أديت صلاة عيد الأضحى المبارك صباح امس في مختلف أنحاء المملكة. ففي مكةالمكرمة أدى أهالي مكةالمكرمة وجموع من حجاج بيت الله الحرام صلاة العيد فى المسجد الحرام فى أجواء آمنة مطمئنة مفعمة بالخشوع لله والخضوع له سبحانه وتعالى، حيث شهد المسجد الحرام منذ الساعات الأولى من صباح امس تدفق الآلاف من حجاج بيت الله الحرام امتلأت بهم جنباته وأدواره العلوية والساحات المحيطة به، كما شهدت الطرق المؤدية إلى المسجد الحرام كثافة بشرية كبيرة فى أعداد المشاة وكثافة مرورية فى أعداد السيارات. السديس: الأمل في أمة الوسطية والاعتدال أن تنهض من عثرتها وتفيق من غفلتها وتجمع من شتاتها وقد أمّ المصلين إمام وخطيب المسجد الحرام الشيخ الدكتور عبدالرحمن السديس الذي بين في خطبته فضل هذا اليوم المبارك الذي يجود فيه البارئ جل وعلا بمغفرة الزلات وستر العيوب والسيئات وإقالة العثرات وإغاثة اللهفات ورفع الدرجات وإجابة الدعوات وقبول التوبات. وقال الدكتور السديس «عباد الله من الشعائر العظمى التي يتقرب المسلمون بها من ربهم في هذا اليوم الأغر ويستوي فيها الحجاج والمقيمون شعيرة ذبح الأضاحي اقتداء بخليل الله إبراهيم ونبي الله محمد صلى الله عليه وسلم. وتطرق الدكتور السديس إلى فقه أحكام الأضاحي مبيناً أنه لا يجوز ذبحها قبل وقت صلاة العيد موضحاً أن وقت ذبح الأضحية ينتهي بغروب شمس اليوم الثالث من أيام التشريق لقوله صلى الله عليه وسلم (وكل أيام التشريق ذبح) ولا يجوز التضحية بالمعيبة عيوبا بينة والعوراء البين عورها والمريضة البين مرضها والعرجاء البين ضلعها والكبيرة التي لا تنقي، كما يعد في سن الهدي والأضحية السن المعتبر شرعا وهو خمس سنوات في الإبل وسنتان في البقر وسنة في الماعز ونصف سنة في الضأن وتجزئ الشاة الواحدة عن الرجل وأهل بيته وأن من سنن الأضحية أن يتولى المضحي ذبحها بنفسه كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم إذ ضحى بكبشين أملحين أقرنين ذبحهما بيده وسمى وكبر. وقال الدكتور السديس "إنه بقدر تمسك الأمم بمميزاتها الحضارية والتزام الشعوب بثوابتها وخصائصها القيمة بقدر ما تحقق الأمجاد التاريخية والعطاءات الإنسانية ولئن برزت في عالمنا المعاصر صور ومظاهر من الانحرافات تهدد الأمن الدولي وتعرض السلام العالمي للخطر وعدم الاستقرار لاسيما في زمن التحديات الإعلامية وعصر العولمة فإن مرد ذلك إلى التفريط في المبادئ الحضارية والتهاون في المثل والقيم الإنسانية ومن يجيد النظر في جوانب عظمة هذا الدين الذي أكرمنا الله به وهدانا إليه يجد أن هناك سمة بارزة وميزة ظاهرة كانت سببا في تبوؤ هذه الأمة مكانتها المرموقة بين الأمم ومنحها مؤهلات القيادة والريادة للبشرية ومقومات الشهادة على الناس كافة إنها سمة الوسطية والاعتدال التي تجلل صور سماحة الإسلام وتبرز محاسن هذا الدين ورعايته للمثل الأخلاقية العليا والقيم الإنسانية الكبرى، مستدلاً بقول الحق تبارك وتعالى «وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا». وأكد فضيلته أن وسطية الإسلام تتجلى في مجالاته كلها ففي مجال الاعتقاد جاء الإسلام وسطا بين الملل فلا إلحاد ولا وثنية بل عبودية خالصة لله في الربوبية والألوهية وفي الأسماء والصفات وسط بين أهل التشبيه والتمثيل والتحريف