لي قريب تخرج في الجامعة منذ أكثر من ثماني سنوات وهو يترقب توظيفه معلماً أو موظفاً في أي مجال، وقد تم قياس قدراته وتقويمها واجتاز القياس والمقابلة مرتين متواليتين بجدارة، وبحكم أنه مضى عليه سنوات عديدة ينتظر تعيينه فقد ألغي قياسه السابق وطلب منه إعادة القياس، وحينما تقدم للمرة الثالثة أخفق في هذه المرة ليس نتيجة قصور في المعلومات بقدر الأزمة النفسية التي يتجرعها طالب جامعي يشاهد الحياة من أمامه مغرية ولكنه لا ينعم بشيء منها، بل يوضع أمامه عراقيل وعقبات؛ حتى ينال حقه، لقد أصابه الاحباط والقنوط وأصبح يبحث عن العلاج ليس من أجل تحقيق وظيفة بل من العقبات الكأداء التي تحجبه عنها وهذا القريب ليس صورة شاذة بل يشاركه كثر من الجامعيين الذين تأخر تعيينهم ثم يفرض عليهم القياس مرة تلو الأخرى، وهذا أمر عجيب أن يعاد امتحان شخص اجتاز الامتحانات بتفوق. وهذه القضية تجعلني وغيري نتساءل عن الحكمة من إعادة القياس والتقويم لطالب قد قيست قدراته وامكاناته على مدار ستة عشر عاماً وآلاف الساعات، هل من المعقول أن يكون هذا القياس الجديد أكفأ قياساً وتقويماً من تلك الساعات والسنون التي قضاها الطالب؟ فإذا كانت كذلك فلماذا لا نعتمد على مقياس واحد، ونكتفي بهذا المشروع؟ ونلغي المراحل الدراسية، ثم هل من المنطق أن نحتكم إلى قاضيين في وقت واحد؟ ثم هل سبق أن فرض على الأصحاء الأمراض وطلب منهم الفحص والتحليل؟ إذا جاز للمريض أو المتعثر في درجاته أن يفحص نفسه فليس من المقبول أن يجبر الصحيح أو الناجح للفحص إذا فعلنا ذلك فإنه يعد بكل المقاييس أمرا تعسفيا أليس كذلك! أرجو من القائمين على مركز القياس والتقويم إعادة ومراجعة الفائدة المرجوة من هذا النمط الفرضي؛ لأنه وضع العقبات في دخول أولادنا للجامعات، كما أنه خلق الاحباط في وجود فرص وظيفية أمام العاطلين، وجعل بعضهم يبحث عن مخرج من سجن القياس المتكرر الذي يلغي شهاداتهم ويقضي على كفاحهم. فالمتضررون من هذا التنظيم يتمنون ان يكتفي بامتحان واحد يعزز قبول المتخرج وظيفياً وقبول الطلاب دراسياً لا أن ينهي مستقبله، ويلغي كفاح عمره الطويل باستحداث نظام متأخر يعيدنا إلى الدول المتأخرة، ويجعل هذه القضية في حكم المضحك المبكي.