السلام عليكم، قبل الشروع بهذه الكلمات اود ان اعرفكم بنفسي. أدعى توم فيليبس وأنا السفير البريطاني الجديد لدى المملكة العربية السعودية. يسرني ان اعبر عن امتناني لكل الذين جعلوني اشعر بأنني موضع ترحيب في المملكة. كما أنني مسرور وفخور جدا لأنني أمثل المملكة المتحدة في بلد تربطنا به اواصر تاريخية منذ زمن بعيد. في عام 1915 ، أي قبل 95 عاما وقف القائد البريطاني الكابتن شكسبير الى جانب الملك عبد العزيز آل سعود في معركة جراب التي لقي فيها حتفه. وأود أن أغتنم فرصة هذا المقال لكي اتحدث قليلا عن نفسي وعن الاهداف التي أريد تحقيقها في المملكة العربية السعودية ، ذلك البلد الذي يحظى ليس باهتمام المنطقة فحسب بل العالم بأسره. أريد في البداية ان أتحدث عن نفسي قليلا. فأنا من الاشخاص الذين يؤمنون بالدبلوماسية وبقوة الحوار والاحترام المتبادل. وهذا هو أحد مصادر سعادتي لكي أكون هنا في المملكة. لقد آزر خادم الحرمين الشريفين الحوار بين الأديان كوسيلة لكسر حواجز الفرقة ومواجهة التطرف المضلل. وعندما كان خادم الحرمين وليا للعهد قام بدور هام في إنشاء مبادرة السلام العربية. وأنا على قناعة بأن المبادرة كانت تنم عن بعد نظر وتحديد اطار ايجابي لتسوية النزاع الذي استمر فترة طويلة جدا والذي عانى الكثيرون من جرائه. وحيث انني اريد توسيع آفاق الحوار والتفاهم بين بلدينا ، فسوف انتهز كل فرصة ممكنة للتجول في ارجاء المملكة طولا وعرضا والالتقاء بالعديد من رجالاتها. لقد زرت مدينة جدة ، وعدت للتو من زيارة الى المنطقة الشرقية التي شهدت عهدا استثنائيا في مجال التنمية الاقتصادية في العقود القليلة الماضية. كما أعتزم ان ازور خلال الأشهر المقبلة اكبر عدد ممكن من المناطق الاخرى في المملكة. لقد استمتعت كثيرا بحضور فعاليات الاحتفال بمناسبة اليوم الوطني السعودي في مركز الملك عبدالعزيز التاريخي وكان لي شرف المشاركة في "العرضة" للمرة الاولى. كما انني أنوي الاطلاع على ثراء التنوع الثقافي والاقتصادي والتاريخي في المملكة وأرحب بآرائكم بخصوص الاماكن التي يتعين علي زيارتها من اجل فهم المملكة العربية السعودية وشعبها. لم يمض على وجودي في المملكة سوى اربعة أسابيع ، ومع ذلك فقد أدهشني الكم الكبير من الاهداف والمصالح المشتركة التي تربط بين البلدين. وفي هذا المقام ، أود ان اعرج قليلا على بعض الأهداف المشتركة التي أعتقد أن المملكة المتحدة والمملكة العربية السعودية يجب ان تعملان معا بخصوصها. أول هذه الأهداف هو السعي لتحقيق أمن إقليمي. فللأسف نجد أن الشرق الأوسط حاليا يعاني من عدة صراعات وشكوك. تلعب المملكة العربية السعودية دورا حاسما في دعم الاستقرار في فلسطين واليمن والعراق. وتسعى المملكة المتحدة لأن تعمل جنبا إلى جنب مع السعودية في هذه القضايا. إن الزيارة التي قام بها خادم الحرمين الشريفين والرئيس الأسد إلى لبنان هذا الصيف بعثت رسالة قوية لدعم الحوار بين الفصائل اللبنانية. وترأست المملكة العربية السعودية واليمن والمملكة المتحدة اجتماعا لمجموعة أصدقاء اليمن عقد في مدينة نيويورك الشهر المنصرم يدعو الى تكاتف المجتمع الدولي في دعم الحكومة اليمنية. وبالطبع هناك ايضا قضية ايران. وفي بادئ الأمر أود أن أوضح أن المملكة المتحدة والمجتمع الدولي، بما في ذلك الصين وروسيا ، ليسوا في نزاع مع الشعب الإيراني. إلا أن الحكومة الإيرانية تصر على المضي في المواجهة. وقد أوضحت المملكة المتحدة ومجموعة الدول 3 + 3 موقفها من هذه المسألة على اساس ان تبدي إيران استعدادها لاتخاذ خطوات من شأنها استعادة الثقة في نواياها النووية ، عندها سنكون على استعداد للتفاوض على مجموعة من الفوائد المحتملة لإيران ودعمها من اجل تعليق العقوبات. وبهذا نجد أن قيام ايران باتخاذ الخطوات اللازمة من اجل استعادة الثقة الدولية في نواياها النووية سيعود عليها بفوائد جمة. أما إذا اختارت إيران المضي قدما في هذا التحدي ، فإنها سوف تدفع ما يترتب على العقوبات من تكلفة باهظة. يسعدني القول ان العلاقات التجارية بين المملكة المتحدة والمملكة العربية السعودية تعيش حالة من الازدهار. فقد استثمرت الشركات البريطانية والأفراد عشرين بليون جنيه إسترليني في الاقتصاد السعودي. ويستفيد البلدان حاليا من العلاقات التجارية التي تغذيها الجهود الجبارة لرجال الأعمال البريطانيين والسعوديين . وإنني آمل أن أرى تلك العلاقات تزدهر وتتطور نحو تحقيق مستويات اعلى. وبما ان التجار والمستثمرين المتعاملين مع المملكة المتحدة هم خير من يدرك طبيعة هذا الهدف ، لذا فانني أرجو منكم ان تبينوا لنا كيفية مواصلة تطوير شراكتنا التجارية. وختاما أود أن نشيد معا بتاريخنا الحافل بكل فخر واعتزاز. وإنني لأرى العلاقات المزدهرة التي تربطنا الآن تسير نحو مستقبل مشرق لا يقوم على الاتصالات بين الحكومتين فحسب ، بل على التفاعل الفريد القائم بين الطلبة البريطانيين والسعوديين ، وبين رجال الأعمال والحجاج. ولقد حمل السفراء على مدى التاريخ مسؤولية الحفاظ على العلاقات بين الأمم. إلا أننا ، ولله الحمد، أصبحنا جميعا بمثابة سفراء نتيجة وجودنا في عالم بات يعرف بالقرية العالمية ، مما يعني أن مسؤولية الحفاظ على العلاقات القائمة بين بلدينا تقع على عاتقنا جميع. * السفير البريطاني لدى المملكة العربية السعودية