إن انشاء أول جامعة خيرية بالمملكة - جامعة الأمير سلطان - التي تشرف بحمل اسم ولي العهد الأمين، وتحظى برعايته الكريمة، وتفخر بأنها بذرة من بذور سمو أمير منطقة الرياض صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز الذي اعتاد بحسه التنموي وبعد نظره في تحويل كثير من مناسبات الرياض إلى شواهد حضارية تبقى للأجيال القادمة؛ كان علامة فارقة في تاريخ المشاريع التنموية في منطقة الرياض. إن تجربة جامعة الأمير سلطان التي فتحت نافذة التعليم العالي الأهلي الأولى بالمملكة، وإن كانت تجربة قصيرة العمر قياساً إلى المدى الزمني للجامعات ذات العراقة، إلا انها تجربة نالت التقدير، وطوت مراحل ربما كان من الصعب تجاوزها إلا في سنوات مديدة، وكانت شهادة إثبات لنجاح تجربة التعليم العالي الأهلي بالمملكة بشهادة سوق العمل الذي تلقى خريجي الجامعة بكل حفاوة وتقدير. إن جامعة الأمير سلطان لا ترى أن وظيفتها مقتصرة على التعليم والبحث العلمي، بل ترى أن لها وظيفة ثالثة لا تقل أهمية عن الوظيفتين السابقتين هي خدمة المجتمع استشعاراً منها لمسؤوليتها الاجتماعية ودورها في الاسهام في دعم عجلة التنمية الشاملة. لذا فإن الجامعة قامت بتأسيس مركز خدمة المجتمع من أجل تقديم برامج تنموية متخصصة، موجهة للمجتمع الذي كان له الفضل - بعد الله - في إنشاء هذا الصرح التنموي المبارك، ومن أهم هذه البرامج برنامج الأمير سلمان للتعليم من أجل التوظيف الموجه لخريجي وخريجات الجامعات السعودية الذي جاء استجابة لحرص صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز أمير منطقة الرياض ورئيس مجلس ادارة مؤسسة الرياض الخيرية للعلوم - المظلة النظامية للجامعة - على المشاركة الفعالة في تبني قضايا المجتمع السعودي، فبارك سموه الكريم فكرة تأسيس البرنامج انطلاقاً من اهتمام سموه بتأهيل وتوظيف الشباب لتحقيق ذاته وعصمته مما يتعارض مع مصالح نفسه ووطنه، واستشعاراً لما يلعبه الشباب من دور فعال في مواصلة مسيرة التنمية التي تعيشها المملكة، وتحقيقاً لاستمرار دور الجامعة - جامعة الأمير سلطان - تجاه مجتمعها، الذي ساهم في تأسيسها في الاستجابة لقضاياه وحاجاته في ضوء ما تملكه الجامعة اليوم من خبرات علمية وكوادر بشرية يمكن ان تسهم في حل كثير من المشكلات ومواجهة كثير من القضايا التي يعيشها المجتمع المحيط بها. وهنا يبرز دور برنامج الأمير سلمان للتعليم من أجل التوظيف الذي يهدف إلى تأهيل خريجي الجامعات والكليات السعودية الذين يواجهون صعوبات في ايجاد فرص وظيفية تليق بهم، وتتناسب مع تخصصاتهم لنقص المهارات والمعارف اللازمة لتلبية احتياجات سوق العمل لديهم. إن تحقيق الأمن الوظيفي بلاشك غاية لكل أسرة وهاجس يؤرق كل والدين منذ أن ينهي الابن أو الابنة مرحلة الدراسة الجامعية وتبدأ مرحلة البحث عن العمل، وهذا ما لمسناه عند الإعلان عن البرنامج من خلال الاقبال الكبير من قبل خريجي الجامعات السعودية. إن برنامج الأمير سلمان للتعليم من أجل التوظيف جاء كبادرة من جامعة الأمير سلطان للاسهام في حل مشكلة الشباب، خصوصاً من خريجي الجامعات السعودية الذين لا تتوفر لهم الفرص الوظيفية لا لندرة في فرص العمل أو ضعف في ديناميكية اقتصاد المملكة، وإنما لنقص في القدرات المهارية أو المعرفية لديهم بما يتوافق مع متطلبات سوق العمل، مما يعد نتيجة حتمية لضعف التأهيل الناتج عن ضعف مواكبة التعليم ومؤسساته وأنظمته للتطور الذي تشهده بيئة العمل في المملكة والعالم، خصوصاً الغياب شبه التام للبرامج التطبيقية والتأهيلية في نظامنا