إستوقفتني معلومة خبرية نشرت في هذه الجريدة العدد (17182) وكانت عبارة عن تصريح للدكتور المهندس محمد مسفر الخثعمي عضو اللجنة الإستشارية بالهيئة السعودية للمهندسين والمتخصصين في إدارة المشاريع والتخطيط الإستراتيجي, لاحظوا بماذا طالب هذا المهندس المتخصص, طالب بوضوح وشفافية إنشاء هيئة مستقلة في إدارة المشاريع الحكومية والخاصة, تكون إنطلاقتها من خلال العمل الجاد على توحيد الإجراءات الهندسية التي يتم العمل بها في مشاريعنا, وضبط مقاييس الجودة لدى جميع الجهات الحكومية, وهذا التوحيد يبدأ بإعادة ومراجعة ما يجب إعادة صياغته من العقود الحكومية مثل عقود التصميم, الإشراف, التنفيذ إلى عقود الصيانة والتشغيل المعدة في الغالب من طرف واحد هو الجهة الحكومية وجعل تلك العقود متوافقة مع العقود الدولية المتعارف عليها التي تخدم جميع أطراف العقد. لاشك أن إجراء إعادة هذه الصياغة يتطلب التنسيق مع الجهات ذات العلاقة وعلى رأسها وزارة المالية التي ظهرت (حزقرتها) المتواصلة على جميع المشاريع الهامة والتي كان أخرها ماصرح به سمو أمين مدينة الرياض عقب مشكلة أمطار الرياض الأخيرة (!!) . وقد المح الدكتور المهندس المتخصص في مجاله إن إنشاء هذه الهيئة المستقلة لا يتعارض بأي حال من الأحوال مع أي عمل من أعمال وكالات وإدارات المشاريع والتي كان أهمها ما كشفته الأمطار وغيرها من العوامل الطبيعية والإنسانية الأخرى التي أوضحت جدية هذا المطلب وهذا يقودني أيضاً إلى ما ذكره معالي رئيس ديوان المراقبة العامة الأستاذ أسامه فقيه عن أن هناك (10) أسباب وراء تعثر المشاريع الحكومية.. نعم رئيس ديوان المراقبة العامة يوضح أو بالأحرى يؤكد في نفس العدد من الجريدة أن هناك عشرة أسباب وراء تعثر المشاريع الحكومية (!!!) مؤكداً في نفس الوقت إن الديوان « ديوان المراقبة العامة « ليس من مهامه الكشف عن المتلاعبين, وإنما المراجعة المالية والمحاسبة فقط , وهذا الكلام غريب جداً ويقودنا إلى وجود فراغ في ترجمة الأدوار على أرض الواقع . يقول رئيس ديوان المراقبة في تصريحه الصحفي: إن التقرير الصادر من ديوان المراقبة يشير إلى وجود (3986) مشروعاً لم تنفذ بقيمة (6) مليارات ريال ( والكلام لا زال لرئيس ديوان المراقبة ) رفع منذ أكثر من عام إلى مجلس الشورى ونوقش وصدرت توصيات من المجلس وقد تضمن التقرير كما أوضح معاليه بإن الديوان حدد ابرز عوامل الإخفاق, وأسباب تعثر المشاريع « هذا الكلام من عام مضى « وكان من ضمن محتويات التقرير توضيح جوانب أو أعمال الهيئات العامة حالياً, بل إن دورها غالباً ما يصب في النواحي العلمية وضبط الجودة والتطلع إلى توحيد وإجراءات التقنين والمقاييس في كل ما يتعلق بالشأن الهندسي. ما رأيكم دام فضلكم.. يا من تهمه مثل هذه الواقعية هل من عمل جاد يصحح الأمور ويضعها في مسارها المعقول؟ عوضاً عن هذا التشتت والهدر المالي الخطير , إن هذا الهدر أوجد لدينا ذلك القلق المزمن في كل مشروع وفي كل يوم في كل مدينة حينما تأتي زخات المطر, وحينما تشتد الأزمات, فتتوقف المشاريع هنا وهناك ، في كل موقع وفي كل مدينة ، وقرية في كل مشروع تنموي تحرص الدولة « أعزها الله « على توفير السيولة الضخمة لتنفيذه, نجد أنفسنا بعد فترة من العمل بصدمة بأن المقاول تعثر وأعلن إنسحابه(!!) وأعلن عدم قدرته على التنفيذ وهذا يؤكد على وجود الأخطاء وتكرارها.. ونحن لا نزال نعيش كوارث الأخطاء في التنفيذ حتى الآن ، وعوامل الإخفاق وأسباب تعثر المشاريع ومنها ضعف التخطيط والتنفيذ والمراقبة الجادة في إعداد دراسات الجدوى ووضع التصاميم الهندسية والشروط والمواصفات الفنية المدروسه بعناية التي تساهم في الحد من كثرة التعديلات, وضعف التنفيذ، كما أن ضعف أنظمة الرقابة الداخلية والمتابعة والإشراف لدى كثير من الأجهزة الحكومية والمؤسسات العامة وغيرها تعد من المعوقات التي من أهمها وأبرزها عدم كفاية الإعتمادات المالية لبعض المشاريع الحيوية, ورصد إعتمادات مالية لبعض المشاريع قبل التأكد من جاهزيتها للتنفيذ وعدم توفر المقاولين المؤهلين فنياً ومالياً لتنفيذها بالمستوى المطلوب ، كما أن خطورة التساهل والتسامح والإفراط في السماح بالتعاقد مع (مقاولي الباطن) دون ضوابط فنية وقانونية كافية والسماح لهؤلاء بالعبث في مقدرات الوطن مما يؤدي إلى عدم قيام بعض الجهات الحكومية أو تهاونها في إتخاد الإجراءات النظامية في حق المقاولين المقصرين عند تأخرهم ، أو تنفيذهم السيئ للأعمال التي يتعاقدون على إتمامها .. ولكن (!!!) . وفي واقع الأمر أن هذه الأمور كانت خلاصة لما حملته ورقة العمل التي قدمها معالي رئيس ديوان المراقبة العامة في الدولة الأستاذ أسامة فقيه في الندوة السنوية السابقة حول أسباب تعثر تنفيذ المشاريع الحكومية وسبل معالجتها والتي أقيمت في معهد الإدارة العامة بالرياض, وللإحاطة إن هذه الندوة تأتي تزامناً مع بداية إنطلاقة الخطة التاسعة للدولة والتي تعتبر محطة رئيسية في مسيرة التنمية وبخاصة ما يتعلق بإستكمال مقومات التنمية المستدامة, فهل بعد تلك الشفافية من المهندس المتخصص وما أشار إليه معالي رئيس ديوان المراقبة العامة للدولة,من قول آخر(!!) أعتقد لا وألف لا. كما لا يفوتني أن أوضح بأن ما أشير إليه مؤخراً عن التقرير الذي نشر في الصحف المحليه بأن أمانة جدة أقرت وجود عراقيل أدت إلى تعثر تنفيذ (140) مشروعاً بتكلفة بلغت أكثر من مليار ريال سعودي، وذلك نتيجة قلة المهندسين والفنيين للإشراف على المشاريع . حيث حمل أحد وكلاء الأمين في أمانة جدة الأمانة مسؤولية التأخير للعديد من المشاريع التي تعاني التأخير مؤكداً أن الأمانة تحتاج إلى أكثر من (100) مهندس لتسريع وإنجاز تلك المشاريع التي تكلف الدولة المليارات (!!). هذه الأمور تحتاج إلى شفافية وتفاعل جاد من أجل الإرتقاء بمستوى مشاريع الدولة التي يجب أن يتم تنفيذها بالمستوى الذي يحقق جانبا من جوانب التنمية المستدامة . والله الموفق ..،، [email protected]