هناك بعض الإجراءات التي يمكننا اتّخاذها لمعالجة مسألة العرض لكنّنا لا نستطيع أنْ نفرض على السوق متى وكيف ينبغي أنْ تتقلب أسعارها. هنا، يمكننا أن نحاول السيطرة، قدر المستطاع، على أسعار الأراضي والمضاربات التي ترفع من أسعارها. كما يمكننا أن نوجّه السوق. فعلى سبيل المثال، نستطيع التفكير في تطوير نظام مناطقي سليم قائم على نظام تسعيري فعّال. إذ يُمكن احتساب القيم التجارية على أساس نظام سعري خاصّ بكلّ منطقة يسمح بوضع الحدود الدنيا (أدنى) والقصوى (أقصى) لأسعار أراضيها. كما نستطيع التفكير في إنشاء هيئة عقارية رقابية عليا تشرف على القطاع العقاري لوضع عقوبات صارمة وقوية على المتلاعبين، على الأقل، خلال المراحل الأولى التي تعقب دخول قانون ونظام الرهن العقاري حيّز التنفيذ. يمكن التفكير بفرض ضريبة على الأراضي الشاغرة داخل الأحياء التي يجمدها كبار العقاريين سنوات طويلة من دون أن يُستفاد منها وبهذه الطريقة سوف يتم التخلص منها بهامش ربح صغير أو يتم تقسيمها ثم تطويرها استعدادا لبيعها. ولا بد من التفكير بمرونة لتشجيع أكبر عدد ممكن من المؤسسات الحكومية التي تبني حالياً مراكز تجارية ومراكز للتسوق، على بناء وحدات سكنية أيضاً بأسعار مناسبة لذوي دخل المحدود والمتوسط وبدعم من صندوق التنمية العقاري. لكنّ هذا الصندوق سيحتاج إلى ضعفيّ أو ثلاثة أضعاف رأسماله الحالي لكي يستطيع منح المزيد من القروض، وتقليص فترة الانتظار الحالية التي تزيد عن العشر سنوات إلى أقل من خمس سنوات. ويُعدُّ الإسكان أحد أهم طرق لخلق وتحويل الثروة. ويأتي قرار مجلس الوزراء المتعلق بعملية الإقراض من قبل صندوق التنمية العقاري، والذي تضمن توحيد قرض صندوق عند 300 ألف ريال، وإلغاء شرط ملكية الأرض، وفتح نافذة التمويل البنكي والتجاري للمنازل والذي أتوقع أن يكون له أثر كبير في المضي بالحركة العمرانية في المملكة ، وتوفير فرص تملك المنازل لشريحة ذوي الدخل المحدود والتي تمثل النسبة الأكبر في المملكة . ويعيش اليوم نحو أكثر من نصف سكان المملكة في مساكن مستأجرة. آخر الإحصائيات الصادرة من مصلحة الإحصاءات العامة التابعة لوزارة الاقتصاد والتخطيط، قد أشارت إلى أن 60 % من السكان لا يملكون منازل، وتعد تلك النسبة مؤشرا خطيرا في عملية تملك المواطنين للمنازل. لكنّ الأهم من ذلك هو حقيقةُ أنّ الشباب السعودي لا يستطيع شراء المساكن لأنّ أسعارها تصل إلى أرقام عالية جدا ومبالغ بها أكثر مما ينبغي. ويمثل السعوديون الذين تقل أعمارهم عن أربعة عشر عاماً حوالي 37% من مجموع السكان، بينما يمثّل الذين تقل أعمارهم عن تسعة وعشرين عاماً نحو 66% من مجموع السكان. ويرغب الكثير من الشباب السعودي في الزواج وتكوين أُسر، لكنّ هذا أصبح اليوم صعباً للغاية. والاتجاه السائد حالياً بالنسبة للمتزوجين من الشباب الذين لا يستطيعون شراء بيت أو شقّة هو العيش مع عائلاتهم (أمه وأبيه) ويتطلع الشباب السعودي اليوم إلى إيجاد فرص للعمل أولا لاسيما أن أسعار المواد الاستهلاكية والمواد الغذائية والمستلزمات اليومية ارتفعت بشكل كبير جدا في الفترة الأخيرة ، بينما كانوا يتطلعون جميعاً، قبل بضع سنوات فقط، إلى الزواج وشراء مساكن خاصّة بهم. لكنّ هذا الطموح أصبح اليوم أكبر من إمكانياتهم؛ ما يوجب علينا جميعاً الالتزام بالعمل على تغيير هذا الوضع بأسرع وقت ممكن لكي نساعد شبابنا السعودي الذي يمثّل مستقبل هذا الوطن. المدير الأعلى للقسم الاقتصادي في البنك السعودي الفرنسي