والتعطيل وفي القضاء والقدر وسط بين نفاة القدر والمغالين فيه وفي مسألة الإيمان وسط بين من جفوا فأخروا الأعمال وأرجؤوها عن مسمى الإيمان وبين من غلوا وأخرجوا من دائرة الإيمان من عمل بعض المعاصي. أمير نجران يؤدي الصلاة وأوضح السديس المجالات المهمة التي تبرز فيها وسطية هذه الأمة ما يتعلق بالتشريع والتحليل والتحريم ومناهج النظر والاستدلال والروئ والتصورات فتوسطت الشريعة في هذه المجالات إذ الحكم بالتحليل والتحريم حق الله سبحانه وتعالى وفي منهج النظر والاستنباط وازن الإسلام بين مصادر التلقي والمعرفة ووافق بين صحيح منقول وصريح معقول ووازن بين تحقيق المصالح ودرء المفاسد وفي مجال الأخلاق والسلوك مظهر من مظاهر الوسطية في هذا الدين بين جنوحها المثالية والواقعية شمائل تزكي المشاعر وتهذب الضمائر وتسمو بالتفكير والشعور وتوازن بين متطلبات الفرد والمجتمع وإعمال العقل والعاطفة في تربية متوازنة وتنسيق متسق بديع وفق المنهج النبوي (إن لنفسك عليك حقا ولأهلك عليك حقا ولجسدك عليك حقا ولربك عليك حقا فأعط كل ذي حق حقه). وبين السديس أن الاسلام وازن في النظام الاقتصادي بين حرية الفرد والمجتمع فيحترم الملكية الفردية ويقرها ويهذبها بحيث لا تضر بمصلحة المجتمع فجاء الإسلام وسطا بين نظم تدخل الفرد على حساب الجماعة وأخرى تلغي حقوق الأفراد وتملكهم بحجة مصلحة الجماعة فخير الأمور أوسطها، وفي مجال الحرية بين الفرد والمجتمع حرية الرأي والفكر والسلوك وغيرها جعل الإسلام ضوابط شرعية لهذه الحرية وفي النظام السياسي جاء الإسلام منهجا وسطا بين الأمم مبينا حقوق الراعي والرعية حاضا على القسط والعدل فوسطية الإسلام شاملة جامعة لكل أمور الدين والدنيا والآخرة بل إنها وجه من وجوه الإعجاز فيه وصلاحيته لكل زمان ومكان وبهذه الوسطية تعظم مسؤولية الأمة الإسلامية ودورها العالمي فهي أمة الوسطية والشهادة شهادة تصان بها الحقوق وتتحقق العدالة وتحفظ الكرامة وتبنى الحضارة المعاصرة بعد أن شقي العالم بأنواع من الصراعات وذلك بسبب ألوان من الصلف والتطرف والإرهاب والآحادية في الرأي والشطط في الرؤى والمواقف ولئن آل حال العالم إلى ما نراه اليوم من تسلط وصراع حضاري مرعب فإن الأمل بعد توفيق الله في أمة الوسطية والاعتدال أن تنهض من عثرتها وتفيق من غفلتها وتجمع من شتاتها مستشهداً بقوله تعالى «واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا». وألمح الدكتور السديس إلى أن هناك حملات مسعورة عبر وسائل إعلامية مأجورة من التطرف الصهيوني العالمي الذي يبرز من خلال الاحتلال الغاشم والحصار الظالم لإخواننا في فلسطين الصامدة ومشروع التهويد والاستيطان في أكناف بيت المقدس وكذا الحال في بلاد الرافدين حيث النزاعات والاختلافات التي أورثت الانقسامات وهنا يأتي البلسم الشافي بدعوة خادم الحرمين الشريفين لقادة العراق بكافة شرائحه إلى لم الشمل والتوحد وإطفاء الفتنة جعلها الله في موازين حسناته، مؤكدا ان علماء الشريعة لهم الدور الكبير في علاج الكثير من الانحرافات والمشكلات في شتى المجالات. وقال إمام وخطيب المسجد الحرام إن من مظاهر الوسطية في الدين الإسلامي ما يتعلق بالمرأة فقد كرمها هذا الدين وصانها من الوقوع في مستنقعات الرذيلة وحفظ عفافها وأعلى منزلتها وكفل لها