تعد المنشآت الصغيرة والمتوسطة ركيزة أساسية من ركائز التنمية الاقتصادية في المملكة، ويؤكد ذلك ان منشآت هذا القطاع تشكل ما نسبته 90٪ من اجمالي المنشآت العاملة بالقطاع الخاص وبذلك يلعب هذا القطاع دورا رئيسيا في دعم النمو الاقتصادي وتحقيق الأهداف التنموية المنشودة من خلال استيعابها الكبير (المفترض) لمخرجات انظمة التعليم المختلفة. ويقول عبدالرحمن الجريسي رئيس مجلس الغرفة التجارية الصناعية بالرياض ان المنشآت الصغيرة والمتوسطة تعتبر في بعض الدول المتقدمة المولد الرئيسي لفرص العمل ودعم الهيكلة الاقتصادية من خلال مد المشروعات الكبيرة بالمنتجات الأولية والوسيطة مما من شأنه خلق تكامل بين هذين النوعين من المشروعات يصب في النهاية لصالح الاقتصاد الوطني كما ان هذه المنشآت تقوم بدعم الناتج المحلي عند تطبيق استراتيجية دعم الصادرات واحلال الواردات، مع تنويع البدائل الاستثمارية من خلال استثمار فوائض المدخرات المحلية، وتطوير التقنية وخلق كوادر ادارية محلية لأنها تعتبر المصدر الرئيسي للابتكار والتجديد وترسيخ الخبرات الفنية، هذا بالاضافة الى جذب الاستثمارات الاجنبية خصوصا في القطع الصناعي، وأخيرا تحقيق التوازن الاقليمي والاجتماعي وذلك لقدرتها على الانتشار في اطراف المدن والقرى الصغيرة. وتواجه هذه المنشآت كما يقول الجريسي عدة صعوبات منها الصعوبات المالية كونها تعتمد على المدخرات الفردية والعائلية وافتقارها للضمانات اللازمة للحصول على التمويل المصرفي، من ناحية اخرى فهناك المشكلات الادارية مثل ارتباط المنشأة بحياة وقيام المالك بالعديد من المهام الإدارية بعيداً عن تخصصه اضافة الى ممارسة الصلاحيات بشكل مركزي، مع ضعف الاعداد العلمي والمهني للمالك وعدم دقة البيانات المالية والمحاسبية لديه، كما تعاني هذه المنشآت في بلادنا من مشكلات تسويقية كظهور صناعات ومنتجات بديلة باستمرار وبتكلفة أقل، انخفاض أو تقلب الطلب على بعض المنتجات وانعكاس ذلك على كفاءة المنشأة، عدم القيام ببحوث تسويقية وتطوير آليات التسويق والبيع بالمنشأة. اضف الى ذلك الافتقار للدعم الفني خاصة في مجال حاضنات الاعمال التي تكسب مهارات ومقومات العمل الخاص سواء لأصحاب هذه المنشآت أو العاملين بها، وتؤهل مستوى الانتاج لمطابقة المواصفات القياسية العالمية المحلية والدولية. وعن كيفية دعم هذه المنشآت يقول رئيس الغرفة: اوضحت التجارب ان رسم رؤية مستقبلية لتلك المنشآت يتطلب بداية بلورة الأركان الرئيسية للاطار التنظيمي خاصة فيما يتعلق بتحديد هوية تلك المنشآت، واقامة كيان مستقل لرعاية ودعم تلك المنشآت وادارة وتخطيط شؤونها، ويقترح الجريسي ان يستند تنفيذ هذا المحور على بناء الاطار التنظيمي لأعمال المنشآت الصغيرة والمتوسطة من خلال وضع تعريف رسمي ومحدد للمنشآت الصغيرة والمتوسطة في كل نشاط من الانشطة الرئيسية للدولة لتحديد نطاق تلك المنشآت ومن ثم امدادها بمختلف احتياجاتها واقامة كيان رسمي رفيع المستوى (وزارة أو هيئة عامة) لرعاية وادارة شؤون المنشآت الصغيرة والمتوسطة واشتراط توافر حد أدنى في المستوى الاحترافي (المهني والاداري) لأصحابها مستقبلا مع تفعيل أساليب التمويل والأدوات الاستثمارية الملائمة كمثل حث البنوك التجارية على انشاء وحدات خاصة لتمويل المنشآت الصغيرة والمتوسطة واصدار التشريعات اللازمة لتفعيل وسائل التمويل المستحدثة كصندوق المئوية وعمل برنامج كفالة تمويل المنشآت الصغيرة والمتوسطة (صندوق ضمان المخاطر) اضافة الى رفع وعي اصحاب تلك المنشآت لادارة مواردهم المالية وتنظيمها على اكمل وجه وتشجيع عمليات الاندماج لما يحققه من وفر كبير في تكاليف الانتاج والدعاية والادارة. كما دعا الجريسي الى تطوير مناهج التعليم والتدريب خاصة التطبيقي منها والتوسع في انشاء المجمعات الحرفية والصناعية وزيادة مجالات وحجم التنسيق فيما بين منشآت الاقتصاد الوطني لاعداد قاعدة بيانات وخريطة اقتصادية توضح المدخلات والمخرجات لتفعيل التكامل بينهما مع اقامة شركات لشراء مستلزمات ومدخلات تلك المنشآت بتكلفة اقل وجودة اعلى وتسويق منتجاتها بأفضل الشروط من حيث الأسعار وحجم ونطاق التوزيع وأخيراً يقول الجريسي: وايضا تطوير حجم ونوعية الخدمات الاستشارية الموجهة لأعمال تلك المنشآت وبلورتها في شكل حاضنات أعمال.