الحرص على العزائم والولائم في شهر رمضان المبارك يكاد يكون لدى بعضهم عادة موسمية تتجدد مع قدوم الشهر الفضيل، ويربطها أغلب الناس بصلة الرحم والحرص على عمل الخير، فهل تلك الولائم تأتي ثمارها حقاً بتلك الأهداف؟، أم أنها تحولت إلى مجرد عادة وشكليات يهمها عدم الانتقاد؟. تقول "سوسن الحربي" وهي أم لخمسة أبناء: "نلتقي في منزل جدي كل جمعة لنتناول وجبة الإفطار سوياً، وهذه عادة اعتدناها منذ سنوات طويلة، وأرجو ألا تتغير فلم يعد لنا لقاء عائلي سواها، والعيدين أيضاً، حيث انتشرت القطيعة بين الناس، وأصبحت صلة الرحم من أصعب الأمور التي تحتاج إلى المتابعة والاستمرار، ونجد الشهر الفضيل أنا وعائلتي فرصة عظيمة لتجديد ترابطنا الأسري". فرصة للتبذير أما "فاطمة حامد الوعلان" وهي موظفة وأم لثلاثة أطفال، فترى أن تلك الاجتماعات والولائم من المفترض ألا تتم في شهر رمضان تحديداً؛ لأنها تشغل الوقت والجهد في مظاهر شكلية لا دخل لها بالأجر والعبادة، فضلاً على أنها صارت فرصة للتبذير والمغالاة - على حد قولها - التي أفقدت الشهر الكريم مميزاته وأهدافه. وقالت: "آن الأوان أن نجعل من هذا الشهر فرصة للعبادة، ولا نخضع لما تمليه علينا العادات والتقاليد، وكذلك الزحام الإعلامي في البرامج التلفزيونية، وبالنسبة إلي لا أحبذ الولائم في رمضان، ومنذ عامين اتخذت لنفسي هذا التوجه، وما عدت أقبل دعوات الإفطار ولا أقيمها، غير أني أساهم في إفطار المسجد وتوزيع المياه على العمال والمساكين وقت الإفطار". وتعلق "فاطمة المغلوث" على موضوع (عشاء الوالدين)، قائلة: "نحن في العشر الأواخر من كل رمضان، ومنذ خمسة أعوام نعمل لوالدي ما يسمى "عشية" وهي عادة درج عليها كثير من العوائل التي فقدت أحد الوالدين، والهدف منها بلا شك الأجر والثواب للميت بطريقة تقديم العشاء من باب الصدقة، ولا يكون فيها أي إسراف بل نحاول قدر الإمكان أن نحترم نعمة الله علينا، وفي حالة لاحظنا زيادة في الأطعمة نتصل باستقبال فائض الأطعمة التابع لجمعية البر الخيرية، وبصراحة فكرتهم رائعة وتجاوبهم جميل جداً، حيث يأتون فوراً ويأخذون الفائض بطريقة سهلة وعملية، وأنصح ربات البيوت باللجوء لتلك الجمعية في حالة وجود فائض من الولائم والمناسبات". فائض الأطعمة ويعلق "وليد" وهو أحد المسؤولين في جمعية الإمام محمد بن سعود الخيرية في الدرعية، قائلاً: "حقيقة يعاني مجتمعنا عادات اجتماعية سيئة، تغالي في جميع الولائم سواء في رمضان أم في غيره، حيث نرى أنهم يقومون بعمل العديد من أصناف الأطعمة وبكثرة مع علمهم بأنها لن تؤكل جميعها ولكن من باب حب التنويع في المأكولات والتفاخر، مشيداً بدور جمعية البر في حي الشفاء بمدينة الرياض، التي تستعد لإنشاء مشروع خاص بالاهتمام بتوزيع الفائض من الأطعمة تحت اسم "بنك الأطعمة الفائضة" ويعمل على مستوى المملكة كلها. وقال:"إنه عمل جيد، ولعل بعضهم لا يعرف أن جمع الفائض من الأطعمة وتوزيعه يعد عملاً مجهداً، ويحتاج لدراية تامة ونعاني بعض الناس (هداهم الله)، حيث يقدمون الفائض بطريقة غير مقبولة، فنراه مخلوطاً أحياناً بالمناديل أو قشور الفاكهة أو بأنواع أخرى من الأطعمة بطريقة لا نستطيع معها الاستفادة منه وتقديمه للمحتاجين، وأريد أن أنوه هنا إلى أن احترام النعمة من باب الشكر عليها، والشكر عليها يحفظها من الزوال". ويثني "عيد السهلي" من قسم استقبال فائض الولائم في جمعية البر شمال مدينة الرياض على دور مشروع توزيع الفائض من الولائم في حفظ النعمة واحترامها، وقال: "يستقبل المشروع ما لا يقل عن 150-200 كيس فائض خاصة في الإجازات، وللعلم فإن الكيس الواحد يكفي ما لا يقل عن عشرين شخصاً".