نعرف متعة الكتابة ومن ثم النشر، ونعرف أن المتعة الأكبر لأي كاتب هي توزيع كتابه بصورة جيدة، ووصول هذا الكتاب ليد كل قارئ، والتأليف ليس بالأمر الهين، شأن ذلك شأن الكتابة، فالكتابة ملكة خاصة تبدأ كموهبة وتنتهي باحتراف، وهنالك من لديهم القدرة على الكتابة، يكتبون وينشرون في الصحف والدوريات، ولكن يكون مشروع إصدار كتاب غير وارد في أذهانهم، بالمقابل يكون هنالك من يكون له مشروعه الخاص بالتأليف والنشر، وتكون لديه خطط زمنية للتأليف. قضيتنا ليست بالتأليف والنشر؛ لأنه باب واسع ومتشعب، ولكن ثمة أمرا ملاحظا، متعلقا بالنشر، ويعانيه بالذات من يكتب النص الإبداعي، وتحديداً الشعر والقصة والرواية، أغلب دور النشر العربية، ترفض نشر المجموعات القصصية والدواوين الشعرية، وترحب فقط بالأعمال الروائية، وبعض دور النشر تختار من الروايات ما يمس الدين والسياسة والجنس، رغبة في التسويق والتوزيع الجيد، وفق مبدأ ما هو ممنوع مرغوب، وهذا للأسف أثر في حركة الإبداع في المملكة، فضاعت كثير من الأعمال الجيدة وسط ركام هائل من الرديء. من جانب آخر ظلمت القصة القصيرة والشعر، على الرغم من أن الأندية الأدبية تساهم في حل مشكلة النشر، وفعلاً قد ساهمت بصورة جيدة في نشر كثير من الأعمال القصصية والشعرية، ولكن، ونحن هنا نتحدث عن واقع في المشهد الثقافي السعودي، ثمة أمر مهم ألا وهو عدم وجود سلاسل الإبداع، التي من المفترض أن تشرف عليها وزارة الثقافة والإعلام، التي لها تجربة جيدة في نشر النصوص المسرحية، ضمن سلسلة "نصوص مسرحية"، نحن نحتاج إلى سلسلة تعنى بالشعر، وسلسلة تعنى بالسرد، وأعتقد أن ذلك سيخدم الإبداع في المملكة. من جانب آخر، هنالك من يسعى في طباعة ثانية لإصداراته، أغلب دور النشر العربية تطالب بالجديد، وهذا من حقهم، ولكن نلاحظ كثيرا من الكتاب العرب من يصدر طباعات متعددة من كتبهم من دور نشر مختلفة، بعض هذه الدور ترى أن الإبداع في السعودية طارئ وليس أصيلا، والكتاب ينتهي بعد إضافة رصيد من تكلفة الطباعة التي يدفعها بالطبع المؤلف، والبيع مع نشر نسخ في معرض الرياض للكتاب، قضية النشر تحتاج إلى مراجعة، ويهمنا ألا تبقى القصة القصيرة والرواية وربما الدراسات النقدية من ضحايا النشر.