هل يوجد بيت لم يعان من ظاهرة الارتفاع المفاجئ للأسعار، بدءاً من الخضروات والفواكه والمواد الغذائية والملابس، ومروراً بالإيجارات والأراضي ومواد البناء، وانتهاء بالأدوية والسيارات وقطع الغيار؟. للإجابة على هذا السؤال..اعتمدنا في معظم تحقيقات هذا الملف على الجولات الميدانية سعياً وراء معرفة أسباب هذا الغلاء، وتأثيره على الأسر المتوسطة الدخل والفقيرة، وحاولنا ما وسعنا استجواب أصحاب المحلات والمراكز التجارية حول مدى مسؤوليتهم عن ارتفاع الأسعار، وخلصنا إلى نتيجة غريبة فكل المواطنين بشقيهم المستهلك والبائع لا يعلمون سبباً حقيقياً لارتفاع الأسعار.. واتفق تقريباً كل البائعين على أن السبب يعود قطعاً إلى جشع الموردين والمستوردين والمنتجين، وهؤلاء بدورهم أرجعوا الأمر إلى زيادة الأسعار العالمية في كل شيء، كما احتج البعض برداءة الطقس والتغيرات المناخية الحادة في المملكة ودول المنشأ التي أتت على الكثير من المنتجات مما أدى لارتفاع أسعارها.. وعلى الرغم من أن السلع والبضائع مازالت متوفرة بقدر كبير وبنفس كمياتها تقريباً في المحلات والمراكز التجارية الكبيرة، إلا أن تغيراً كبيراً طرأ على أسلوب شراء المواطن، فبعد أن كان يشتري بالجملة و"الصناديق الكبيرة" أصبح يشتري بالكيلو وفق احتياجه، وما يحقق القدر الأدنى من تلبية احتياجاته اليومية. وإذا كانت "الرياض العاصمة" تضج من غلاء الأسعار؛ فإن استياء أكبر موجود عند مستهلكي بقية المحافظات؛ الأمر الذي دعانا لتخصيص جزء كبير من هذا الملف للمحافظات كون بعضها اشتهر بمنتجات معينة، ومن المعروف أن أسعار السلعة في بلد المنشأ عادة يكون أقل من سعرها في أي موقع آخر يتطلب تعبئة وتغليف وإعادة تصنيع، بالإضافة إلى مصاريف النقل و العمالة.. وعلى الرغم من ذلك كانت النتيجة واحدة، فقد ارتفعت الأسعار كثيراً، وأصبحت السلع التي كانت في متناول أهل المحافظة غالية عليهم، ومثار استياء وضيق بالغين، يتساوى في ذلك المأكولات البحرية في المنطقة الشرقية أو العسل في المنطقة الجنوبية.