الوقاية خير من العلاج ، حقاً إنها كذلك ، بل إنها تغني عن العلاج ، حيث أن المرء حينما يتقي الشيء فإنه سيسلم منه ومن تبعاته وبالتالي فإنه لا يحتاج إلى العلاج ، ، من هنا فإن الجانب الوقائي يتخذ بعداً أكثر ضرورة ،على حين أن تبني إستراتيجية وقائية ستخفف من حدة الأثار السلبية سواء على المستوى الجمعي أو الفردي ، بمعنى أن التكاتف في هذه المرحلة يجب أن يكون المسار لتذليل الصعوبات فما هو مطلوب من المنشآت اتباعه ينطبق على الأفراد ، بل أن الأفراد ربما يكونون أكثر تأثيراً على اعتبار أن المنشآت تسير وفق خطط مدروسة فضلاً عن وضع المنشآت احتمالات من هذا القبيل وتقدير المخاطر ضمن خططها المستقبلية ، وحينما يكون الوعي الفردي مسانداً للرؤية الجماعية في الحرص على المصلحة العامة فإن العائد ينعكس تلقائياً على المصلحة الخاصة، ويشكل ارتفاع معنويات الأفراد دوراً بارزاً في ضخ الارتياح للشعور العام وبالتالي فان ذلك سيكرس التفاؤل بالخير وإيجاده بصيغة تشحذ المزيد من بذل الجهد والحرص على الارتقاء بمستوى الأداء وفقاً لتفاعل الجميع مع الرؤية الواقعية . ومن ضمن المحاور التي تسهم في تعزيز دور برامج الوقاية الاقتصادية الترشيد الاستهلاكي ، يعد الترشيد من أكثر الأمور إلحاحاً في تجسيده واقعاً على الأرض في شتى مناحي الحياة ، فترشيد استهلاك الكهرباء ترشيد لاستهلاك الطاقة ويسهم بُعد النظر في صياغة المفهوم الشامل للمعاني النبيلة حماية للمصلحة والحفاظ عليها اذ يختلط الأمر على البعض ومن لم تمنحهم التجارب الزخم المعرفي مقرونة بنظرة محدودة وأفق لا يستوعب التبعات ، فعلى سبيل المثال حينما يقوم كبار السن بإطفاء الأنوار خصوصاً إذا كان المكان خالياً ، يسيطر على الذهن عند البعض البخل بثوبه القبيح ، فيخيل إلى الشاب بأن هذا بخل لكي يتم توفير ( الطفسة ) والريالات التي ربما لا تتجاوز عدد أصابع اليد ، غير أن المفهوم الأوسع والأشمل لهذا الكبير سناً وإدراكاً يسبق تصور الشاب ، أولاً امتثالاً لأمر الله عز وجل بعدم التبذير والإسراف ، ثانياً لأنه يدرك أن هذه طاقة واستخدامها على الوجه الأمثل يعني أيضاً إتاحة الفرصة لكي يتسنى للآخرين الاستفادة منها ، فكما هو معلوم كلما اشتد الضغط على الطاقة وخصوصاً الكهرباء ، كلما كان هذا سبباً في انقطاع الكهرباء على ! الأحياء الأخرى ، ، فلو وفر المستهلك ولنقل 20 ريالا في الشهر لا سيما وأن قطاع الكهرباء من الخدمات المدعومة بقوة من قبل الدولة ، ولو فرضنا أن العدد مليون مشترك وكان التوفير مبلغ 20 ريالا لكل مستهلك ، فإننا بذلك قد حققنا وفراً قدره عشرون مليون ريال ، وهكذا فإن هذا المبلغ سيستفاد منه في دعم سلع استهلاكية أخرى من المواد الغذائية والدوائية وغيرها ، وقس على ذلك باقي المرافق الأخرى كالماء وغيره من المرافق ، وهكذا يسهم بمعرفته ودرايته وحسن التصرف في انخفاض الأسعار تباعاً، ان وجود اقسام تُعنى بمراقبة الاستهلاك وتوجيه الارشادات والتذكير من شأنه رفع مستوى الإحساس بالمسئولية الأدبية بهذا الخصوص ، وفي شأن متصل يبرز الحرص على صيانة ! المنتجات كأحد المحاور الرئيسة في اطار برامج الوقاية ، تشكل الصيانة بمفهومها الشامل امتداداً لمستوى الخدمة ، وحرصاً على الأداء بما يعود بالفائدة على الجميع ، فهي ستخفف