من المعروف أن شهر أكتوبر قد تم تخصيصه شهرا عالميا للتوعية بمخاطر سرطان الثدي، ومهم جدا أن ندرك أن معركة التصدي لهذا المرض الخبيث لم تنته بعد أبدا. في عام 1985، تم إقرار اليوم الأول من شهر أكتوبر شهرا "للتوعية بمخاطر سرطان الثدي." ومنذ ذلك الحين، سخرت الولاياتالمتحدة موارد هائلة نحو جهود زيادة الوعي والتثقيف وتمويل علاج سرطان الثدي. واليوم، تحتفي الدول في جميع أرجاء العالم، بما فيها المملكة العربية السعودية، بشهر أكتوبر شهرا "للتوعية بمخاطر سرطان الثدي"، وهي تعمل يدا بيد مع شركاء عالميين لزيادة الوعي وتبادل الخبرات في هذا المجال. وتواصل الشراكة التي تأسست بين المملكة العربية السعودية والولاياتالمتحدة بهذا الشأن فرض نفسها كنموذج مثالي للدول الأخرى في الجهد الدولي لزيادة الوعي والكشف والبحوث في مجال سرطان الثدي. ونود أن نشيد في هذا الإطار بجهود خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبد العزيز وحكومته وجهود المواطنين السعوديين الناجحة والتي تحرز تقدما مهما في مكافحة هذا المرض الخبيث. وبما أن سرطان الثدي مرض وبال لا تقتصر مضاره على المرأة فقط، بل تمتد آثاره المدمرة لتطال الرجل والأسرة والأصدقاء في أرجاء العالم كافة، فإن من المهم جدا أن نواصل العمل معا لتحقيق التقدم المنشود في مجال التوعية بهذا المرض العضال والوقاية منه ومعالجة المصابات به. ومنذ وصولي إلى المملكة قبل أكثر من عام بقليل، تأثرت كثيرا بمشاركة المجتمع السعودي في مكافحة هذا المرض اللعين. ففي القصيم، اتخذت المرأة موقفا قويا لا سابق له في هذه الحملة بتنظيمهن أول اختبارات شعبية عامة منظمة في المملكة العربية لتشخيص المصابات به. وقد استخدم البرنامج، وبإدارة الشؤون الصحية المحلية هناك وبالتعاون مع جمعية الملك عبدالعزيز الخيرية النسائية، وحدة كشف متنقلة للوصول إلى الجهات النائية في المنطقة لمناقشة موضوع سرطان الثدي، ليس مع النساء فحسب، بل مع أفراد الأسرة الرجال أيضا لإجراء الكشف عن المرض. إنني بالطبع على علم تام بأن مناقشة هذا الموضوع ليست بالأمر الهيّن في أي مجتمع. ومن هنا، فإنني أحيي أولئك الذين اتخذوا موقفا مبكرا جريئا لزيادة الوعي بمخاطر هذا المرض الفتاك. لكن جهود المملكة العربية السعودية في مكافحة هذا المرض لم تتوقف هنا. بل أظهرت المملكة عزمها على محاربة سرطان الثدي بوضوح لا غبار عليه، وعلى أكثر من صعيد. فهذا العزم واضح وضوح الشمس في اللون الزهري المنبعث من أعلى برج الفيصلية ومركز المملكة، وفي الشرائط الزهرية التي تلبسها مضيفات الخطوط الجوية العربية السعودية، وفي الحملة التي ستقام في جدة لحشد أكبر تجمع بشري يرسم المشاركون فيه بأجسادهم معا شكل إشارة مكافحة سرطان الثدي المتمثلة في الشريط الزهري اللون. هذه الجهود تنبهنا جميعا إلى أن للمملكة دورا قويا في هذا الصراع، وأنها متفانية في محاولتها للقضاء على هذا الوباء الذي نزل بالإنسانية جمعاء. وحسب تقديرات منظمة الصحة العالمية فإن 1.2 مليون شخص يصابون بالسرطان كل عام. وكون سرطان الثدي أكثر أنواع السرطانات شيوعا في المملكة، فإنها تستمر في التعاون مع المجتمع العالمي، محققة بذلك قفزات كبيرة في مكافحته. وكجزء من مبادرات المملكة لمكافحة سرطان الثدي، أسست جامعة الملك عبدالعزيز في 2009 أول مركز للجودة لمكافحة سرطان الثدي، كما نظمت في الصيف الماضي جمعا تاريخيا لأطباء وطلاب ومسؤولي الصحة العامة ضمن أول دورة لمنهج متعدد الاختصاصات لمكافحة سرطان الثدي. وقد رعى هذه الدورة تحالف المبادرة العالمية لصحة الثدي وكلية الطب بجامعة جونز هوبكنز. ووفر البرنامج لمقدمي الرعاية الصحية في السعودية ومصر والمنطقة ككل الفرصة لتحسين العلم والخبرات العملية الخاصة بمكافحة هذا المرض. غير أن هذه لم تكن المرة الأولى التي اجتمع فيها رواد البحث والعلم من الولاياتالمتحدة والمملكة لمحاربة هذا المرض. ففي عام 2007 شارك مركز أم دي أندرسون للسرطان في جامعة تكساس وجامعة مدينة الملك فهد الطبية والجمعية السعودية للسرطان في برنامج فريد رعته الحكومة الأميركية، وذلك عبر مبادرة الشراكة الشرق أوسطية. هذه الشراكة أثبتت نجاعتها إلى حد أنها صارت مثالا يحتذى من قبل دول أخرى في المنطقة بما في ذلك المغرب والضفة الغربية ومصر. هذه الشراكة مستمرة اليوم، إذ يتعاون الباحثون من بلدينا لتحسين الكشف عن المرض، في سبيل القضاء عليه في نهاية المطاف. من خلال هذه الشراكات والعمل التعاوني بين الدولتين والمجتمع الدولي نتوقع ان تستمر المملكة والولاياتالمتحدة في المضي قدما في الجهود المبذولة لإنقاص عدد النساء والرجال والعائلات والأصدقاء المتأثرين بهذا المرض المدمر. وكما قال الرئيس أوباما في إعلانه الخاص بالتوعية بمرض سرطان الثدي في العام 2009 فإننا في هذا الشهر "نؤكد من جديد التزامنا بخفض أعباء سرطان الثدي الثقيلة ونقدم الدعم لمن يرزحون تحت وطأة هذا المرض. ومن خلال زيادة التوعية بهذا المرض ودعم الأبحاث الخاصة به فإننا سنشق طريقنا نحو حقبة جديدة في كفاحنا ضد سرطان الثدي." وكشريك ثابت للمملكة، فإن الولاياتالمتحدة ستكون دائما على أهبة الاستعداد للعمل معكم، يدا بيد، من أجل الانتصار معا في معركة القضاء على هذا المرض الخبيث والقاتل. * سفير الولاياتالمتحدة الأميركية لدى المملكة.