وفي المدنية المنورة قال فضيلة إمام وخطيب المسجد النبوي الشيخ حسين آل الشيخ في خطبة الجمعة: إن من أعظم مقاصد الإسلام تحقيق المحبة بين المسلمين، قال تعالى «إنما المؤمنون إخوة» ، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: «مثل المؤمنين في توادهم وتعاطفهم وتراحمهم كمثل الجسد اذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى» ، ولهذا فإنه من أصول تحقيق هذا المقصد الأسمى الحث الأكيد والحض الشديد على سلامة الصدور من الاحقاد والضغائن وتطهيرها من الغل والتشاحن، يقول الله سبحانه وتعالى واصفا عباده المؤمنين «والذين جاءوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالايمان ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا ربنا إنك رؤوف رحيم». ومضى فضيلته قائلا « إن النجاة في الآخرة والفوز بالجنة لا يكون إلا بقلب سليم من الغش والحقد ومن الحسد خال من الغل والضغينه ، يقول سبحانه «يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم» ، وقد سئل النبي عليه الصلاة والسلام عن أي الناس أفضل، قال «كل مخموم القلب صدوق اللسان قالوا صدوق اللسان نعرفه فما مخموم القلب قال هو التقي النقي لا إثم فيه ولا بغي ولا غل ولا حسد». وأشار فضيلة إمام وخطيب المسجد النبوي إلى حديث شريف عظيم الذي ينبغي أن يتخذ نبراسا للقلوب وضياء يسير الاتجاهات والإرادات في وقت تعصف بالأمة أمواج المحن والفرقة والشقاق، فعن أنس رضي الله عنه قال «كنا جلوسا مع الرسول صلى الله عليه وسلم فقال يطلع عليكم الآن رجل من أهل الجنة فطلع رجل من الانصار تنضح لحيته من وضوئه وقد علق نعليه في يده فلما كان الغد قال النبي صلى الله عليه وسلم مثل ذلك فطلع ذلك الرجل كما طلع في المرة الأولى فلما كان في اليوم الثالث قال النبي صلى الله عليه وسلم مقالته تلك فطلع ذلك الرجل على مثل حالته ففي قصة طويلة أن عبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه وعن أبيه وعن الصحابة أجمعين تبعه وبات معه ثلاث ليال وكان عبدالله يحدث أنه لم ير لذلك الرجل كثير عمل عن غيره من الصحابة إلا أنه إذا تعار وتقلب على فراشه ذكر الله وكبره حتى يقوم لصلاة الفجر ثم إن عبدالله أخبره بما قاله النبي صلى الله عليه وسلم فيه فقال عبدالله فلم أرك كثير عمل فما الذي بلغ بك ما قاله رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال ما هو إلا ما رأيت غير أني لا أجد في نفسي لأحد من المسلمين غشا ولا أحسد أحدا على خير أعطاه الله اياه فقال عبدالله هذه هي التي بلغت بك . وأوضح فضيلته أن من أخطر الأشياء على دين المسلم وعلى المسلمين جميعا أن تمتلئ القلوب على المسلمين غلا وحقدا وحسدا وغشا، قال صلى الله عليه وسلم «تفتح ابوب الجنة يومي الاثنين والخميس فيغفر الله لكل عبد لا يشرك بالله شيء إلا رجلا كانت بينه وبين اخيه شحناء فيقول الله جل وعلا انظروا هذين حتى يصطلحا»، موجها فضيلته الحديث للمسلمين أن يجعلوا شعارهم في جميع مجالات الحياة قول النبي صلى الله عليه وسلم «لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه»، فحينئذ تسعد الأمة أفرادا وجماعات . وحذر الشيخ آل الشيخ المسلمين من نقل الكلام للاخرين بما يفسد المحبة ويفرق الألفة، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم «لا يدخل الجنة قتات اي نمام» ، وتجنب الكلام البذيء والقول السيء فإن الكلمة السيئة تورث التباغض وتعكر صفاء القلوب، والله جل وعلا يقول «وقل لعبادي يقولوا التي هي أحسن إن الشيطان ينزغ بينهم إن الشيطان كان للإنسان عدوا مبينا» ، وتجنب الجدل إلا بعلم وحسن نية لله جل وعلا يحيط ذلك حسن تعبير وطيب كلام وإلا فالمراء والجدل يورث الفرقة بعد الألفة والوحشة بعد الأنس. وحذر فضيلة إمام وخطيب المسجد النبوي المسلمين على صعيد الأفراد والاعلام والمجتمعات بالكف عن الجدال الذي يورث الضغينة والحقد، كما ينبغي على المسلم أن يمسك عن كثرة المزاح فإنه يورث الضغينة ويجر الى القبيح، داعيا المسلمين أن يحسنوا الظن ببعضهم البعض ومتى وجد المسلم في قلبه على أخيه شيئا لموقف ما وجب عليه أن يخبره بالحسنى ومعاتبته باللفظ اللطيف فمن محاسن الأقوال العتاب الحسن فهو حدائق المتحابين ودليل على بقاء المودة. وذكر الشيخ آل الشيخ إن من الداء العضال في أوساط المجتمعات الإسلامية والذي يملأ الصدور غلا والقلوب حقدا داء حب الشهرة والحرص على المناصب والرئاسات، داعيا المسلمين الى ان يكونوا راضين بما أعطاهم الله فذلك مفتاح السلامة والنجاة .