أهنئ معالي الأخ أمين جدة الجديد الدكتور محمد أبوراس على الثقة التي أولاها له ولاة الأمر وأتمنى له النجاح في مهمته الصعبة أعانه الله عليها.. لقد تعاقب على أمانة جدة الكثير من الأمناء في فترة الطفرة منذ عام (95) ووفرت لهم الامكانيات الضخمة والاعتمادات بالمليارات، ففي كل فترة يأتي أمين ويذهب آخر وتبقى مشكلة المشاكل (الصرف الصحي) مكانها تراوح دون حل ولم نسمع عن الشركات التي رسا عليها تنفيذ المشروع وما تم تنفيذه وأسباب التأخير وكل أمين جديد يطلق التصريحات والدعوة بحلول سحرية ولكن في النهاية يغادر دون أن يحقق شيئاً مما وعد به.. خمسة وثلاثون عاماً مضت وآلاف المليارات اعتمدت كان بالامكان تنفيذ وبناء مدن جديدة وليس مشروعاً للصرف الصحي، المشكلة ليست بضعف الاعتمادات ولا بنقص في المواصفات الفنية ولكن تكمن المشكلة في أن كل أمين يأتي يهتم بإطلاق التصاريح والاهتمام بمخططات الأراضي والحرص على الظهور في وسائل الإعلام والجلوس داخل مكتبه ولا يعلم عما يدور خارجه وآخر علاقته بالمشاريع ينتهي عند توقيع العقود. لقد لاحظت عند زيارتي لجدة خلال الخمس السنوات الماضية وبالتحديد في طريق المدينة والذي يعتبر من أرقى مناطق جدة الاهمال الكبير في الصيانة، فالملاحظ وجود أعمدة إنارة تالفة نتيجة تعرضها للاصطدام ولم يتم تغييرها أو إصلاحها طيلة هذه السنين مع أن هناك مقاول صيانة مسؤولا، واهمال واضح في صيانة الأرصفة وعدم تقليم (تشذيب) أشجار النخيل ووجود مخالفات المباني متراكمة بجوار الطريق، أما التنافر الواضح في اشكال المباني وألوانها التي لا يربطها طراز معماري أو خط تنظيمي (فحدّث ولا حرج). ومن الأشياء التي يتندر بها الناس وسمعتها من عدة أشخاص أنه أثناء تنفيذ أول مشروع لتصريف السيول في عهد الطفرة الأولى وبعد تسليم المشروع لوحظ أنه لم ينفذ من المشروع إلا غرف التفتيش فقط كما أن بلاط أرصفة الكورنيش لم يوضع تحتها إلا طبقة رقيقة من الاسمنت وعند هطول الأمطار ذابت وانهارت الأرصفة، وآخر ما يثير الدهشة والاستغراب هو ما نشرته صحيفة المدينة بتاريخ 21/8/1431ه بالخط العريض تحت عنوان طويل يقول: (أمانة جدة: أخطاء جسيمة في تصميم جسر الستين مع فلسطين.. ومساءلة جميع المسؤولين عن المراقبة والاشراف على المشروع.. فرض غرامات على المصمم والمقاول والمشرف على المشروع) أي مساءلة وأي غرامات يا اخواني بعد أن (وقع الفأس في الرأس) وبعد انهاء المشروع الذي يعبره كل يوم آلاف من المواطنين، أليس هذا دليل صارخ على ضعف المراقبة؟ وهل يكفي في هذا العمل الاجرامي فرض غرامات؟ وهل تؤثر هذه الغرامات الضعيفة على هؤلاء المجرمين أصحاب الضمائر الميتة؟ إن أقل عقاب لهؤلاء هو تطبيق حد الحرابة بحقهم فهو أقل ما يجب في حق هؤلاء. إن أهم مسؤوليات الأمين هي رقابة المشاريع ومتابعتها على الطبيعة وإذا أردت أن تقدم لمدينتك خدمة تحمل بصماتك ويذكرك الناس بخير فأقترح عليك أن تعمل مثل ما كان يعمل والدي رحمه الله عندما استلم رئاسة أول أمانة في المملكة في مدينة الرياض عام 73ه فقد حول عمله إلى عمل ميداني واهتم بمتابعة المشاريع على الطبيعة، وكان يذهب من بيته بعد صلاة الفجر مباشرة وبرفقته بعض المسؤولين والمهندسين ويقوم بجولة على مشاريع الأمانة داخل مدينة الرياض وخارجها والتي كانت تنفذ للمرة الأولى على مستوى المملكة كمشاريع الإسكان للموظفين وإنارة الشوارع والسفلتة وسدود المياه الضخمة، ولا يعود - رحمه الله - إلى الأمانة إلا قبل صلاة الظهر بقليل وكان يضطر في بعض الأحيان إلى المبيت ليلاً عند بعض المشاريع المهمة مثل توصيل مياه الشرب إلى الرياض والذي بدأت بتنفيذه شركة (كونفكو) الأمريكية وتعثرت وانسحبت وبقي على هذا الحال لأكثر من أربعة أعوام، وكان سكان الرياض يتزودون بالمياه من حنفيات موجودة في الشوارع والتي كانت تسمى (البازانات) ويغذون بيوتهم بالليات وقد يحدث الكثير من الشجار والمشاكل بين سكان الحي بسبب التنافس على الماء، وعندما عهد إليه رحمه الله بإكمال المشروع استطاع رحمه الله توصيله لمدينة الرياض في فترة قياسية مما دعا الأستاذ الكبير محمد سعيد باعشن رئيس تحرير (صحيفة الأضواء) أن يكتب بالخط الأحمر العريض في صحيفته بتاريخ (6 ذي القعدة 1376ه) تحت عنوان: (أعيرونا خدمات فهد الفيصل) أي لمدينة جدة. وأسباب تأخر المشاريع في مدينة جدة يعود بالدرجة الأولى ليس بسبب ضعف الاعتمادات ولكن بسبب ضعف المراقبة، وإذا أردت أن تبرأ ذمتك وترضي إن شاء ربك وتكسب ثقة المسؤولين ومحبة المواطنين ويذكرك الناس بخير فاجعل جل وقتك لتفقد المشاريع على الطبيعة وأوكل تصريف الأعمال المكتبية إلى وكلائك ولا تشغلك مخططات الأراضي فهذه وراءها هواميرها، وابتعد عن الحفلات والمناسبات والأضواء وخصص لك سيارة مجهزة كمكتب يرافقك بها المسؤولون المباشرون لهذه الأعمال من مقاولين ومهندسين والمراقب الاستشاري وتقوم بجولة يومية على المشاريع ولا تعود لعملك إلا عند الظهيرة، فالرسول عليه أفضل الصلاة والتسليم يقول عن الوظائف (إنها أمانة وفي الآخرة خزي وندامة إلا من أخذها بحقها وأدى الذي عليه فيها) أو كما قال عليه السلام. اسأل الله لك التوفيق والنجاح.