إن أفضل جزء من مهمتي كسفير هو شعوري بالرضا عندما يؤدي الآخرون واجباتهم ويشعرون كأنهم سفراء. منذ أكثر من ألف عام كانت مهمة السفراء الاضطلاع بعلاقات بلدانهم مع الحكومات الأجنبية، ولكن حقيقة الأمر هي أن في كل اجتماع وزاري أو حفل استقبال على مستوى السفراء، تنشأ مئات الاتصالات بين مواطني تلك البلدان وهذه لا تقل أهمية عن علاقتنا. إن العلاقات القائمة بين بريطانيا والمملكة العربية السعودية هي أكثر من مجرد علاقة بين الحكومات. يفد آلاف الحجاج البريطانيين إلى المملكة العربية السعودية كل عام لأداء مناسك الحج أو العمرة وثمة 14000 طالب سعودي في المملكة المتحدة يدرسون بمنح دراسية حكومية. والتجارة بين المملكتين تنمو باضطراد سنوياً. قامت هذا الأسبوع جمعية الشرق الأوسط، وهي مجموعة من كبار رجال الأعمال البريطانيين الذين يزورون المملكة العربية السعودية منذ عدة سنوات، بزيارة إلى كل من جدةوالرياض والدمام لمناقشة الفرص التجارية مع نظرائهم السعوديين. من ناحية أخرى، تتدرب قواتنا العسكرية معاً، والقضاة في البلدين يستفيدون من بعضهم البعض، وحتى أطفالنا فإنهم يدرسون معاً. احتفلنا في الأسبوع الماضي بمدى متانة واتساع نطاق هذه العلاقة من خلال المؤتمر الرابع للحوار بين المملكتين. هذا الحوار الذي بدأناه في عام 2004 يتطلع إلى جمع أكبر عدد من المشاركين من القطاع العام والخاص والقطاعات غير الحكومية. وقد انعقد مؤتمر الحوار الأخير بين المملكتين خلال الزيارة الرسمية التي قام بها خادم الحرمين الشريفين إلى لندن في عام 1428ه (الموافق 2007). في هذا العام كنا محظوظين للرعاية والدعم من صاحب السمو الملكي الأمير سعود الفيصل الذي افتتح المؤتمر إلى جانب وزير الخارجية البريطانية ديفيد ميليباند. كان التركيز هذا العام على العمل المشترك لمواجهة الأزمة الاقتصادية العالمية. وضم الوفد المشارك عدداً من الاقتصاديين ورجال الأعمال والمسؤولين في الدولة. ومن خلال مناقشات تفصيلية ومركزة خرج المؤتمر بمجموعة من التوصيات التي سيقوم المشاركون والحكومات بالمضي بها قدماً. نأمل أن يتم التوقيع في المستقبل القريب على اتفاق ينص على منح تأشيرات دخول لرجال الأعمال صالحة لمدة (5) سنوات ولعدة سفرات على أساس المعاملة بالمثل. ان التواصل بين الأفراد وتبادل الأفكار والتجارة، والتي أرى أنها أساسية، لا يمكن أن تتحقق إلا عندما نوفر سهولة الحركة والتنقل بين بلدينا ودعا المؤتمر أيضاً إلى عقد مؤتمر للتجارة والاستثمار في لندن في شهر يونية القادم، واثناء كتابتي لهذا المقال، تقوم كل من الهيئة العامة للاستثمار وهيئة التجارة والاستثمار البريطانية بالتحضير لهذا المؤتمر. كان هناك أيضاً تأييد لوضع اللمسات الأخيرة لاتفاقية التجارة الحرة بين دول مجلس التعاون الخليجي والاتحاد الأوروبي وتسريع المفاوضات بشأن التوصل إلى اتفاقية ثنائية لتشجيع وحماية الاستثمار. كما ركز المؤتمر على موضوع الشباب، وفي هذا السياق، اطلق مجلس الغرف التجارية السعودية وهيئة التجارة والاستثمار البريطانية مبادرة (الشراكة للشباب)، والتي تعطي الفرصة للشباب السعودي والبريطاني من المحترفين لتعلم المهارات من خلال العمل في الشركات في كلا البلدين. كما استعرض المؤتمر آراء منتدى الشباب السعودي البريطاني الذي عقد في جدةوالرياض في محرم من هذا العام. ان هؤلاء الشباب الرائعين يقومون بتطوير مشروعات من شأنها ان تزيد من فهم كل طرف لثقافات وآمال وطموحات الطرف الآخر. إن مؤتمر الحوار بين المملكتين هو نموذج لنطاق أوسع للحوار بين بلدينا أود أن أشجعه. وقد اتيحت الفرصة لوزير الخارجية ديفيد ميليباند لاجراء محادثات مع صاحب السمو الملكي الأمير سعود الفيصل. ولكن في الأسبوع الماضي كان من المناسب قيام وزير الخارجية ديفيد ميليباند بزيارة إلى أحد أقدم الأحياء السكنية في الرياض حيث التقى بالسعوديين الساعين وراء أعمالهم اليومية، وتجلت الضيافة السعودية الشهيرة عندما أصر رجل من العامة على دعوة الوزير لتناول القهوة العربية على حسابه، واعجب الوزير بتاريخ قلعة المصمك وأهميتها، لعلكم شاهدتم صور الزيارة في هذه الصحيفة. ان الواجب يدعوني للمحافظة على استمرار علاقة الحوار والاصغاء المتبادل بين المملكتين، ومن حسن الحظ أن المملكتين لا تحتاجان إلى كثير من التشجيع في هذا الاتجاه. *السفير البريطاني لدى المملكة