يبدو ان الثقافة انتصرت للعرب وقضيتهم المحورية أخيراً، بعد ان فشلت السياسة في تحقيق أي استثناء تاريخي يشفع لها أمام شعوبها التي تاهت بين خلافاتها الاهلية وخلافها مع المحتل. شاء القدر ان يأتي النصر من المؤسسة الثقافية الاولى في العالم (اليونسكو) التي اتحدت المجموعة العربية فيها على ان يمضوا في تمرير قرارات فلسطين الخمس، فلسطينالمحتلة التي تتمتع بصفة مراقب وهي الدولة التي لا توجد على الارض بالنسبة للمنظمات الدولية. لقد قدمت المجموعة العربية في اليونسكو نموذجاً لتوحيد الكلمة والجهد، فعملت على لقاءات ثنائية ومتعددة الاطراف من اجل اقناع سفراء العالم في اليونسكو بأحقية الأراضي المحتلة بهذا الارث الثقافي وأحقية ان ينسب لأهله بعد أن طمع المحتل في أن يسلبه بعد أن سلب الأرض. وبالرغم من التهديدات التي ساقها المندوب الاميركي في اليونسكو، على شكل تلميحات بأن الولاياتالمتحدة بخصوص تمويل الولاياتالمتحدة للمنظمة وهي التي تمولها ب25% من ميزانيتها، ونقله لانزعاج واشنطن من إمكانية تمرير هذه القرارات وكل ذلك في سبيل التأثير على سفراء دول العالم الذين حضروا الاجتماع التنفيذي في المنظمة وثنيهم عن التصويت لصالح هذه القرارات او الدفع بها للاجتماع القادم في السنة المقبلة. لكن إصرار المجموعة العربية على عدم تأجيل هذه القرارات لجلسات مقبلة وحسمها في الوقت الذي كانت رئاسة اليونسكو تدفع للاجماع والتفاهم والبعد عن أبغض الحلال (التصويت)، وصلت التفاهمات إلى طريق مسدود واصبح لابد من اتخاذ القرار، ولجأ المجتمعون إلى التصويت الذي ساهم في إنجاحه دول صديقة خارج المجموعة العربية كالهند وروسيا والصين والهند وفرنسا التي ساهمت توصيتها وتأييدها القرار الاول الخاص بباب المغاربة إلى تشجيع بقية الدول لمساندة باقي القرارات الاربعة ومن ثم الخروج بهذا النصر. تصويت الهند وروسيا وفرنسا والصين لصالح «باب المغاربة» دفع بباقي القرارات للنجاح لقد ساهمت التوصيت لصالح القرارات الخمسة إلى إسقاط جهود الدولة المحتلة وإدانة أعمالها المهددة للتراث الانساني، بل وجعل دور اليونسكو في حماية التراث العالمي أكثر مصداقية وتأثيراً على الارض من خلال تعيين خبراء ومندوبين لها في هذه المواقع من اجل صونها، والأهم من ذلك دحض محاولات (إسرائيل) في السطو على التراث الاسلامي الفلسطيني وهي التي ادعت ضم تراث الحرم الابراهيمي ومسجد بلال بن رباح للتراث اليهودي وهو الامر الذي انعكس احتجاجاً واستنكاراً في المنظمات العربية وذات الاختصاص وبهذا التصويت لن تتمكن دول الاحتلال من ضم هذين المسجدين كجزء من التراث اليهودي للمنظمة العالمية حتى وإن ضمتها في مؤسساتها الحكومية الخاصة بها. في حقيقة الامر لا يمكن تجاوز هذا الانجاز العربي بقراءة عابرة، بل لا بد من معرفة خبايا هذا النجاح الذي حققته كوكبة عربية مخلصة في هذه المنظمة العالمية، فهل تكون الثقافة بوابة العودة للعرب، وهي التي كانت دوماً سفيراً صادقاً لها في اصقاع العالم. وتنشر "الرياض" قرارات المجلس التنفيذي لليونسكو المتعلقة بعمل المنظمة في الاراضي الفلسطينية والعربية المحتلة وشملت: * منحدر باب المغاربة بمدينة القدس القديمة: فقد اعتمد المجلس، بالاقتراع، (واحد وثلاثون صوتا