشريعة والإعلام. وأضاف «لقد رفعت توصيات ورشة (تعليم حقوق الإنسان في مؤسسات التعليم العالي) إلى المقام السامي وتم التوجيه بدراستها من قبل الجامعات». وعلقت عضو الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان سهيلة زين العابدين على عدم ثقة 40 % من المستفتين بالجمعية بأن هذا معقول، وقد يكون من بين هؤلاء أشخاص عرضت مشكلاتهم على الجمعية ولم تستطع حلها، وبالتالي هم يرون أن حقوق الإنسان قادرة على حل جميع المشكلات، وهذا خطأ. واعترفت أن الجمعية لا تحل جميع القضايا الواردة إليها «أي قضية ترد إلينا نوجهها إلى جهة الاختصاص المسؤولة، ونوصل صوت المواطن إلى المسؤول مباشرة، فإذا لم يستطع المسؤول حل القضية، فليس بأيدينا شيء، نحن لسنا سلطة تنفيذية». مشيرة إلى أن هناك قضايا كثيرة لا نستطيع حلها مثل قضايا الجنسية، وقضايا حساسة أخرى مثل قضية حميدان التركي الموقوف في أمريكا «في هذا الموضوع تحديدا لجأنا إلى الرئيس الأمريكي وجهات حقوقية أمريكية لحل المشكلة لكن لم نتمكن من ذلك، فهل هذا يعني أننا مقصرون؟»، مؤكدة أنهم يبذلون قصارى جهدهم في أي قضية ترد إليهم لكن الحلول بيد الجهات التنفيذية التي تستطيع حل قضايا المواطنين والمقيمين، وعدم حلها يجعل الناس يعتقدون أننا لا نعمل، بالتالي يسحبون ثقتهم منا. وطالبت زين العابدين بأن تكون للجمعية صلاحيات أكبر «جمعية حقوق الإنسان مجرد وسيط بين المواطن والمسؤول، ليس لديها صلاحيات بموجبها تعدل في الأنظمة والقوانين، كما هو حال الهيئة، نكتب فقط التقارير ونقدم المقترحات والمشاريع ونرفعها إلى الجهات الرسمية، ونوضح مواطن القصور والضعف والنواحي الإيجابية والسلبية، ونكون على اتصال مباشر بين المواطن والمسؤول حتى تحل القضية وإن لم تحل فليس لدينا شيء». وأكدت عضو الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان أن مسألة نشر الثقافة الحقوقية يحتاج إلى ميزانية ضخمة وكوادر بشرية «لن نستطيع تنفيذ ذلك إلا على مراحل، لأنه ليس لدينا إمكانيات مادية تغطي الحملات الكبيرة لنشر ثقافة نشر حقوق الإنسان، ونشر الثقافة ليس مسؤولية الجمعية وحدها بل يجب أن تتعاون جميع أجهزة الدولة ومؤسسات المجتمع لنشر ثقافة حقوق الإنسان». وفيما يخص النظام القضائي، قالت إنه في حاجة إلى كثير من التعديل بالنسبة إلى الأحكام القضائية حتى يحصل المواطن أو المواطنة على حقه عندما يلجأ إلى القضاء، وهذا أيضا من الأسباب التي تجعل بعضهم لا يثقون في الجمعية. وأوضحت الدكتورة سهيلة أن نشر ثقافة حقوق الإنسان مسؤولية كل من: وزارة الصحة والشؤون الاجتماعية والداخلية ووزارة التربية والتعليم والتعليم العالي ووزارة الثقافة والإعلام، موضحة أن جميع الوزارات يجب أن تضع خططا استراتيجية على مستوى مؤسسات المجتمع لنشر الثقافة الحقوقية، ولا يقتصر هذا الدور على الجمعية لأنه يتطلب مجهودا كبيرا ومبالغ طائلة، مضيفة أن «ميزانية الجمعية لا تسمح بذلك، ولنشر الثقافة يجب رصد ميزانية تصل إلى تسعة مليارات، كما هو الحال مع البحوث العلمية، وتقسم هذه الميزانية على جميع الوزارات المعنية» .