إن أمر خادم الحرمين الشريفين بوقف التنقيب عن النفط حالياً هو قرار حضاري للأجيال القادمة. هذه الخطوة الحضارية توجه أنظارنا إلى الثروة الشمسية التي فرطنا كثيراً في عدم الاستفادة منها، وهي الثروة التي «تهطل» على بلادنا على مدار العام. ثروة شمسية تقول لنا يومياً وفروا الثروة النفطية التي تكوّنت عبر ملايين السنين للأجيال القادمة وللصناعات البتروكيماوية المتطورة والمتنوعة. طاقة شمسية ظلت تنزل على الأرض على مدى الملايين من السنين، وسوف تستمر كذلك حتى تطلع الشمس من مغربها. يمكن تحويل المساحات الشاسعة من صحاري الوطن إلى حقول لإنتاج الطاقة الكهربائية على مدار العام تقريباً، وبالتالي نوفر ثروات نفطية للأجيال القادمة، كما نوفر النفط المحترق للصناعات البتروكيماوية المبتكرة، ناهيك عن تصدير كهرباء الطاقة الشمسية إلى دول أخرى عن طريق مد الكابلات في المياه البحرية. ربما يفاجأ القارئ العزيز إذا عرف عن حقيقة علمية تقول: إن الطاقة الشمسية التي تهطل على بلاد الحرمين الشريفين خلال سنة واحدة فقط تفوق الطاقة الموجودة في احتياطات البلاد النفطية المكتشفة!! هذه الحقيقة العلمية تؤيد أمر الملك عبدالله بن عبدالعزيز لتبقى ثرواتنا النفطية التي لم تكتشف في باطن أرض الوطن للأجيال القادمة. إن محطة الطاقة الشمسية بقوة 2 ميجاوات الموجودة على سطح جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية هي نموذج حديث للاستفادة من الطاقة الشمسية المتجددة. وبدأت العديد من الدول الاستثمار في هذا المجال. فعلى سبيل المثال، شرعت دولة المغرب الشقيقة بإنشاء خمس محطات للطاقة الشمسية، وسوف توفر تلك المحطات حوالي عشرين في المائة من احتياجات الطاقة للمغرب. وتتعاون ليبيا الشقيقة مع ايطاليا من أجل تزويدها بالكهرباء المنقولة عبر الكابلات البحرية من محطات الطاقة الشمسية الليبية. كما أن حوالي 7٪ من استهلاك الصين للطاقة تتم من محطاتها للطاقة الشمسية، وفيها من أكبر المحطات للطاقة الشمسية في العالم، ومن المعروف علمياً أن أي قمر صناعي أو جهاز فضائي أو محطة فضائية مأهولة بالرواد تستمد طاقاتها الكهربائية من الشمس.. وآمل تصنيع بعض سيارات غزال السعودية للسير بالكهرباء المخزنة ببطاريات تشحن من الشمس الساقطة على السيارة. من الحقائق العلمية تسخيرالكهرباء من الطاقة الشمسة لإنتاج غاز الهيدروجين الموجود في الماء الذي نشربه. وبالتالي يمكن تخزين غاز الهيدروجين في صهاريج ثم ينقل إلى المولدات التي تنتج الكهرباء عن طريق احتراق غاز الهيدروجين، وينتج بخار الماء عند احتراق هذا الغاز، وبالتالي فهو صديق للبيئة، إلى جانب أن بخار الماء مفيد بيئياً للمدن والقرى في المملكة التي تعاني من قلة الرطوبة في الأجواء. جاء في كتاب «آلاف السنين من الطاقة» من تأليف فلاديمير كارتسيف وبيوتر خازانوفسكي وترجمة محمد غياث الزيات قول المؤلفين: إن الهيدروجين الناتج من تحليل الماء كهربائياً «هو وقود المستقبل برأي علماء كثيرين» لأنه يمكن استخدامه في أي وقت. وتوجد في اليابان قطارات كهربائية تستمد طاقتها الكهربائية من مولدات تُدار عن طريق حرق غاز الهيدروجين، ولذلك آمل أن يستمد قطار الحرمين وقطار المشاعر طاقاتهما الكهربائية من احتراق الهيدروجين الصديق للبيئة والذي يمكن إنتاجه في منطقتي مكةالمكرمة والمدينة المنورة إلى ما شاء الله. آمل من المخططين للكهرباء وتحلية المياه على مستوى الوطن أن تتحول المملكة مستقبلاً لتصبح من أكبر المنتجين للطاقة الشمسية بأنواعها المختلفة، وبالتالي نحول صحارينا القاحلة، ومن ضمنها الربع الخالي، إلى حقول تستثمر فيها الطاقة الشمسية بطرق متنوعة ومبتكرة. وبمناسبة ذكر الربع الخالي، فإن في طبقاته الأرضية مياهاً جوفية، وهي مياه مخزنة فيها منذ أن كانت الجزيرة العربية مروجاً وأنهاراً قبل آلاف السنين. فالمياه الجوفية تحت صحارينا هي ثروات غالية لإنتاج غاز الهيدروجين منها. وإذا كان الهيدروجين يستخدم في إدارة المحركات الكهربائية فهو أيضاً يستعمل كوقود في بعض الصواريخ التي تضع المركبات في أفلاكها الفضائية.