من عبء شراء آلات ومكائن جديدة وما يشكله هذا الأمر من إرهاق اقتصادي ، وهدر ليس له ما يبرره لا سيما وأن كل المنتجات التي تصنع ، يصنع معها كذلك قطع الغيار اللازمة ، ولو قمنا بعمل مسح أو إحصائية لحركة المنتجات وقطع غيارها فإن التوازن بهذا الصدد سيختل، حيث ستجد حركة البيع للمنتجات تفوق حركة بيع قطع الغيار أضعافاً مضاعفة ، ويعود السبب ربما للكسل أو الإهمال ، أو التشاؤم من المنتج حينما يحدث به عطل معين ، وهذا ربما أغبى الأسباب التي تغيب الوعي عن المستهلك ، وبالتالي فإن القوة الشرائية ستفوق دخله ، وقد يضطر للاستدانة لهذا الغرض ، بينما تجد إصلاح القطعة لا يتجاوز بضعة ريالات وتعود لحالتها الطبيعية ، من هنا فإن الحرص على استهلاك المنتجات مدة أطول يرتبط في مدى وعي وإدراك وفهم المستهلك بأن إطالة أمد الاستهلاك مرهون بالحرص على صيانة المنتج واستخدامه الاستخدام الأمثل من حيث مراعاة الوقت والطاقة والمكان وما إلى ذلك من مسببات تطيل عمر المنتجات وجعلها تعمل بكفاءة وفعالية مدة أطول، ان ترجمة برامج الوقاية الاقتصادية من شأنها كذلك توطيد العلاقة بين المنشآت ومنسوبيها ، وتعتبر العلاقة بين الموظف والمنشأة التي يعمل بها ، أكبر من علاقة عقد يحصل بموجبه الموظف على أجره الشهري مقابل تقديم خدماته للمنشأة التي يعمل بها ، فهي ارتباط فكري ونفسي واجتماعي ، فهي علاقة ولاء وحرص وانتماء ، فمستقبله ومصدر رزقه تشكله المنشأة التي يعمل بها ، لذلك تجد الكل يفتخر بمكانة المنشآة وبروزها وقوتها ، ولا ريب أن تحقيق القوة بهذا الصدد مرتبط بالطرفين فبدون الموظف المخلص الجاد لن تكون المنشأة قوية بالدرجة التي تشبع الطموح وترضي التطلعات. من هنا فإن الألفة والحميمية غالباً ما تنشأ وفقاً لحتمية الارتباط بهذا الخصوص ، وغني عن القول أن المنشآت تتأثر بالظروف الاقتصادية وتقلبات الأجواء فيها ، ففي حالة الرخاء والاستقرار الاقتصادي فإن المنشآت تحرص بطبيعة الحال على كوادرها بتشجيعهم وتحفيزهم سواء كان ذلك عبر الحوافز أو العلاوات أو المكافآت المختلفة ، وفي حالة تأثر المنشآت بحالة الركود الاقتصادي فإن هذا بدوره ينقل الكرة إلى ملعب الموظف ، بمعنى أن دوره الأخلاقي يجسده الوفاء حيال دوره تجاه المنشأة ، ومن أولويات هذا الدور بلا ريب يبرز ترشيد الإنفاق والذي يستطيع الموظف الفطن بذكائه وخبرته أن يترجمه واقعاً على الأرض ، وبالتالي فإن العائد قبل أن يكون للمنشآة سيحصده هو ، بحرصه على استمرار الوضع المالي المطمئن ، واستقرار المنشآة التي يعمل بها بطبيعة الحال من استقراره ومن ثم فإن التقليل من حجم المصروفات سيدعم بشكل أو بآخر الميزانية ، فالحرص على الآلات المستخدمة وصيانتها سيشكل رافداً رئيساً ، كذلك ترشيد استهلاك الأدوات المكتبية وورق الطباعة والتصوير ، واستخدام المرافق بشكل صحيح ، وقبل هذا وذاك الثقة بأن النجاح وليس غيره بإذن الله سيكون الهدف الذي لا يمكن تحقيقه بدون تكاتف وتعاون الجميع ، وقد مرت تجارب قاسية لشركات عالمية كادت أن تتوارى عن الأنظار ، غير أن حب أفرادها لها وولاءهم سطر أروع إنجازات المراحل العصيبة التي مرت بها ، وعادت بكل قوة وهي تعانق وفاء منسوبيها الذين وقفت معهم في الرخاء فوجدتهم نعم الأوفياء وقت الشدة . ولكم تحياتي ،،،