حريتها الشرعية وأبعدها عن مسالك التحرر من القيم والتبرج والسفور وقد حفظت الشريعة المرأة من الشرور والفتن. وحذر فضيلته شباب هذه الأمة من الاختراق الفكري لأي فكر دخيل ومسلك وبيل يؤثر على منهج الوسطية والاعتدال، مبيناً أن مما يعزز منهج الوسطية مبدأ عظيم ومسلك قويم عني به القرآن الكريم وجاءت به السنة الشريفة وسار عليه الصحابة الأبرار ذلكم هو مبدأ الحوار وأهمية تربية الأمة عليه لاسيما أجيالها الصاعدة لتحقق الشهادة على العالمين، ولعل في المبادرة التاريخية العالمية مبادرة خادم الحرمين الشريفين للحوار بين أتباع الحضارات ما يحقق الآمال والطموحات جعلها الله في موازين اعماله الصالحه. وبين فضيلته لحجاج بيت الله الحرام مناسك حجهم ومن ضمنها مناسك هذا اليوم وما ينبغي على الحاج أن يقوم به من أعمال. كم ادت جموع المسلمين صلاة عيد الاضحى المبارك في المسجد النبوي بالمدينةالمنورة يتقدمهم صاحب السمو الملكي الأمير عبدالعزيز بن ماجد بن عبدالعزيز أمير منطقة المدينةالمنورة وسط اجواء مفعمة بالايمان والفرحة بقدوم عيد الاضحى المبارك حيث امتلأت ساحات واروقة وطوابق المسجد النبوي بالآلاف من المصلين. وام المصلين فضيلة امام وخطيب المسجد النبوي الشيخ صلاح البدير الذي حمد الله واثنى عليه سبحانه وتعالى على نعمه الظاهرة والباطنة ولما من به على المسلمين من اداء مناسك الحج بكل طمأنينة وامن وامان. وهنأ فضيلته في خطبة صلاة العيد المسلمين بعيد الاضحى المبارك وبيوم الحج الاكبر والجمع الاعظم يوم يهرق فيه الدم ويوضع فيه الشعر وتحل فيه الحرم والوقوف في ليلته والرمي والنحر والحلق والطواف في صبيحته فما اعظمه من يوم وما اكرمه من جمع. وقال امام وخطيب المسجد النبوي انه منذ وطد بواني الدين وارساها وشاد شرف الاسلام واسماها امام الحنفاء ووالد الانبياء وباني الكعبة المعظمة ابراهيم الخليل عليه السلام والوفود المؤمنة تحن الى البيت المكرم والبلد المحرم لا تقضي منه وطرا ولا تنتهي منه تعبدا وتفكرا ونظرا جيل بعد جيل يحمل ارث ابراهيم الخليل صلى الله عليه وسلم. ودعا الشيخ البدير المسلمين الى ان يجعلوا الله ذخرهم وملجأهم ومقصدهم ومفزعهم واظهار امره والا يشركوا معه احدا غيره فما من عبادة عبدت ولا فريضة فرضت إلا لتكبيره وتعظيمه واجلاله وتوحيده فهو المستحق لكل الثناء واجل الحمد واعلى التعظيم، مشيرا فضيلته الى ان العبادة لا تليق إلا له سبحانه وتعالى ولا تنبغي الإلهية إلا لعظمته تعالى وتبارك وجل وعز ان يكون له شريك او نظير او والد او ولد، متسائلا فضيلته في نفس الوقت كيف يلجأ العبد حين حاجته وشدته الى اضرحة واموات وحجارة ورفاة وخرافات وخزعبلات وتمائم وحجب وخيوط ومعلقات وكيف يلجأ العبد عند مرضه وبليته الى سحرة كفرة وكهنة مكرة ومشعوذين فجرة لا يلجأ اليهم إلا من وكل الى الضياع والهوان والخسران والخذلان. وناشد امام وخطيب المسجد النبوي المسلمين الى الالتزام بالكتاب والسنة والاعتصام بهما وبهديهما وفهمهما كما فهمهما سلف الامة والحذر من الافكار الزائغة والعقائد المنحرفة والبدع المضلة والحزبيات المفرقة وعدم سلوك طريق غير طريق الشريعة التي جاء بها النبي محمد صلى الله عليه وسلم وسار عليها اهل القرون المفضلة فهي المتجر الرابح والميزان الراجح والمنهج الصالح.