هل تشهد آسيا سباقاً للتسلح ؟ فعملية انتشار القواعد العسكرية التي تطوق الصين عندما برزت قوتها، ومحاولات أمريكا لحشد اليابان وأستراليا وإندونيسيا والفلبين وغيرها من الدول الدائرة في فلكها بوضع حزام قوة نووية وتقليدية تحسباً لأي مواجهة عسكرية يثير السؤال السابق، فأمريكا تنظر لنمو الصين على أنه لن يكون اقتصادياً فقط، لذلك فهي تقوم باحتواء معظم دول آسيا كامتداد حيوي لها، ومنها الهند التي تسعى الدول الغربية أن تكون المعادل العسكري لقوة الصين، فهي المؤهلة لأن تكون الأداة والوسيلة لإيقاف أي أطماع صينية قادمة، إلا أن الهند ليست الحليف السهل تطويعه !.. قد لا تؤخذ الأمور بتبسيط الأحداث، لكن قدوم الصين كقوة عظمى يستحيل إيقافها، استدعى مخاوف دول الجوار منها، وهنا هل يمكن بعث عسكرية اليابان التي تخافها أيضاً كل دول آسيا تبعاً لسجلها التاريخي في إثارة الحروب والاستيلاء على محيطها؟، إن تغير الظروف ربما يجبر أمريكا على إعطائها الإذن لتجديد وتطوير قوتها العسكرية تبعاً للظروف الاقتصادية التي قد تعطل العديد من مشاريع التسلح من قبل أمريكا.. لكن! ماذا عن حلفاء أمريكا في آسيا الأكثر فقراً، هل تستطيع تلك الدول السير في ركاب سباق تسلح لا تستطيع تحمل كلفته، ثم على افتراض أن قدمت أمريكا مساعدات تقنية لها، هل يمكنها معادلة القوة الصينية القادمة بالاتساع والتطور ؟.. يمكن لأستراليا وكوريا الجنوبية أن تتحملا مثل هذه الأعباء، أو نقل قوة أمريكا من بعض مناطق العالم إلى قواعد الدول الحليفة، ومع ذلك ليس هناك من يتجاهل إيران كحليف للصين طالما سوق المساومة على أسلحتها النووية التي تريد الحصول عليها يضعها في الأفضلية من حيث المفاوضات مع الغرب طالما الصين التي دخلت حسابات زعامة القوة العسكرية حليفاً يمكن الثقة به وفق قواعد لعبة الأضداد، وكذلك اللاعب الآخر كوريا الشمالية الحليف الأساسي للصين.. روسيا التي تعد القوة الثانية نووياً لن تدخل البيات الشتوي في عملية تراها تعكس دورها المؤثر، وحتى لو تم تخفيض ترسانتها الهائلة من الصواريخ عابرة القارات وقوتها غير التقليدية، فهي لن تقف بالحياد إذا رأت من مصلتحها الميل لإحدى الكفتين، ويبقى السؤال، هل تكون آسيا -القارة الأعظم- هي من تعيد سيرة الحرب الباردة الجديدة، وهذه المرة بعدة رؤوس وأقطاب ؟ لقد أسقط الاتحاد السوفيتي سباق حرب النجوم، عندما لم تتحمل خزينته ضغط موارده في سبيل هذا السباق، فكان التفتت النتيجة النهائية، وما أحدثته تلك الظروف قد لا ينفع مع الصين سكاناً واقتصادياً في دخول مجال القوة العظمى، وحتى لو جاءت الدواعي تقاسم النفوذ بدون غطاء أيديولوجي، فهل يشهد العالم حالات توتر تقود إلى صدام عسكري بحرب عالمية ثالثة ؟ المؤشرات تستبعد إقدام أي قوة على التصرف بحماقة، إذ ليس من المستبعد أن تلعب أوروبا دور الحكيم-وهي التي اكتوت بحربين كونيتين- في الإقناع بعدم الانجرار وراء حرب عبثية، وقد تكون الهند الدولة الأخرى في تعديل الكفة لكن من خلال وقف المخاطر، ومع ذلك فكل الاحتمالات واردة في نزاع القوى..