عبارة "كل شيء ارتفع".. باتت مبرراً يردده الباعة في وجه كل مستهلك لتضرب كل سلعة أرقاماً قياسية في الصعود لا الهبوط وتبدأ كل أسرة من الآن في مراجعة قائمة السلع المنزليه والاستغناء عن الغالبية طالما أن الحال لم تعد يسمح بأن تنضم إلى المنازل وفق كل هذا الجشع والنظر بعين واحدة لكل ما حولنا، وكل ما هو منتم لنا. كل شيء ارتفع حتى معايير الجشع واستنزاف الجيوب، واللعب على الوتر الأقوى في عقلية المستهلك الذي لم يعد يملك إلا حلين لا ثالث لهما إما الصبر أو العيش بلا أحلام ولا أمنيات وحتى تذكر الماضي الذي ذهب دونما ارتفاع يخدش جمالية العيش بلا ألم. "كل شيء ارتفع" مبرر مبهم بلا تفاصيل أو مساءلة أو متابعة وهذا هو المفصل في كل ما مضى وكل ما هو قادم، حيث واصلت ارتفاع أسعار الخضار والفواكه بمنطقة عسير ارتفاعها الذي يتجاوز حجاز 100في المائة إثر عدة ارتفاعات قادتها المواد الاستهلاكية الأساسية وبعض الكماليات. وتأتي هذه الارتفاعات المتتالية التي شملت الخضروات والفواكه بلا مبررات كحال أغلب المنتجات التي طالتها يد الغلاء، وامتعض كثير من المواطنين جراء هذا الارتفاع حيث يقول أحمد السلوسي: أصبح حال الخضروات والفواكه كحال بقية المواد الاستهلاكية التي أصابها هذا الغلاء الفاحش الذي لم يعد حكراً على منتج أو سلعة دون أخرى، فبمجرد السؤال عن سبب الارتفاع تأتي الإجابة بأن كل شيء ارتفع. وأضاف: كنت أتسوق إلى فترة قريبة وأشتري من سوق الخضار في أبها بمبلغ لا يتجاوز 200ريال أما الآن فإنها تتخطى 500ريال، ولم يعد المستوى المعيشي كافلاً لشراء الحاجيات الأساسية وضمان وجودها لحياة هانئة، وسوق الخضار كان يعيش فترات ارتفاع لفترة وجيزة ثم يعود إلى وضعه الطبيعي والمعروف ولكن الآن تغير الوضع، فزادت الأسعار وأصبحت تشق طريقها نحو المجهول وأصبح هذه الهاجس يهدد أمن كثيرين فمن يتخيل أن كيلو البامية مثلاً بعد أن كان لا يتجاوز 5ريالات أصبح الآن 12ريالاً، وليس الغلاء لمثل هذه المنتجات وحده هو ما يسبب الخوف ولكن تفاوت الأسعار ما بين محل وآخر وهو ما يثير الشك في نزاهة المراقبين وجولاتهم الرقابية. جابر الزيداني يقول: كبار التجار يعطون بضائعهم من فواكه وخضروات بسعر معين، ونتفاجأ بأن الأسعار داخل المحلات تتباين كثيراً وقد يصل الفرق بينهم إلى ستة ريالات، مناشداً أمانة المنطقة للوقوف بكل حزم وجرأة لوقف هذا الطوفان - على حد تعبيره - الذي أتى على كل شيء يمس احتياجات المواطن، مشيراً إلى أن الجولات الرقابية التي تنفذها الأمانات في أسواق الخضروات والفواكه لا تصل إلى الشكل المطلوب فيه، ولو كانت هناك جولات رقابية وتفتيشية منظمة ومفاجئة لم نر هذا التغيير والارتفاع الكبير لهذه المنتجات، مناشداً ولاة الأمر بالوقفة الجادة لوقف هذا الاستغلال لأموال المواطنين. من جانبه أكد مفرح الألمعي أن ما يحدث هو استغلال صارخ وإضرار بالمستوى المعيشي فالارتفاعات طالت كل شيء بما فيها الأشياء الأساسية كالخضروات والفواكه وارتفاعات جنونية والكل أجمع على أن هناك جشعاً من التجار وعدم رقابة من وزارة التجارة وتهاوناً من مؤسسة النقد بشأن تراجع صرف الريال المرتبط بالدولار الذي انخفض بأكثر من 30في المائة من قوته والذي أدى بدوره إلى فقدان الجميع جزءاً كبيراً من مصاريفهم للتعويض هذا الضعف ويجب علينا حل مثل هذه القضايا وعدم تجاهلها لكي نأمن حياة آمنة بعيدة عن أيادي التجار الجشعين والذين أمنوا العقاب وأساؤوا استغلال مبدأ التجارة الشريفة، ولنا أن نتخيل أن أسعار الطماطم الآن تجاوزت 20ريالاً للصندوق الصغير، والكوسة الذي وصل الكيلو الواحد إلى ثمانية ريالات. وأضاف الألمعي: نسمع بعض التبريرات التي لا تسمن ولا تغني من جوع من بعض المسؤولين في التجارة كقولهم بأن الأوضاع في المنطقة العربية وموجات البرد التي أدت إلى إتلاف بعض المحاصيل الزراعية كان لها السبب الرئيسي والمباشر، ولكن ذلك لم يوقف هذا الارتفاع عند مستوى معين بل تجاوزه إلى أسعار خيالية. المعلم موسى النوخاني يؤكد أن غلاء الأسعار أصبح حجة من لا حجة له، وأصبح المواطنون ضحية لهذا التلاعب الذي أتى على أموالهم فحرمهم الكثير مما يطلبونه جراء جشع التجار الذي لا يعرف حدوداً، ومن الغريب في الأمر أن العمالة الوافدة أصبحت تزايد في السعر بحجة كثرة الطلب وقلة العرض، وهذا بالتأكيد ما لم يجد رضا أو حتى قبولاً من المواطنين، وألوم هنا أمانات المناطق في عدم وضع آلية محددة في الأسعار، إيجاد عقوبات وقوانين صارمة بدلاً من من هذه العقوبات السهلة لتحد من هذا التضخم الذي لا ندري إلى أين سيوصلنا. وتابع: الحكومة الرشيدة بذلت الغالي والنفيس في سبيل عيش المواطن والمقيم على أرضها في رخاء وازدهار، وفي النقيض نجد أن جشع التجار يأتي على كل شيء بلا أدنى حياء وصدق المثل القائل من أمن العقوبة أساء الأدب.