صاروخ كوريا الشمالية قاد أعضاء مجلس الأمن للحوار الساخن بين من يعترف بحقها إطلاق الصواريخ ضمن سيادتها الوطنية، ومعارض يعتبرها خطراً أمنياً على محيطها القاري، حتى صارت روسيا والصين كعضوين في مجلس الأمن، مقابل أوروبا الغربية وأمريكا، وقطعاً لم تخطُ كوريا الشمالية بدون مساندة من حلفائها، الذين حاولوا توظيف الموضوع لتنازلات ذات أهداف أبعد تخدم استراتيجياتهما.. فاليابان وكوريا الجنوبية، وحتى الدول المتحالفة مع الغرب تشعر بالخطر إذا ما نشب صراع عسكري، أو حتى تقاذف سياسي يؤدي للحصار وانتزاع تنازلات بإيقاف كافة مشاريعها العسكرية، وقد كانت قريبة التوقيع مع أمريكا على لائحة شروط متعددة قبل أن تتعثر، وتأخذ الصين هذه الورقة لتحركها وقت تشاء في أي تصادم للمصالح مع الغرب.. روسيا أيضاً تعتبرها حصيلة جمع عدة أعداء تقفز بخزينتها السياسية أمام تمدد قوات حلف الأطلسي على حدودها، وهو نوع من توزيع الأدوار واستعادة الهيبة بعد خسارتها قوة الاتحاد السوفياتي، أو هي جزء من بؤر صراع في أمريكا الجنوبية التي تنتهج بعض دولها اتجاهاً اشتراكياً معادياً للتوجهات الأمريكية مثل كوبا وفنزويلا وغيرهما، ثم ظهرت إيران على لائحة الصراع وهي قوة إقليمية تمتلك إمكانات مادية وثروات كبيرة، لكن الخط الفاصل معها قد لا يجعل الصين وروسيا في حالة نزاع مع الغرب حتى لو أدى ذلك إلى مغامرة عسكرية، لأن كوريا الشمالية تتمتع بحماية كلاسيكية منذ الأيديولوجية الماركسية، بينما إيران دولة إسلامية تنزع لتكون لقوتها النووية دولة لاعب في الميدان الدولي، غير أن الخط الأحمر النووي تتحالف ضده كل دول الغرب وإسرائيل، واحتمال الحلول الدبلوماسية صعبة جداً لأن هوس الثورة يتغلب على مسؤولية الدولة، وهذا التضاد في العلاقة مع العالم، قد يجعل إسرائيل هي من تبادر بإشعال الحرب بضربة استباقية، وربما بضوء خافت من أمريكا إذا ما وجدت الحلول متعذرة وصعبة في إيقاف تسلحها غير التقليدي.. من الناحية الاستراتيجية فمحيط كل من إيران وكوريا الشمالية لا يقبل التقديرات الخاطئة، لأن منطقة الخليج تأتي حساسيتها من كونها المغذي الرئيس لعجلة الصناعة العالمية بالطاقة ويعني الإخلال بالأمن، ارتفاع تصاعدي للنفط لا تستطيع تحمل تبعاته الدول الكبرى أو الصغرى، وبحال تم ضرب مواقع انتقائية من قبل إيران لآبار النفط كرد مضاد على أي مغامرة إسرائيلية يعني رد فعل عالمياً قد لا تقوى إيران على مواجهته.. كذلك كوريا الشمالية محاطة بدول ليست ضعيفة عسكرياً ومزدهرة اقتصادياً مثل اليابان وكوريا الجنوبية، إلا أن الوضع غير قابل لعود ثقاب يشعل تلك المنطقة وإلا معناه حروب كبرى بين دول ذات ثقل اقتصادي وسياسي، وهو لا تسمح به الصين، حتى الصين لا تدمر مصالحها أو روسيا في لعبة خطرة.. وإيران وكوريا الشمالية هما مصدرا التجاذب الساخن لكن يبقى تشابك المصالح هو من تدير المعارك، لكن جنون إسرائيل قد يخلق مشكلة دولية كبرى تكون منطقتنا العربية هي بؤرة الصراع المدمر في حال أي احتكاك عسكري مع إيران..