بين الأَسرة البيضاء في المستشفيات الحكومية، وتحت وطأة المرض، تتولد الحاجة لوجود مرافقين مع مرضاهم يحملون لهم جانباً من الاهتمام النفسي والعلاجي، فالمرأة الحامل مثلاً قبل ولادتها وبعدها تكون في أمس الحاجة لمن يرافقها، بل ويرفع من معنوياتها ويساعدها على تلبية متطلباتها، إلى جانب الاهتمام بها صحياً إن لزم الأمر. انزعاج الممرضة تقول "لطيفة": إنني تعرضت بعد ولادتي الأولى لنزيف حاد، بسبب إصابتي بدوار شديد، وعند طلب أختي مرافقتي رفض المستشفى، بحجة أن ولادتي كانت طبيعية، وأن الممرضات هن من يقمن بملاحظتي، ونظراً لعدم تمكني من خدمة نفسي حتى في الأشياء البسيطة، فقد لاحظت انزعاج الممرضة من طلباتي، بل وأمرتني أن أعتمد على نفسي في القيام بما أريد، مضيفةً: عندما أضغط على زر النداء، فإن الممرضة لا تستجيب، وليس هذا التعامل لي فقط بل لكل الموجودات وعددهن ستة في غرفة واحدة، وما زاد من مأساتي أنهن أحضرن لي طفلتي وطلبن مني إرضاعها والاهتمام بها وقد كان ذلك فوق طاقتي، فكانت تبكي وأنا أبكي معها، وقد أثار منظري استعطاف من حولي من المريضات، فقمن بمساعدتي رغم حاجتهن لمن يساعدهن، متسائلةً: ماذا يحدث لو رافقتني والدتي أو أختي؟. عاملات النظافة! وتؤكد "عائشة" أنها لا تعلم السر وراء منع المرافقة مع المريضة رغم حاجتنا الماسة لها، فالمعروف أنه بعد الولادة تكون المرأة بحاجة لمن يرعاها ويقوم بشؤونها، ومن خلال خبرتي فأنني أعتمد بعد الله على عاملات النظافة في المستشفى لمساعدتي، مع إعطائهن مبلغا زهيدا يفرحن به، بدلاً من بعض الممرضات اللاتي يتذمرن كثيراً من طلباتنا. دورة مياه وتوضح "سناء" أنها تعرضت بعد ولادتها الثانية لنزيف حاد أدى لسقوطها في دورة المياه، ولم ينقذها بعد الله سوى إحدى المريضات معها في نفس الغرفة، حيث قامت باستدعاء الممرضة لي، ولا أعلم بحق لو لم ترني تلك المريضة كيف سيكون حالي؟، مع أن والدتي طلبت مرافقتي ولكن رُفض طلبها. أبكي وأضيق وتحكي "أم حمد" تجربتها في أحد المستشفيات وتقول: أنا امرأة كبيرة في السن أعاني ارتفاع الضغط والسكر، ما يضطر الأطباء لإبقائي فترة في المستشفى، مشكلتي وزني الزائد الذي يعيقني من النهوض من السرير من دون مساعدة، مضيفةً أن تجاهل الطبيب طلبي بالنظر في حالي واحتياجي لوجود ابنتي بجانبي، حيث إنني كنت أبكي أحياناً عندما يضيق بي الحال وأنا لوحدي. ضغوط متكررة وتقول "هناء" - ممرضة -: إننا نواجهه نحن الممرضات كثيرا من الضغوطات في أثناء أداء عملنا، وخاصة النداءات المتكررة لطلب المساعدة في الجلوس أو الذهاب إلى دورة المياه، والانتظار حتى الخروج، إلى جانب كثرة النداءات المستمرة لأمور بسيطة، وتذمر المريضات من تأخرنا عن استجابة النداء، فالأعمال الموكلة إلينا وزيادة عدد المريضات يشكل عبئا وسببا في تأخر العناية التمريضية، مشيرةً إلى أن الحل المناسب هو زيادة الكادر التمريضي، ووجود المُرافق في الحالات الطارئة فقط، فأحياناً يشكل وجود المرافق زيادة ضغط بطلباته الزائدة من أجل المريض. دعم مطلوب وتشير "د. ثريا يونس" - أخصائية نساء وولادة - إلى أهمية وجود مُرافق أو مُرافقة قريبا من المريض، يكون معه ويرافقه، ويستمد منه الدعم المطلوب لرفع الروح المعنوية، سواء كان ذلك مع كبار السن أو الأطفال أو المرأة عند ولادتها، فالمرأة تحتاج للمُرافق سواء وقت ولادتها أو بعده، نظراً لما له من تأثير بالغ ومهم، فهي في أثناء الولادة تحتاج لقريب يكون معها سواء الزوج أو الأم أو الأخت لدعمها نفسياً ومعنوياً، ومساعدتها على إتمام عملية الولادة بالشكل المطلوب، حتى بعد خروجها من غرفة التنويم، فالجميع يعلم أن هذه الغرف تحوي أعداداً كثيرة من المرضى وتشرف عليهم ممرضة لا تستطيع القيام بأعمالها على الوجه المطلوب، مشيرةً إلى أهمية وجود مُرافقة تلاحظ مريضتها وترافقها لدورة المياه لو حدث نزيف أو ارتفاع في درجة الحرارة، فأحياناً يحدث نزيف فجائي للمريضة يؤدي ل "دوار" وسقوطها، ما يستلزم التدخل السريع، موضحةً أن هناك حالات حرجة تستدعي المرافقة خاصة السيدة متكررة الحمل والولادة، التي يحدث لها نزيف في أثناء الولادة ويُخشى أن يتكرر، حيث إن الممرضة لا تستطيع القيام بالعمل مع هذا العدد الهائل من المرضى. رأي الفريق ويبين "محمد العطوي" مدير علاقات المرضى في الشؤون الصحية في تبوك، أن وجود المرافقة مع المريضة يتم تحديده بناء على رأي الفريق الطبي، الذي يحدد الحاجة لوجود المرافق، حيث إن الطبيب المعالج يقوّم الحالة ويوصي بوجود مرافقة للحالات التي تحتاج إليها، مؤكداً أن كثرة المرافقين مع المرضى يؤدي إلى إرباك العمل وإزعاج المرضى.