دعا إمام وخطيب المسجد الحرام بمكة المكرمة فضيلة الشيخ الدكتور عبدالرحمن السديس المسلمين إلى استقبال شهر رمضان بالإخلاص وفتح صفحة جديدة للمحاسبة محذرا من الغفلة التي تجلب الندم والحسرة. وقال فضيلته في خطبة الجمعة التي ألقاها بالمسجد الحرام : إن من شرح الله صدره للإسلام ونور قلبه بندى الإيمان أستطاب العظة والتذكير ومن غفل عن ذكر الله أذاقه الباري الحسرة وسوء المصير مبينا أن الإنسان حاله عجيب كيف يؤمن بالموت ثم ينساه وكم يغتر بالصحة والعافية وينسى الموت وينسى أن وراءه هم ثقيل وينسى ورائه يوما ثقيلا، فقال العلامة أبن القيم رحمة الله : “ على قدر رغبة العبد في الدنيا ورضاه بها يكون تثاقله عن طاعة الله وطلب الآخرة “. وأكد فضيلته أن القلوب الغافلة ما أحوجها إلى المواعظ الفاعلة لتوقها عن الهفوات قبل الفوات ، لافتا النظر إلى أن من وقع في الآثام وبدأ في الخسران يومه وأمسه فليس له مع الصادقين قدر ولا مع التائبين ندم حتى يجعل للتوبة والمناجاة يدا سائلة وأن يقدم للمقام الهائل الذي يذهل فيه ويبتعد عن الأهل والأبناء والحلائل موضحا أن المصطفى صلى الله عليه وسلم سأل عن أكيس الناس وأحزن الناس فقال صلى الله عليه وسلم : “ أكثرهم للموت ذكرا ، وأكثرهم استعدادا للموت أولئك الأكياس ذهبوا إلى شرف الدنيا وكرامة الآخرة “.وقال صلى الله عليه وسلم :” من أحب لقاء الله ، أحب الله لقاءه ، ومن كره لقاء الله، كره لقاءه “. وبين فضيلته أن تلك الدعوة ليست إعراضا عن مباهج الحياة والطيبات والمباح منها وإنما هي ذكرى للتبصر بما فات وعظة للاستعداد لما هو آت وأولها هادم اللذات وأن تكون الآخرة الإرب والغاية والمراد والنهاية من متاع الحياة ومباهجها مفيدا أن ذلك هو المنهج الوسطي الحق الذي يصلح للمسلم حاله ويزكي أحواله. ودعا فضيلته إلى استقبال الشهور والأعوام باغتنام الفرص بتقديم الأعمال دون الأماني والآمال مبينا أن من كرم الله علينا بأن تفضل علينا بمواسم تنير فيها القلوب وتمحى الآلام وتعاود فيها الخشية ومنها ما نحن في سبيل استقباله ألا وهو شهر رمضان المبارك. وقال فضيلته : استقبلوا الشهر بالحمد والشكر والثناء على الباري وجدوا في التوبة والإنابة والإخلاص والإصابة وفتح صفحة جديدة من المحاسبة الصادقة معتبرين بالسابقين الراحلين عسى القلب القاسي منا يلين. وفي المدينةالمنورة قال فضيلة إمام وخطيب المسجد النبوي الشيخ حسين آل الشيخ في خطبة الجمعة أن من أعظم مقاصد الاسلام تحقيق المحبة بين المسلمين ، قال تعالى / إنما المؤمنون إخوة / ، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول / مثل المؤمنين في توادهم وتعاطفهم وتراحمهم كمثل الجسد اذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى / ، ولهذا فإنه من أصول تحقيق هذا المقصد الأسمى الحث الأكيد والحض الشديد على سلامة الصدور من الاحقاد والضغائن وتطهيرها من الغل والتشاحن ، يقول الله سبحانه وتعالى واصفا عباده المؤمنين / والذين جاءوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالايمان ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا ربنا إنك رؤوف رحيم /. ومضى فضيلته قائلا // إن النجاة في الآخرة والفوز بالجنة لا يكون إلا بقلب سليم من الغش والحقد ومن الحسد خال من الغل والضغينه ، يقول سبحانه / يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم / ، وقد سئل النبي عليه الصلاة والسلام عن أي