مع، وخمسة أصوات ضد، و17 صوتا امتناعا)، قرارا يدعو إسرائيل مجددا إلى تمكين الخبراء الأردنيين وخبراء دائرة الأوقاف من الوصول إلى موقع منحدر باب المغاربة على النحو اللازم. ودعا إلى عدم اتخاذ أي تدابير، من شأنها أن تنال من أصالة الموقع وسلامته، وذلك وفقا لأحكام اتفاقية التراث العالمي الثقافي والطبيعي ولاتفاقية لاهاي بشأن حماية الممتلكات الثقافية في حالة نزاع مسلح. * التراث الثقافي لمدينة القدس: اعتمد المجلس بالاقتراع، (34 صوتا مع، وصوت واحد ضد، و19 صوتا امتناعا)، قرارا يؤكد على "الأهمية الدينية لمدينة القدس القديمة بالنسبة إلى المسلمين والمسيحيين واليهود" وأعرب القرار عن قلق المجلس البالغ "إزاء ما يجري من أشغال إسرائيلية للتنقيب والحفائر الأثرية في مباني المسجد الأقصى وفي مدينة القدس القديمة بما يتناقض مع قرارات واتفاقيات اليونسكو ومع قرارات الأممالمتحدة ومجلس الأمن". ويدعو المديرة العامة إلى تعيين خبير واحد أو أكثر ليكون "مقرهم القدسالشرقية للإبلاغ بصورة منتظمة عن جميع الجوانب المتعلقة بالوضع المعماري والتعليمي والثقافي والسكاني في مدينة القدسالشرقية". ودعا إسرائيل إلى تيسير عمل هؤلاء الخبراء (أو الخبير) "تماشيا مع التزامها بقرارات اليونسكو واتفاقاتها". * الموقعان الفلسطينيان: الحرم الإبراهيمي/ كهف البطاركة في الخليل ومسجد بلال بن رباح/ قبر راحيل في بيت لحم: اعتمد المجلس بالاقتراع، (44 صوتا مع، وصوت واحد ضد، و12 صوتا امتناعا)، قرارا يؤكد من جديد "أن الموقعين جزء لا يتجزأ من الأراضي الفلسطينيةالمحتلة وأن أي فعل من طرف واحد تقدم عليه السلطات الإسرائيلية يعتبر انتهاكا للقانون الدولي واتفاقيات اليونسكو وقرارات الأممالمتحدة ومجلس الأمن". * المؤسسات التعليمية والثقافية في الأراضي العربية المحتلة: اعتمد المجلس بالاقتراع، (41 صوتا مع، وصوت واحد ضد، و15 صوتا امتناعا)، قرارا أعرب فيه عن "قلقه المستمر إزاء التأثير الضار للجدار الفاصل ولغيره من الممارسات على أنشطة المؤسسات الثقافية والتعليمية، وكذلك إزاء ما ينجم عنها من عوائق تمنع التلاميذ والطلاب الفلسطينيين من أن يكونوا جزءا لا يتجزأ من نسيجهم الاجتماعي ومن أن يمارسوا حقهم في التعليم بصورة كاملة". ودعا القرار المديرة العامة إلى مواصلة الجهود التي تبذلها بغية المحافظة على النسيج البشري والاجتماعي والثقافي للجولان السوري المحتل، وبذل الجهود اللازمة لتوفير المناهج الدراسية المناسبة، وإلى تقديم المزيد من المنح والمساعدة الملائمة إلى المؤسسات الثقافية والتعليمية في الجولان السوري المحتل. * إعادة بناء وتنمية قطاع غزة: اعتمد المجلس بالاقتراع (41 صوتا مع، وصوت واحد ضد، و15 صوتا امتناعا)، قرارا يشجب فيه "الحصار المستمر على قطاع غزة الذي يؤثر بصورة ضارة في حرية واستمرارية تنقل العاملين ومواد الإغاثة الإنسانية". وناشد القرار المديرة العامة أن تواصل مشاركتها في استجابة الأممالمتحدة الإنسانية حيال غزة في مجالات اختصاص المنظمة. ينعقد المجلس التنفيذي للمنظمة في دورتين كل سنة لمتابعة أعمال تطبيق البرنامج الذي يعتمده المؤتمر العام. والمجلس التنفيذي هو المسؤول عن تأسيس وإدارة كل الجوائز التي تتبناها اليونسكو.