مثلما يَشغل "مونديال كأس العالم" مجالس الرجال، من خلال تبادل الأحاديث حوله، أو متابعة التفاصيل المتجددة عبر وسائل الإعلام، يشغل كذلك المجالس النسائية التي تجتمع فيها السيدات وإن اختلفت الموضوعات، حيث تتبادل الزوجات الشكاوى بسبب عدم توفير أزواجهم لبعض الطلبات المنزلية؛ نظير انشغالهم بمتابعة المباريات؛ بل ربما أدى ذلك من وجهة نظرهن إلى توقف الكثير من الخطط الصيفية، في حين بدت أخريات غير مباليات؛ على اعتبار أن ذلك يعتبر فرصة سانحة للتسوق؛ وقضاء أطول وقت ممكن مع الصديقات دون اعتراض من الزوج؛ أو إبدائه أي نوع من الضجر. في البداية توقعنا أن تأخذ آراء السيدات منحى عدم الرضا، أو على أقل تقدير اعتراضات بسيطة على أزواجهن الذين تفرغوا لمتابعة أحداث المونديال، متجاهلين الكثير من أمورهم العائلية والأسرية، ولم نكن نتخيل أن يصل الأمر إلى درجة وصفت بها إحدى الزوجات المقهورات كأس العالم ب"الضرة" التي تشاركها اهتمام زوجها. كابوس مزعج تقول "العنود القحطاني" معلمة: أشعر أن هذا الكابوس استحوذ كثيراً على اهتمامات زوجي، فهو لا يعود أصلاً من عمله إلا في فترة العصر؛ ثم ذهابه إلى أصدقائه لمتابعة مباريات كأس العالم، وعندما يعود مساء يكمل متابعة البرامج التي تقوم بتحليل المباريات، كما أنه لا يرد على أي عبارة أو موضوع للنقاش، مشيرةً إلى أنها اكتشفت أنه من المتعصبين لكرة القدم وبالذات كأس العالم بدرجة كبيرة؛ وأنه من المشجعين لهذه اللعبة لدرجة أنه خيرني بين أن أذهب أنا وطفلي إلى أهلي حتى ينتهي المونديال، أو أجلس في البيت ولا أُحدث أية مشاكل؛ فهو الآن مشغول بحدث مهم وحدث تاريخي -على حد تعبيره- لا يمكن تجاوزه، مضيفةً: لقد كرهت كرة القدم وكرهت فكرة كأس العالم من أساسها. حالة طوارئ وقد يكون من منظور بعض الأزواج أن هذه "المناسبة المونديالية" التي تأتي كل أربع سنوات؛ من الأجدى أن يتفرغ لها الشخص ويخصص جل وقته في متابعتها؛ وهذا ما درج عليه زوج "هند الجهني" الموظفة؛ حيث تقول: استطاع زوجي أن يأخذ إجازة عارضة من العمل؛ لكي يجلس في البيت لمتابعة كأس العالم، وكنت أعتقد أن هذه الإجازة من أجل اختبارات الأبناء، مؤكدةً أن مونديال كأس العالم قد شكل بالنسبة لهم في المنزل "حالة طوارئ" جَند لها زوجها كافة وقته، وأعد لها كل ما هو مستطاع، فقبل الحدث بوقت كاف رتب أجهزته، واشترك لمشاهدة المباريات، ثم قام بتجميع ترتيب المباريات وجدولتها بتوقيت المملكة، ولم يقف الأمر عند ذلك بل حتى مواعيد نومه قام بترتيبها حسب جدول المباريات؛ لدرجة أنني أحسست بأنني أعيش مع "ضرة". من أجل يومين شكوى هند لم تكن من الحبس فقط ولكن بسبب كثرة المصروفات التي أنفقها زوجها بسبب المونديال، حيث تقول: أنفق زوجي مبالغ ضخمة؛ لكنه يتهرب من الإجابة عندما أسأله عن التكاليف؛ فقد جهز المجلس بالكثير من أدوات المشاهدة؛ واشترى شاشة تلفزيون ضخمة ثلاثية الأبعاد؛ وجهاز ""DVD لتسجيل المباريات الهامة، فضلاً عن عدد من النظارات الخاصة بالجهاز وغيرها، وكلها أشياء استنزفت قدراً كبيراً من المال من أجل يوم أو اثنين سيحضر فيه الأصدقاء لمشاهدة المباريات لدينا. ساعدت صديقتي ويبدو أن هناك بالفعل مبالغة من جانب بعض الأزواج؛ لدرجة خوف الزوجات من افتعال المشاكل بسبب المونديال؛ حيث تقول "أم سعود العرج" ربة منزل: الحمد لله أن زوجي ليس بالشكل الذي أسمع عنه، فهو يشاهد المباريات إن سمحت الظروف، لكن ليس على حساب أي التزام عائلي؛ فهو أصلاً لا يهتم كثيراً بالكرة، مشيرةً إلى أن صديقتها تعاني كثيراً من زوجها؛ فهو "مهووس" بكرة القدم، ويتابع كل المباريات المحلية ومباريات الأندية الأوروبية، وقد عبرت عن خوفها من هذا المونديال؛ على اعتبار أنها أول مرة تصادف كأس العالم؛ فهي متزوجة منذ حوالي 3 أعوام، وتخشى كثيراً من حدوث مشكلات فيما بينهما، لكنني نصحتها أن تتحمل انشغال زوجها عنها، وقلت لها: إن الأمر لا يعدو أكثر من عدة أيام تأتي كل أربع سنوات، ولا داعي لافتعال المشاجرات بسببه، وإذا كانت هذه هواية الزوج وشيئاً يحبه فلا داعي للعناد، وعليها التعامل بذكاء مع الأمر، مضيفةً الزوجة الأكثر ذكاء هي من تستطيع أن تقلب الموقف لصالحها؛ فيمكنها أن تبدي الاهتمام والمتابعة؛ بل وتشارك زوجها مشاهدة بعض المباريات ومناقشته فيها؛ حتى يشعر أنها مهتمة به وتحترم اهتماماته. ألغى السفر وأبدت "مرام محمد" انزعاجها من قرار زوجها الرامي إلى حرمانهم من السفر في الاجازة الصيفية؛ فزوجها المولع بمباريات كرة القدم لا يستمتع بالمشاهدة إلا مع أصدقائه، وبالتالي اتخذ قراراً منفرداً بإلغاء سفرة صيف هذا العام؛ مما أصابنا بالاحباط؛ حيث كنا نمني النفس بالسفر إلى بلد آخر لتغيير الأجواء؛ وذلك بعد مرور عام كامل متعب، وكنا نعد العدة لذلك ونخطط لهذه الفترة كما اعتدنا، لكن فجأة وبدون تمهيد وبكل بساطة؛ قرر زوجي إلغاء السفر، وعندما سألته عن السبب؛ أرجع ذلك إلى مباريات كأس العالم التي ستستمر طوال شهر كامل، وعندما قلت له: إن "القنوات الفضائية" متوفرة في كل مكان نذهب إليه ولن تفوته أية مباراة؛ رد بقوله: لكنني اتفقت مع أصدقائي على متابعة المباريات بشكل جماعي في مجالسهم، وأن المشاهدة لن تكون ممتعة إلا بهذا الشكل.