الناس أفضل / قال كل مخموم القلب صدوق اللسان قالوا صدوق اللسان نعرفه فما مخموم القلب قال هو التقي النقي لا إثم فيه ولا بغي ولا غل ولا حسد /. وأشار فضيلة إمام وخطيب المسجد النبوي إلى حديث شريف عظيم الذي ينبغي أن يتخذ نبراسا للقلوب وضياء يسير الاتجاهات والإرادات في وقت تعصف بالأمة أمواج المحن والفرقة والشقاق ، فعن أنس رضي الله عنه قال / كنا جلوسا مع الرسول صلى الله عليه وسلم فقال يطلع عليكم الآن رجل من أهل الجنة فطلع رجل من الانصار تنضح لحيته من وضوئه وقد تعلق نعليه في يده فلما كان الغد قال النبي صلى الله عليه وسلم مثل ذلك فطلع ذلك الرجل كما طلع في المرة الأولى فلما كان في اليوم الثالث قال النبي صلى الله عليه وسلم مقالته تلك فطلع ذلك الرجل على مثل حالته / ففي قصة طويلة أن عبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه وعن أبيه وعن الصحابة أجمعين تبعه وبات معه ثلاثة ليال وكان عبدالله يحدث أنه لم ير لذلك الرجل كثير عمل عن غيره من الصحابة إلا أنه إذا تعار وتقلب على فراشه ذكر الله وكبره حتى يقوم لصلاة الفجر ثم إن عبدالله أخبره بما قاله النبي صلى الله عليه وسلم فيه فقال عبدالله فلم أراك كثير عمل فما الذي بلغ بك ما قاله رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال ما هو إلا ما رأيت غير أني لا أجد في نفسي لأحد من المسلمين غشا ولا احسد احدا على خير اعطاه الله اياه فقال عبدالله هذه هي التي بلغت بك /. وأوضح فضيلته أن من أخطر الأشياء على دين المسلم وعلى المسلمين جميعا أن تمتلىء القلوب على المسلمين غلا وحقدا وحسدا وغشا ، قال صلى الله عليه وسلم / تفتح ابوب الجنة يومي الاثنين والخميس فيغفر الله لكل عبد لا يشرك بالله شيئ إلا رجلا كانت بينه وبين اخيه شحناء فيقول الله جل وعلا انظروا هذين حتى يصطلحا / ، موجها فضيلته الحديث للمسلمين أن يجعلوا شعارهم في جميع مجالات الحياة قول النبي صلى الله عليه وسلم / لا يؤمن أحدكم حتى يحب لاخيه ما يحب لنفسه / ، فحينئذ تسعد الامة افرادا وجماعات. وحذر الشيخ آل الشيخ المسلمين من نقل الكلام للاخرين بما يفسد المحبة ويفرق ألالفة ، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم / لا يدخل الجنة قتات اي نمام / ، وتجنب الكلام البذيء والقول السييء فان الكلمة السيئة تورث التباغض وتعكر صفاء القلوب ، والله جل وعلا يقول / وقل لعبادي يقولوا التي هي أحسن إن الشيطان ينزغ بينهم إن الشيطان كان للانسان عدوا مبينا / ، وتجنب الجدل إلا بعلم وحسن نية لله جل وعلا يحيط ذلك حسن تعبير وطيب كلام وإلا فالمراء والجدل يورث الفرقة بعد الالفة والوحشة بعد الانس. وحذر فضيلة إمام وخطيب المسجد النبوي المسلمين على صعيد الأفراد والاعلام والمجتمعات بالكف عن الجدال الذي يورث الضغينة والحقد ، كما ينبغي على المسلم أن يمسك عن كثرة المزاح فإنه يورث الضغينة ويجر الى القبيح ، داعيا المسلمين أن يحسنوا الظن ببعضهم البعض ومتى وجد المسلم في قلبه على أخيه شيئا لموقف ما وجب عليه أن يخبره بالحسنى ومعاتبته باللفظ اللطيف فمن محاسن الأقوال العتاب الحسن فهو حدائق المتحابين ودليل على بقاء المودة. وذكر الشيخ آل الشيخ إن من الداء العضال في أوساط المجتمعات الإسلامية والذي يملأ الصدور غلا والقلوب حقدا داء حب الشهرة والحرص على المناصب والرئاسات ، داعيا المسلمين الى ان يكونوا راضين بما أعطاهم الله فذلك مفتاح السلامة والنجاة.