منذ وصولي الى المملكة في العام الماضي حالفني الحظ الطيب بالمشاركة في عدد من الاجتماعات الهامة التي عقدت بين القيادات في المملكتين، وفي أعقاب الزيارة الرسمية الناجحة جدا التي قام بها خادم الحرمين الشريفين، الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود، الى المملكة المتحدة في العام الماضي، استقبلت المملكة العربية السعودية معالي وزير الخارجية البريطاني السيد ديفيد ميليباند اثناء جولته في الشرق الأوسط في ابريل المنصرم. كانت زيارة معالي وزير الخارجية البريطاني فرصة هامة لتعزيز العلاقات القائمة بين المملكة العربية السعودية والمملكة المتحدة وقد وصف معالي الوزير زيارته الى المملكة العربية السعودية في أعقاب اجتماعه مع خادم الحرمين الشريفين وصاحب السمو الملكي الأمير سعود الفيصل، وزير الخارجية بأنها "كانت هامة جدا ومفيدة، وجرت خلالها مناقشات معمقة وواضحة ومفيدة للعديد من القضايا الثنائية والاقليمية". إن العلاقات التاريخية القائمة بين المملكة المتحدة والمملكة العربية السعودية هي الآن أوسع وأعمق من أي وقت مضى، عندما كنت هنا آخر مرة في التسعينيات وصفت العلاقة السعودية البريطانية بأنها بمثابة بيت قائم على ركنين أساسيين هما العلاقات التجارية والدفاعية، وقد استمرت هذه العلاقات في النمو واصبحت الآن اقوى من أي وقت مضى. كما اقام بلدانا خلال السنوات القليلة الماضية حوارا وثيقا حول العديد من القضايا الاقليمية والأمنية والعالمية، وبالاضافة الى الركنين الأساسيين، استطعنا اضافة العديد من المجالات الاخرى بما فيها تشجيع السلام والعدل والاستقرار في الشرق الأوسط، الاهتمام المشترك في مواجهة التطرف والإرهاب، التشجيع المشترك للتنمية والتعاون في مجالات التعليم والتدريب وحالياً، وبصورة متزايدة في مجال امن الطاقة والمناخ. إن مشكلة التطرف القائم على العنف لا يمكن حلها بدون تحقيق اوثق صور التعاون الممكن بين الحلفاء، كما ان العلاقة القائمة بين بلدينا لمواجهة التطرف ومكافحة الإرهاب قد تطورت الى علاقة تقوم على الثقة المتبادلة وموضع اعتماد وطموح، عندما زار وزير الخارجية البريطاني مركز اعادة التأهيل المثير للإعجاب في الرياض وصف المركز بأنه "فريد من نوعه" واشاد بأسلوب المملكة في تعدد وشمولية اوجه المعالجة ليس لأعراض التطرف العنيف فحسب بل لمعالجة جذوره ايضا، اننا نعمل معا عن كثب لتحقيق الهدف المشترك الا وهو توفير حياة اكثر أمانا للمواطنين في البلدين. ان الاستقرار الاقليمي هو بالطبع مسألة مركزية لهذه المواضيع، والمملكة العربية السعودية تلعب دوراً هاماً في هذا المجال من خلال المحادثات المكثفة والمستمرة التي تجري على مستويات رفيعة، ان بلدينا مرتبطان الآن وأكثر من أي وقت مضى باهتمامات وأهداف مشتركة وهما ملتزمان بايجاد حلول فعالة. تعتبر المملكة العربية السعودية شريكاً وحليفاً بالغ الأهمية في الشرق الأوسط وقد تولت في العديد من المناسبات توجيه الجهود لإحراز تقدم هام في عملية السلام في الشرق الأوسط.. كما انها عملت بقوة للتوصل إلى تسوية سياسية بين الفلسطينيين. إن المملكة المتحدة تؤمن بقوة وباستمرار الحل الرامي إلى إقامة دولتين وهي ملتزمة بتحقيق سلام عادل ودائم وشامل تعيش فيه إسرائيل جنباً إلى جنب مع دولة فلسطينية آمنة وقابلة للحياة بطريقة طبيعية وفقاً للقانون الدولي.. ولجعل ذلك ممكناً، من الضروري أن تفي السلطة الفلسطينية وإسرائيل بالتزاماتهما بموجب خارطة الطريق وبالعمل معاً لحل الأزمة الإنسانية وتحقيق النمو الاقتصادي الهام في الأراضي الفلسطينية.. نشيد بالجهود السعودية، لاسيما مبادرة السلام العربية، لتحقيق تقدم في هذه الرؤية.. وقد حضر الأمير سعود في شهر مايو اجتماع وزراء الخارجية في لجنة الاتصال الخاصة مع وزراء وكبار المسؤولين في لانكستر هاوس في لندن، مما يؤكد الالتزام القوي بهذا الحل. وعلى نحو مشابه، أثارت الأزمة في لبنان قلقاً كبيراً، قبل المجيء إلى المملكة العربية السعودية، شارك وزير الخارجية البريطاني وصاحب السمو الملكي الأمير سعود في اجتماع مجموعة أصدقاء لبنان الذي عقد في الكويت.. وقد ركز الاجتماع على أهمية الدستور اللبناني وانتخاب رئيس جديد للبلاد وتشكيل حكومة وحدة وطنية.. نرحب باتفاق الدوحة وبانتخاب رئيس جديد للبنان ونشيد بجهود الجامعة العربية التي بذلت جهداً كبيراً لتحقيق ذلك. إن انتخاب العماد سليمان رئيساً للبنان يعتبر خطوة هامة للأمام.. تؤكد الحكومة البريطانية على دعمها الكامل والمستمر لاستقرار لبنان وسلامته واستقلاله ونتطلع إلى تعاون الرئيس سليمان مع حكومة الوحدة لاخراج لبنان من محنته الحالية. إن التهديدات الملحة التي تستهدف الاستقرار الإقليمي يمكن في بعض الأحيان ان تحجب مجالات أخرى للعمل المشترك الهام في مواجهة التحديات التي تتعرض لها المملكة. آمل أن أكتب عن بعض هذه التحديات في المرة القادمة.. @ السفير البريطاني في المملكة