التعليمي وطغيان النواحي النظرية والتلقينية عليه. لذا فإن أحد البرامج المهمة التي يقدمها برنامج الأمير سلمان للتعليم من أجل التوظيف هو برنامج سيسكو الجامعي للشبكات الذي جاء اختياره استجابة لما يشهده العالم اليوم من نمو متسارع لقطاع تقنية المعلومات الذي بات عصب الحياة في مختلف أنحاء العالم، وخاصة في المدن الذكية، مما يتطلب توفير البنية التحتية المتقدمة التي تعد شبكات المعلومات أحد مقوماتها الأساسية. وبما أن أولى التحديات التي تواجه بناء شبكات المعلومات - ليس بالمملكة فحسب، بل في منطقة الخليج العربي بأسرها - هو توفير الكوادر البشرية المتخصصة ولديها التأهيل اللازم لبناء الشبكات وادرتها وصيانتها وتطويرها؛ فإن مركز خدمة المجتمع والتعليم المستمر بالجامعة انشأ برنامج سيسكو الجامعي للشبكات الذي يعتبر الأول من نوعه بالمملكة بالتعاون مع صندوق تنمية الموارد البشرية على غرار مشروع الشراكة الاستراتيجية الناجحة بين جامعة الأمير سلطان وشركة سيسكو العالمية الرائدة في صناعة الشبكات على مستوى العالم. وقد خرجت الجامعة من البرنامج ثلاث دفعات حتى الآن اكسبته شهرة كبيرة انعكست في الزيادة الهائلة على طلب الالتحاق به (تقدم للدفعة الحالية من البرنامج أكثر من 500 خريج جامعي ل40 مقعداً في البرنامج). وقد احتفلنا الأسبوع الماضي - بحضور مدير سيسكو الشرق الأوسط السيد/ وين فلرتن - بتخريج الدفعة الثالثة من البرنامج وعددها (30) من خريجي الجامعات السعودية من بينهم (22) حصلوا على شهادة (CCNP) و(8) طلاب حصلوا على شهادة (CCIE) أعلى شهادة تمنحها شركة سيسكو في الشبكات، بعد (18) شهراً من الدراسة والعمل والتدريب المستمر بجامعة الأمير سلطان شملت برنامجاً مكثفاً في اللغة الانجليزية وتأهيلاً قيادياً بالاضافة إلى التأهيل التقني عالي المستوى في معامل شبكات متقدمة. وتأتي أهمية هذه الشهادات من أنها تنقل الحاصلين عليها مباشرة من رواتب الحد الأدنى وربما العطالة إلى رواتب من بين الأعلى في سوق العمل اضافة إلى تميز أصحابها بأمن وظيفي عال جداً (أحد خريجي جامعة الأمير سلطان الذين أكملوا البرنامج - مثلاً - تنافست شركات عالمية عديدة على استقطابه فور تخرجه، وفي النهاية اختار هو نفسه ان يلتحق بسيسكو السعودية براتب شهري يتجاوز 28 ألف ريال) وقد كان حصول طلابنا على هاتين الشهادتين من أول مرة يتقدمون فيها للاختبار الذي يجرى في معامل شركة سيسكو العالمية وتحت اشرافها محل إشادة واعجاب من قبل مدير سيسكو العالمية للشرق الأوسط جعله يستدل به على المستوى العالي لجامعة الأمير سلطان، حيث ان أقل من 50٪ من المتقدمين في أمريكا - مثلاً - للحصول على شهادة (CCIE) يتمكنون من اجتياز الاختبار في المحاولة الأولى. ولكن بالنسبة لنا ليس في الأمر غرابة إذ إن الجامعة سخرت كافة امكاناتها من معامل مجهزة على أحدث مستوى، وكادرها التدريسي والتدريبي المتميز من أجل ان يحقق هذا البرنامج الفريد من نوعه بالمملكة أهدافه النابعة من اهتمام صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز أمير منطقة الرياض، ورئيس مجلس ادارة مؤسسة الرياض الخيرية للعلوم بتأهيل وتوظيف الشباب، وحرص ومتابعة أمين منطقة الرياض، رئيس مجلس أمناء الجامعة الأمير الدكتور عبدالعزيز بن محمد بن عياف لبرامج خدمة المجتمع باعتبارها الضلع الثالث المكمل لرسالة الجامعة العلمية والبحثية، وهي الرسالة التي ستبقى جامعة الأمير سلطان - بعون الله - وفية لها حريصة على أدائها بأضلاعها الثلاثة على أكمل وجه. والله ولي التوفيق.